تربية وثقافة

ورشة عمل للبعثات الأثرية الإيطالية اللبنانية المشتركة
في لبنان بمشاركة وزير الثقافة والسفيرة الايطالية

الاحداث-  نُظمت اليوم في حرم الجامعة اللبنانية في الحدث ورشة عمل مخصصة للبعثات الأثرية الإيطالية اللبنانية العاملة في لبنان في خلال السنوات الأخيرة.

افتتح الورشة وزير الثقافة محمد وسام مرتضى بكلمة قال فيها:"يطيب لي أن نلتقي اليوم حول التعاون الإيطالي - اللبناني عامةً وخصوصاً نشاطاتِ البعثاتِ الأثريةِ اللبنانيةِ - الإيطاليةِ المشتركةِ العاملةِ في لبنان.
      إنّ وِزارةَ الثقافةِ اللبنانية تتطلّع باهتمامِ كبيرِ إلى ما تنجزهُ هذه البعثاتُ الإيطاليةُ المتخصصةُ بالتعاون مع وزارة الثقافة في حفريات التنقيب، في غير موقع على الأراضي اللبنانية، أذكر منها موقع الخرايب في الجنوب، وقلعة الحصن في معاصر الشوف، وأمّ العِمَد في الناقورة، وحفريات الكورة وسواها الكثير من الحفريات الأثرية ...
     هذا التعاون وتبادل الخبرات يشكّل إسهاماً رائعاً في استكشاف المخزون الأثري المدفون تحت التراب اللبناني منذ أقدم العصور وتتالي الحضارات.
    إن التعاون الخلاّق بين إيطاليا ولبنان ضاربٌ في الزمان وعلى أكثر من صعيد، والتعاون في مجال الحفريات الأثرية على وجه التحديد يُظهر للعيان أكثر فأكثر تلك العلاقة التاريخية.
ومن الأدلّة الساطعة على عمق تلك العلاقة اللبنانية الإيطالية ما تختزنه مدينة بعلبك من موروث اثري عالمي وما ترمز اليه معالم مدرسة الحقوق الرومانية في بيروت التي تأسست أواخر القرن الثاني وكان من أبرز مدرسّيها كبار القانونيين Papinien وUlpien وبلغت ذروة شهرتها زمن الأمبراطور Justinien ....
     كما يذكرنا التاريخ بعلاقات التعاون التي نشأت بين بلدينا زمن الأمير فخر الدين والتبادل التجاري والتأثّر المعماري والثقافي...
     وفي العام 2008، حصل تفعيل إتفاق التعاون الثقافي - العلمي والتقني بين إيطاليا ولبنان المتعلق بالتعاون بين الجامعات والتبادل الأكاديمي وتقديم المنح التعليمية والتعاون الثقافي في المسرح والسينما والموسيقى والآداب والتنقيب عن الآثار...
سعادة السفيرة،
    إنني في هذه المناسبة، أحيّي الجهود التي تبذلها سفارتكم في بيروت، كذلك إسهامات وكالة التنمية الإيطالية وجامعاتكم والبعثة الأثرية التي تعمل في لبنان بالتعاون مع وزارة الثقافة، كما أنوّه بإسهامات إيطاليا في ترميم الطابق السفلي في المتحف الوطني قبل سنوات كذلك المشاركة المشكورة في ترميم متحف سرسق، إثر تدمير مرفأ بيروت، وسواها الكثير.
سيدتي، إنني أحيّي كل هذه الجهود المشكورة وأُعوّل بصفتي وزيراً للثقافة في الجمهورية اللبنانية على دوام التعاون الخلاّق بين بلدينا وشعبينا في كلّ مجالٍ إنساني ونحن في وزارة الثقافة بإنتظار تشريفنا قريباً بزيارتك للبحث في آفاق التعاون المستقبلي.

 

ثم  ألقى محمد رباح كلمة باسم  رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب .

السفيرة الايطالية

وألقت السفيرة الإيطالية نيكوليتا بومباردييري كلمة قالت فيها:"اتوجه بالشكر والترحيب بوزير الثقافة الذي يشرفنا في حضوره معنا اليوم ونحن نتطلع الى الاستماع الى كلمته.

كما اود ان اعبر عن امتناني للبروفسور رباح لكلماته وللتعاون معنا في تنظيم هذه الورشة. وهذا دليل على الدور المهم الذي تضطلع به الجامعة اللبنانية في اطار العلاقات الثقافية التاريخية الوثيقة بين لبنان وايطاليا. اود ايضا ان اتوجه بالشكر الى المدير العام للاثار سركيس الخوري ليس فقط لانه شريك معنا اليوم في رحلتنا في عالم الآثار لا بل لانه شخص يمكن الاعتماد عليه وشريك في خلال السنين  في الالتزام في اطار التعاون الوثيق والمكثف في المحال الاثري والثقافي".

