مرتضى ل "الأحداث ٢٤": "ملف استملاك منزلي فيروز والاخطل الصغير أمام لجنة الإستملاكات والمبالغ المرصودة لذلك موجودة
الاحداث - كتبت إنعام خالد
استوقفني عقار تراثيّ في خلال مروري يوماً في منطقة زقاق البلاط، بيتٌ بسيط مع حديقة صغيرة، مع أن هذة المنطقة ذات الطابع العمراني العريق، تتميّز بعماراتها الفخمة وقصورها الكبيرة الصامدة حتى يومنا هذا، وتشهد على حقبة زمنيّة شكّلت سمات أهل ذاك العصر، المنفتحين على فنون الآخرين وإبداعات حرفييها ومهندسيها وإتقانهم لكل تفصيل مهما كان صغيرا.
من المعروف أن هذة المنطقة، وبالتحديد شارع "أمين بَيْهُم" كان شارع البرجوازيين والارستقراطيين من سفراء وقناصل وأهل سياسة وأدب.
ترجلتُ من سيارتي باحثة عن مدخل لهذا البيت!
" ممنوع الفوتة لهون " هكذا قال لي عنصر من الجيش، سألته عن السبب، فأجابني بضرورة الحصول على إذن من المديرية العامة للآثار.
عدتُ إلى الموقع صباح يوم أحد، ولم يكن في محيط هذا البيت التراثيّ أحداً ليستوقفني، دخلتُ إلى الحديقة ومنها إلى المنزل، وهناك شعرتُ بغصة وحزن كبيرين، لما شاهدته في الداخل من اهمال وخراب، فالبيت ليس أي بيت، إنّه بيت السيدة فيروز، "سفيرتنا إلى النجوم" هكذا قيل لنا منذ بداية وعيّنا وسماع أغنياتها ومشاهدة مسرحياتها.
لم يكن هذا العقار مستقلاً في الماضي، بل كان جزءاً من مخافر للشرطة شيّدتها السلطات العثمانية في بيروت أواخر القرن التاسع عشر، وعُرفت باسم "الكركول العثماني". في "شارع أمين بيهم".
في مطلع الثلاثينيات، سكنت عائلة حداد في الطبقة الأرضية من "مخفر الحرس"، حيث عاشت السيدة فيروز طفولتها وصباها، لعبت في حديقته، ونمت موهبتها الغنائية وحبّها للموسيقى بين جدرانه.
أُهمل العقار بعدما أصبح مهجوراً، فقد غادرته السيدة فيروز عام ١٩٥٥ حين زفّت إلى زوجها الفنان الراحل عاصي الرحباني، وغادرت عائلتها بعد ذلك المكان، ومع مرور الوقت إنهار جزء من القرميد، نتيجة العوامل الطبيعية التي تؤثر بشكل مباشر على المباني، وبخاصة حين تكون مكشوفة.
قبل ما يزيد عن عشر سنوات، قرّرت بلدية بيروت تحويل المنزل المؤلف من ثلاث طبقات، والذي يعود إلى العهد العثماني، إلى متحف، ليكون صرحاً ثقافيا، لكن كما الكثير من الخطط والمشاريع في لبنان تبقى أسيرة الأدراج وتهمل، فتُنسى.
قبل أيام، نشرعلى موقع وزارة الثقافة خبر اجتماع وزير الثقافة القاضي محمد مرتضى في مكتبه في قصر الأونيسكو، بالسيدة ريما شحادة، وهي ناشطة في المؤسسة الوطنية للتراث، وكذلك كان له لقاء بمحافظ بيروت القاضي مروان عبود وبحث معهما في خطوات تفعيل إجراءات استملاك بيت فيروز وقصر بشارة الخوري (الشاعر الأخطل الصغير) مما أعاد بعض الأمل بتحقيق هذا الحلم، وترميم هذا البيت وغيره من البيوت والقصور التراثية الاخرى في المنطقة.
الوزير مرتضى
وكالة "الأحداث ٢٤" الاخبارية استوضحت الوزير مرتضى عن هذا الموضوع، فأفادنا بأن "مرسوم استملاك العقارين صدر في العام ٢٠١٣ لصالح بلدية بيروت، وهو الآن أمام لجنة الإستملاكات في وزارة العدل، والمبالغ المرصودة لذلك موجودة، ولكن للأسف وفي ظل الأزمة الإقتصادية والنقدية والمالية فقدت قيمتها مع مرور الوقت".
وأوضح مرتضى بأن "آلية تفعيل إجراءات الإستملاك تقتضي تعيين محامٍ من قبل بلدية بيروت ليتابع تنفيذ المرسوم مع لجنة الإستملاكات، التي عليها تعيين خبير ليخمّن قيمة العقارين، وبالتالي تنقل ملكيتهما لبلدية بيروت".
ورداً على سؤالنا حول الإمكانات المادية المتوفّرة لترميم العقارين بما يتطلبه ترميم المباني التراثية من التزام بمعايير خاصة تحفظ قيمتها الأثرية، قال مرتضى:" عندما نستملك سيكون هذا الأمر سهلاً بحيث نتعاون مع جهات مانحة، راغبة في المساعدة لتأمين التمويل اللازم"، مؤكّداً رمزيّة قصر بشارة الخوري (الشاعر الأخطل الصغير) وبيت ترعرعت فيه السيدة فيروز ليكونا معلمين ثقافيين تنشط السياحة الثقافية بوجودهما".
بيروت المنهكة، خسرت الكثير من بيوتها التراثية، وباتت تفقد هويّتها المعمارية، فهذه المباني شهدت الكثير من الحروب التي مرّت على البلاد، وكان يكفي تفجير 4 آب ليكون الضربة القاضية على ما تبقى .