باسيل: الحرب لن تقود إلا إلى خسارة لبنان إذا استمرت الفتنة
الاحداث - شدّد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، اليوم السبت، في خطاب له بذكرى 13 تشرين، على أنه "لا يجب أن نقبل بتقديم تنازلات على حساب القرار السيادي للدولة، ويجب المطالبة بتنفيذ فعلي للقرار 1701 من الجانبين الإسرائيلي واللبناني. حان الوقت للبنانيين أن يختاروا مصالح لبنان على حساب مصالح أي محور، بعد أن ظهر وثبت أن بعضها أصبح إلى حد بعيد متناقضًا مع المصلحة اللبنانية".
ولفت باسيل إلى أن "إطالة أمد الاحتلال تعني نزوحًا مستدامًا في الداخل اللبناني، المكتظ أساسًا بالنازحين واللاجئين. وهذا يضرب الاستقرار الداخلي ويساهم في تفكك إضافي لبنية الدولة، وأي احتلال إسرائيلي مستدام يحوّل لبنان إلى ساحة مفتوحة يتجمع فيها مقاتلون من فلسطين وسوريا والعراق واليمن وإيران وصولًا إلى باكستان وأفغانستان، وكل ذلك على حساب الدولة الوطنية والاستقرار الدائم".
كما أضاف، "أي احتلال إسرائيلي مستدام لأي بقعة من لبنان ليس في مصلحة تأمين استقرار مستدام على الحدود اللبنانية، ولا يساعد في فصل لبنان عن المحاور الإقليمية، بل يكرس الواقع اللبناني كجبهة مواجهة مسلحة ضد الاحتلال".
وتابع باسيل، "ان أخطر ما تقوم به إسرائيل هو محاولة احتلال أراضٍ لبنانية. بالتأكيد، نتكل على بسالة الشباب المقاومين الذين يستشهدون لمنع ذلك. ولكننا ننبّه المجتمع الدولي إلى أن الاحتلال يشرّع كل سلاح، حتى وإن كان خارج إطار الدولة والاستراتيجية الدفاعية التي نريدها، بأهداف لبنانية وبقيادة الدولة، وغير مرتبطة بمحاور".
وحمّل رئيس التيار "الأجهزة العسكرية والأمنية، وحتى الناس، مسؤولية الحفاظ على أمن جميع اللبنانيين ومنع أي فتنة بين الضيوف الأحباء وأبناء المناطق التي استقبلتهم"، مشيراً إلى انه "سنستمر في رفع الصوت لفضح المؤامرات التي تنتظر على رصيف التاريخ، ولن نسمح لهم بجرّ لبنان والمسيحيين إلى أوهام جديدة ومغامرات مكلفة وخاسرة".
وسأل باسيل: "هل يعقل أن يكون كل ما يحدث لا يدفع البعض إلى استعجال قيام سلطة دستورية ميثاقية تقود اللبنانيين في مواجهة الحرب وتفاوض باسمهم للتوصل إلى حلول مشرّفة؟ ان أكثر ما يؤلمني هو قلة إدراك عدد كبير من السياسيين لحجم المسؤوليات الملقاة علينا لإنقاذ بلدنا".
وأردف، "توجد أمور كثيرة تحزنني في هذه الحرب، على رأسها خسارة قائد استثنائي مثل سماحة السيد حسن نصر الله، واستشهاد وجرح آلاف اللبنانيين، وتشريد مئات الآلاف منهم".
باسيل قال انه "يمكن أن يتوج كل ما سبق باتفاق لبناني إقليمي دولي يؤمّن الحماية والاستقرار للبنان، على قاعدة تحييده عن الصراعات وتعزيز سيادته واستقلاله. ويتحصّن كل ذلك بوحدة وطنية ترسم للبنان دوره المستقبلي، بحوار يرأسه رئيس جمهورية تعاونه حكومة إنقاذ موثوقة من مجلس نيابي يعمل على إصلاح الدولة".
كما أشار إلى أن "البديل هو دولة قادرة على استجماع عناصر القوة المتبقية لدى المقاومة، وتعزيزها بجيش قوي يوافق المجتمع الدولي على تسليحه، مدعومًا بقرار دولي جديد لوقف إطلاق النار، مبني على القرار 1701، ولا يزال تعديل ميزان القوى ممكنًا من خلال منظومة بديلة عن قوة الردع التي فقدتها المقاومة. البديل هو الدولة اللبنانية الأصلية".
رئيس التيار أوضح أن "إسرائيل، ومن معها أو من ينتظرها في الداخل، وبدأت تشعر بفائض القوة، يخطئون التقدير إذا اعتبروا أن حزب الله فقد نهائيًا القدرة على الدفاع عن أرض لبنان. لكن، صار واضحًا أن إيران لا تعتبر لبنان جزءًا من أمنها القومي، وإذا كان القضاء على حزب الله خطًا أحمر لا تسمح به، إلا أنها، رغم كل ما حدث، لم تتورط بعد في حرب مباشرة لوقف تدمير لبنان، ولن تعرّض أمنها القومي وبرنامجها النووي لخطر التهديد من إسرائيل وأميركا معًا".
