سياسة

الراعي في الشعانين: لبنان طوى صفحة الحرب ويطوي صفحة الخروج عن الشرعية لكن لا يكفي

الاحداث- ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس أحد الشعانين على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي "كابيلا القيامة "، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، امين سر البطريرك الأب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان_حريصا الأب فادي تابت، الأب جورج يرق، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور حشد من الفاعليات والمؤمنين. 

بعد الإنجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان:" هوشعنا مبارك الآتي باسم الرب ملكنا" قال فيها: "هوشعنا، مبارك الآتي باسم الربّ، ملكنا" (يو 12: 13)، قال فيها: "يسوع في أورشليم لآخر مرّة قبل موته فاديًا ومخلّصًا البشريّة جمعاء. يدخل أورشليم ليموت فيها، مختتمًا حياته العامّة التي اختتم فيها رسالته الخلاصيّة تعليمًا وأفعالًا وآيات. كانت أورشليم تغصّ بالجماهير الذين توافدوا للإحتفال بعيد الفصح اليهوديّ بعد ستّة أيّام. ولذلك استقبلوه عفويًّا بمثابة ملك، وراحوا يهتفون كبارًا وصغارًا وأطفالًا، حاملين أغصان النخل والزيتون: "هوشعنا، مبارك الآتي باسم الربّ، ملكنا" (يو 12: 13). وتعني لفظة هوشعنا: "يا ربّ خلّصنا". عيد الشعانين هو عيد الأطفال. يحملون الشموع المزيّنة بأغصان الزيتون للدلالة على إيمان نورهم، وعلى روح السلام في قلوبهم. فإنّا نهنّئهم بعيدهم وبأثواب العيد الجديدة. ونحمل بصلاتنا الأطفال الفقراء الذين يحرمون بهجة العيد، راجين أن يكون شخص المسيح عيدهم، الذي يخاطب قلوبهم بحبّه. يسعدني أن أرحّب بكم جميعًا وبخاصّة بالأطفال وأهلهم، للإحتفال بهذه الليتورجيا الإلهيّة، وتبريك أغصان الزيتون علامة السلام الآتي من "المسيح الذي هو سلامنا" (أفسس 2: 14). ونلتمس سلام المسيح في قلوبنا، فنتمكّن من نشره في عائلاتنا ومجتمعنا ووطننا. في ختام هذا القدّاس، نسير بتطواف بأغصان الزيتون التي نباركها، مع أطفالنا وشموعهم، إعلانًا بأنّنا نؤمن بسلام المسيح، ونلتزم بصنعه وبالشهادة له في حياتنا وأفعالنا وأقوالنا".

وتابع: "نادى الشعب بيسوع ملكًا يعطي الخلاص. مملكته روحيّة لا سياسيّة ولازمنيّة. أورشليم ليست مدينة الأرض، بل مدينة الله أي الكنيسة، أورشليم الجديدة. ملوكيّته هي شموليّة الخلاص للبشريّة جمعاء، وهي شهادة للحقيقة، حقيقة الله والإنسان والتاريخ. في معرض كلامه عن التزام المسيحيّين السياسيّ، في الإرشاد الرسوليّ: رجاء جديد للبنان، دعا القدّيس البابا يوحنّا بولس الثاني المسحيّين، للعيش بموجب هويّتهم الجديدة، التي نالوها بالمعموديّة، فأصبحوا بفضلها مشاركين في ملوكيّة يسوع المسيح، ليشهدوا بأعمالهم ومواقفهم الصالحة للحقيقة والمحبّة. عليهم أن يبثّوا روح الإنجيل في الشؤون الزمنيّة، بحيث يلتزمون بخدمة الشخص البشريّ والمجتمع، من خلال نشاطاتهم السياسيّة والاقتصاديّة والإداريّة والقضائيّة والثقافيّة. على هذا الأساس يتمّ انتخابهم في المجالس البلديّة والاختياريّة والبرلمانيّة وفي النقابات والسلطات العليا، لكي يشاركوا في ملوكيّة المسيح، ولكي يتّصفوا بالزهد الروحيّ والتجرّد، وبتقدمة الذات والتفاني في خدمة المحبّة والحريّة والعدالة، وفي إرساء أسس السلام والأخوّة الاجتماعيّة (الفقرة 113). اليوم 13 نيسان 2025 يصادف مرور خمسين سنة على ذكرى اندلاع الحرب الأهليّة في لبنان (1975-2025) التي مزّقت حياتنا وطفولتنا وشبابنا، وشوّهت علاقاتنا بلبنان وببعضنا البعض. "طوى لبنان صفحة الحرب الأهلية واليوم يطوي صفحة الخروج عن الشرعية ومحاربتها، لكنّ طيَّ الصفحات لا يكفي. لا بدّ من قراءة الوقائع التي أوصلتنا إلى هذه الحال والتعلم منها لأنّ من لا يفهم أخطاءه يكررها ولا وقت للتكرار بعد اليوم لأنّ لبنان يحتاج مستقبلًا يليق بتاريخه. لذلك لا بد من إعادة دراسة ما حصل والتصالح والتصارح حتى نتخطى هذه المرحلة تماماً كما نجحت بلدان أخرى في ذلك." (راجع عمر حرفوش في نداء الوطن، السبت 12 نيسان 2025: 50 عاماً: تنذكر وما تنعاد!"). هذه تسمّى تنقية الذاكرة".

وختم الراعي: " لنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، لكي نفتح قلوبنا لإستقبال المسيح، فندخل معه أسبوع آلامه وموته وقيامته، ونحقّق عبورًا روحيًّا معه، مائتين عن خطايانا، وقائمين معه لحياة جديدة، حياة النعمة. فنرفع المجد والتسبيح للآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

بعدها، بارك الراعي أغصان الزيتون وأقيم زياح الشعانين، حيث حمل الأطفال الشموع واغصان الزيتون، مرددين" هوشعنا في الاعالي مبارك الآتي باسم الرب".