واضافت: " اما بالنسبة للندوة المنعقدة اليوم، ولماذا نحن هنا؟. وفي الواقع لقد أردت مع مديرة المعهد الثقافي الايطالي تنظيم هذه المبادرة بهدف واحد فقط بسيط جدا هو ان نعرض لجمهور اكبر عمل البعثات الاثرية الايطالية واللبنانية الخمس في لبنان وان نتشارك معهم خبرتهم وتجربتهم. وبسبب وباء كورونا لم نتمكن من فعل ذلك من قبل. وكان من الصعب جدا ايضا تنظيم واعادة برمجة نشاطات هذه البعثات من اجل ان نتقدم في انجاز المشاريع. واود ان اعبر عن خالص امتناني لهذه البعثات ولعالمي الاثار الايطاليين واللبنانيين وللفرق التي تعمل معهم بما في ذلك الطلاب الشباب في الجامعة اللبنانية. واشكركم على التزامكم وعلى عزمكم في المضي قدما في ما تفعلونه وفي تخطي الصعوبات".

واضافت: " شكرا ايضا للشراكة التي انشئت بين الخبراء اللبنانيين والايطاليين وذلك لتناغم الهدف واصبحت هذه الشراكة صداقة ونحن نفخر بذلك. وهذا موجز لعمل البعثات الاثرية الايطالية اللبنانية المشتركة والذي شمل: مشروع الخرايب الاثري، المشروع الاثري المتعدد التخصصات في معاصر الشوف- قلعة الحصن، مشروع شمال لبنان، المشروع الاثري اللبناني الايطالي في منطقة صور، وبعثة ام العمد في الناقورة".

وتابعت: "تعتمد العمليات والانشطة البحثية وهذه البعثات الاثرية على مساهمة تمويلية من وزارة الخارجية الايطالية.  وفي الوقت نفسه، يندرج الوجود الايطالي في القطاع الاثري في لبنان ايضا ضمن الالتزام الاوسع والاشمل لايطاليا في لبنان منذ سنوات عديدة. ومن خلال التعاون الايطالي في لبنان اصبحت ايطاليا شريكا مهما جدا ورئيسيا في برنامج التراث الثقافي والتنمية الحضرية اذ خصصت مبلغ 12 مليون يورو من بينهم عشرة على شكل قروض وهبتين بالتعاون مع المديرية العامة للاثار واتوجه بالشكر هنا للسيد سركيس الخوري وقد عملنا في هذا القطاع لسنوات عديدة وما زلنا نعمل وقد قمنا بترميم مواقع اثرية وابنية تاريخية ونحن اليوم سلّمنا او في صدد تسليمها للسلطات اللبنانية كسراي بعلبك وترميم الاعمدة الستة في معبد جوبيتر وترميم موقع بعلبك الاثري، الموقع الاثري الروماني في صور وقلعة شمع وقلعة صيدا".

واردفت: " لا يجب ان ننسى المساهمة الايطالية ولاسيما المساعدة التقنية التي نتج عنها مشاريع ترميمية كبيرة جدا ومهمة جدا كمدفن صور واعادة تاهيل الطابق السفلي في متحف بيروت. فالمحافظة على الماضي مهمة جدا بالنسبة الينا وهذا ليس فقط فرضا واجبا علينا تجاه ما ورثناه عن اجدادنا انه معبر للتنمية ويتعلق الامر ايضا بتسليط الضوء على القدرات السياحية والاقتصادية في مكان معين لدعم التنمية الاقتصادية المحلية من خلال تحسين جودة الحياة والاسهام في ازدهار المجتمعات المحلية".

واكدت: " تود ايطاليا ان تؤكد من خلال ورشة العمل هذه انه على الرغم من الاوقات العصيبة التي يمر بها لبنان لا يمكن ان ننسى او نهمل الثقافة لان الارث الثقافي هو هوية كل بلد وكلما كان التراث الثقافي غنيا في بلد كلما كان البلد اقوى واغنى وكان شعبه اكثر عزما وقوة".

كما كانت كلمة للمدير  العام للآثار في لبنان سركيس الخوري  .

تهدف ورشة العمل الى تعزيز التعاون القائم بين الجهتين وتسليط الضوء على الأهداف التي حُققت حتى الآن وعلى الأثر الإيجابي الفعلي لهذه البعثات في الحاضر كما في المستقبل خصوصا على صعيد التنمية الاقتصادية والحياة الاجتماعية ضمن المجتمعات التي تتواجد فيها، وذلك من شمال لبنان إلى جنوبه.