وأضاف، "فجأة، وجد لبنان نفسه من دون الحماية التي تأمّنت له بعد عام 2000 أثناء التحرير، وترسخت عام 2006 بعد حرب تموز. لقد فشل قرار وحدة الساحات في حماية لبنان، الذي أصبح مكشوفًا من دون أن تدافع عنه أي دولةٍ من محور الممانعة".
وتابع باسيل، "نريد رئيسًا يجمع اللبنانيين ويعيد وصل لبنان بكل الأمم، عربية وخليجية وغربية، ويقود عملية إصلاح حقيقية في النظام والاقتصاد والمال، رئيس موثوق يعيد إعمار الحجر وإعادة الثقة بلبنان، نريد رئيسًا يدعو جميع اللبنانيين في مشهد جماعي، لا ثنائي ولا ثلاثي ولا رباعي، يدعوهم إلى وقف الحرب دون استسلام، فالاستسلام لا يصنع السلام. نحن مع وقف الحرب، لا الاستسلام، نريد رئيسًا يعمل على جعل لبنان منصة غاز ومعبر بضائع، بدل أن يكون منصة عنف ومعبر مقاتلين".
وأردف، "نريد رئيسًا يعرف أن التحدي يكمن في حماية وحدة لبنان والتصدي لمحاولات عزل مكوّن لبناني، فنحتمي ببعضنا من الأخطار، لا أن نتفرج ونضحك على آلام بعضنا، ونحمي وطننا تحت سقف الدستور ووثيقة الطائف، نحتمي بالشرعية الدستورية، وليس بالعودة إلى شريعة الميليشيات".
ولفت باسيل إلى انه "نريد رئيسًا يدرك أن مأساة نزوح أكثر من مليون لبناني هي فرصة لعودة ما يزيد عن مليون نازح سوري إلى بلده، بعد أن عاد أكثر من 330 ألفًا حتى الآن دون عائق لبناني أو سوري أو أممي، نريد رئيسًا يفهم كيف يحوّل هذه الحرب المدمرة إلى فرصة لاستعادة الدولة القوية، فلا يقوى عليها أي فريق داخلي، ولا يستقوي عليها العدو الإسرائيلي".
كما قال: "نحن مع انتخاب رئيس لا يحاول أحد فرضه علينا تحت ستار انتصار إسرائيل على لبنان، فإسرائيل لم ولن تنتصر، ولا يمنعه أحد أيضًا تحت ستار أن المحور لم يحقق بعد ثمار ما دفع في هذه الحرب، فالمحور لن يستطيع تحقيق ذلك في هذه الظروف".
وشدّد على ان التيار "سيتواصل مع كل الدول الفاعلة للمساعدة في إغاثة شعبنا المهجر، وللضغط نحو قرار دولي بوقف إطلاق النار، ولتأمين دعم خارجي للحفاظ على لبنان، ونحن في التيار، نؤمن بوحدة لبنان الكبير وبدولة على رأسها رئيس يجمع كل اللبنانيين. سنبحث عنه بالتواصل مع كافة الكتل النيابية للبحث في أسماء المرشحين لنرى على من يتقاطع اللبنانيون اسمًا جامعًا".
وتوجّه باسيل للذين يراهنون على الاحتلال من جديد، بالقول: "التاريخ لن يعود إلى الوراء، وإذا عاد فتذكروا كم كانت النهاية مؤلمة، والخسارة كبيرة وامتدت بالزمن وطالت الجميع. نحن لسنا عملاء بل وطنيون، وما من أحد يتوهم أنه قادر بملاقاة الاحتلال ليفرض أجندته التقسيمية. فلنأخذ عبرة من الماضي".
وأردف، "كم كشفت هذه الحرب من نفوس ضعيفة تستهويها الخيانة، وهي مستعدة لأن تهلل للمعتدي وتبشر بالاحتلال وتروج لمؤامرة تهجير قسم من شعبنا إلى الخارج، كم كشفت هذه الحرب وتكشف من تجار مستعدين لبيع الهيكل، وللمساومة على السيادة، وللتخلي عن الأرض مقابل وعود أو أحلام أو أوهام بالموقع الأول في السلطة".
وختم باسيل متسائلاً: "ألا يكفي ما وصلنا إليه ليقتنع البعض أنه من دون الدولة لن يستطيع أن ينتصر، وأن الهزيمة أمام إسرائيل ليست خسارة لحزبه وحده، بل هي كارثة على لبنان الوطن والشعب؟ هل من المقبول أن تكون هناك جهات لا تكترث بإضعاف صمود اللبنانيين بمنع انتخاب رئيس إلا بعد وقف إطلاق النار، وهم يعرفون أن نتنياهو لا يرضى بوقف إطلاق النار قبل تحويل لبنان إلى غزة أخرى؟ وأن إسرائيل لا تريد السماح الآن بانتخاب رئيس جمهورية، وقد تسعى لمنعه بعدوانها؟".