دوليات

لنفكّر هذا الميلاد في المسيحيين المضطهدين ...

الاحداث- كتب مطران الكنيسة الكاثوليكية في نيويورك الكاردينال تيموتي دولان ورئيس مجلس إدارة منظمة "الدفاع عن المسيحيين" الأميركية توفيق بعقليني  افتتاحية "وول ستريت جورنال" وجاء فيها:

"للمرة الاولى في حياتهم، ولربما في تاريخ الولايات المتحدة الاميركية لم يذهب عشرات الملايين من الأميركيين، منذ أشهر، إلى كنائسهم للصلاة والعبادة. لكن هذه الحال هي أمر واقع مؤلم للملايين من المسيحيين المضطهدين في أرجاء العالم، والذين لا يستطيعون الذهاب الى كنائسهم التي لم تعُدْ موجودة في أحيان كثيرة. 

تحتلّ فكرة الاضطهاد موقعًا أساسيًا في قصة ميلاد مخلصنا يسوع المسيح، حيث أجبرت العائلة المقدسة على ترك موطنها الام بسبب القمع الذي مارسته الامبراطورية الرومانية على تلك الانحاء والأوامر التي سعت الى فرضها. 

وكمواطن في دولة عظمى، يشعر بتفاعل صناع القرار في الولايات المتحدة الاميركية مع مواطنيهم، فإنني معني جدًّا بالتضامن مع المسيحيين المضطهدين والوقوف إلى جانبهم ومناصرتهم. لقد تحققت إنجازات كثيرة خلال العام 2020 ما يثبت أنّ الحكومة الأميركية تتجاوب مع حملات المناصرة. وخلال تشرين الثاني الفائت صوّت مجلس النواب الاميركي بالاجماع على قرار يدعو الإدارة الأميركية الى الاستمرار في تقديم الدعم والمساعدة الإنسانيّة إلى المسيحيين، والأزيديين والأقليّات الأخرى التي نجت من المذابح التي ارتكبتها "داعش" في العراق وسوريا. ويعود الفضل في ذلك إلى التعاون بين حزبي الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس فصلاً عن مساعدة إنسانيّة بقيمة 330 مليون دولار أميركي أشرف عليها نائب الرئيس مايك بينس. 

كما وتعاونت وزارة الخارجية الاميركية خلال الشهر الفائت ايضاً مع حكومة بولندا على استضافة المؤتمر الوزاري السنوي الثالث لتعزيز الحرية الدينية. مع الاشارة إلى أنّ هذا المؤتمر الرفيع المستوى وفّر وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية منبرًا دوليًّا للحكومات وهيئات المجتمع المدني للتعبير عن الحقّ في ممارسة الحريّة الدينية، وهي من الحريّات الانسانية الاساسية. 

شكّل العام 2020 تحديات غير مسبوقة بالنسبة المسيحيين المضطهدين في مختلف أنحاء العالم، واستناداً الى الدكتور غريغوري ستانتون من منظمة " جينوسايد ووتش" (رصد المذابح)،فلقد قتل هذا العام إكثر من 27 الف مسيحي على يد قبائل "الفولاني" وإرهابيي "بوكو حرام" والميليشيات الاسلامية الاخرى في نيجيريا، وهذا الرقم يتجاوز عدد ضحايا "داعش" في سوريا والعراق. في حين يُمنع أكثر من مليون مسيحي في السعودية من ممارسة شعائرهم، وكذلك في إيران التي تمارس أقسى أنواع القمع والسجن والاضطهاد ضدّ الايرانيين الذين يعتنقون الديانة المسيحية. أما في الصين، فيتعرض أكثر من مليون مسلم من "الايغور" للقمع في مخيّمات التعذيب، في موازاة إقفال الكنائس المسيحية وقمعها في مختلف أنحاء البلاد.  

وبالانتقال الى لبنان الذي وصفه القديس البابا يوحنا بولس الثاني بأنه "اكبر من بلد... وبأنه رسالة الى العالم"، والذي لا يزال يضم نسبيًّا أكبر عدد من المسيحيين في الشرق الاوسط ، فهو يواجه خطر التحول الى دولة فاشلة. وتبقى الإشارة إلى أنّ تفاعل الولايات المتحدة الاميركية مع انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الفائت والازمة الاقتصادية – السياسية يجب أن يستجيب للحاجات الانسانية للشعب اللبناني والعمل على القضاء على الفساد في صفوف الطبقة السياسية. 

يمثل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تهديدًا وجوديًّا للمسيحيين في الشرق الاوسط، ولقد شاهد العالم والمسيحيّون الارثوذكس خصوصاً وبألم كبير كيف قام اردوغان بتحويل كاتدرائية آيا صوفيا وكنيسة الشورا الى مساجد غير مكترث لمشاعر المسيحيين في كلّانحاء العالم. 

وقامت الميليشيات المدعومة من تركيا بقمع الأرمن المسيحيين في آرتساخ (ناغورنو كاراباخ)، والسّريان المسيحيين وغيرهم ممن نجوا من المجازر التركية في مطلع القرن العشرين، وعلى الولايات المتحدة الاميركية أن تردّ على هذه الاعتداءات. ورغم أننا في مرحلة انتقالية، فإننا نتمنى أن يبادر الرئيس المنتخب بايدن واستنادًا الى الانجازات التي حققتها إدارة الرئيس ترامب وخصوصًا لجهة تقديم المزيد من الدعم الى الناجين من المجازر ووضع الحرية الدينية على المستوى العالمي في صدارة اولويات الولايات المتحدة وسياستها الخارجية.  

وندعو الرئيس المنتخب بايدن إلى الإفادة من الثغرات التي حصلت في عهد إدارة الرئيس ترامب وخصوصًا لجهة الفشل في مواجهة تركيا وسياساتها المدمرة.

نهاية، يجب ألا نتقاعص أبداً في مواجهة الصعاب التي تعترض مسيرة الحرية. وعلينا الاستعداد، وتنظيم أعمالنا لمساندة المضطهدين من أبناء الكنيسة ومناصرتهم في مسيرتهم.