 يرأس البعثات الأثرية خبراء محليون ينتمون الى المديرية العامة للآثار في لبنان وإلى الجامعة اللبنانية، وآخرون إيطاليون من المجلس الوطني للبحوث في إيطاليا – CNR وجامعة "سور أورسولا بنينكاسا" "Suor Orsola Benincasa " في نابولي وجامعة أوديني وجامعة لا سابيانزا (La Sapienza) في روما وجامعة ساساري.

في ما يلي وصف موجز للبعثات الأثرية الإيطالية اللبنانية الخمس:

مشروع خرايب الأثري

يهدف مشروع الخرايب الأثري، برئاسة إيدا أوجيانو (المجلس الوطني للبحوث في إيطاليا – CNR) ووسام خليل (الجامعة اللبنانية)، الى استطلاع منطقة معبد الخرايب، وموقع جمجم الاثري (العصر البرونزي/الحديدي المتأخر) ومصب نهر الليطاني. تجري حاليا دراسة المواقع ورسم الخرائط الخاصة بها تمهيداً لأعمال التنقيب. خُطط أيضا في خلال العام 2021 لأنشطة تعليمية في الجامعة اللبنانية التي تعمل معها البعثة منذ تأسيسها. ويبقى الهدف النهائي للبعثة إنشاء متحف أثري في الخرايب، حيث ستُعرض المعادن والتحف التي عُثر عليها.

المشروع الأثري المتعدد التخصصات في معاصر الشوف - قلعة الحصن (MeSAP)
 
يتبنى المشروع منهجية متعددة التخصصات في البحث وتشرف على إدارته السيدة سيلفيا فيستوتشيا (جامعة "سور أورسولا بنينكاسا"، نابولي) عن الجانب الإيطالي والسيدة ميريام زيادة (المديرية العامة للآثار في لبنان) عن الجانب اللبناني. ويتمحور المشروع، من خلال البحث الأثري في منطقة معاصر الشوف وخصوصا في موقع قلعة الحصن، حول دراسة التغيرات المناخية والمناظر الطبيعية وتاريخ استقرار الشعوب في المنطقة الواقعة بين وادي البقاع وساحل البحر الأبيض المتوسط، ابتداء من العصر البرونزي وحتى العصر العثماني (وهو المرحلة الأخيرة من استقرار الشعوب في الموقع.  تقع قرية معاصر الشوف جنوب محمية الشوف، أكبر محمية في لبنان، وتتضمن محمية الأرز الطبيعية التي تكتسب أهمية وقيمة كبيرتين من الناحية الثقافية والبيئية والسياحية. يساهم المشروع، بالتعاون مع السلطات المحلية، في تعزيز الاقتصاد المبني على السياحة المستدامة في هذه المنطقة من خلال نشر المعرفة بالتراث الأثري المتميز من حيث كثافته وغناه وحمايته وتسليط الضوء عليه.

 
مشروع شمال لبنان

أنشئت البعثة الاثرية في شمال لبنان، بقيادة ماركو ياموني (جامعة أوديني) ومي حيدر (الجامعة اللبنانية) في العام 2017 وعملت حتى الآن على تحديد منطقة مليئة بالقطع الأثرية تمتد على حوالي 100 كم2 في قضاء الكورة وخصوصا في مدينة أميون. وتمكن سكان المنطقة في العام 2019 من زيارة المعرض الذي نظمته البعثة في قلعة طرابلس بدعم من المعهد الثقافي الإيطالي وجمعية "دانتي أليغييري" الكائن مقرها في طرابلس. وتتطلع البعثة التي تفتخر بدرجة عالية من التعاون مع السلطات اللبنانية، المركزية والمحلية منها، إلى اختتام المسح العلمي في المنطقة بأكملها للعام 2021، ووضع خطة لتعزيز التراث وإطلاق عملية مسح أخرى في منطقة قضاء زغرتا تمهيدا للأنشطة المرتقبة في العام 2022.

 المشروع الأثري اللبناني الإيطالي في منطقة صور

أنطلق المشروع في العام 2019، بإدارة مارتا داندريا (جامعة "لا سابيانزا" في روما) ومي حيدر (الجامعة اللبنانية). وفرض وباء الكورونا في العام 2020 تنفيذه عن بُعد. يشمل المشروع مناطق شواكير ورأس العين وتل مشوك. من المرتقب أن تنظم أنشطة تعليمية وحملة تنقيب في خريف العام 2021. تحافظ البعثة على علاقة تعاون ممتازة مع السلطات اللبنانية، ولا سيما المديرية العامة للآثار والجامعة اللبنانية التي تعتبر المرجع الجامعي المحلي. 

 بعثة أم العمد (الناقورة)

تأسست بعثة أم العمد في منطقة الناقورة في العام 2021 تحت إشراف ميكالي غيرغيس (جامعة ساساري) وحسن رامز بدوي (الجامعة اللبنانية)، بالتعاون مع لواء ساساري الايطالي – Brigata Sassari، وهو جزء من الكتيبة الإيطالية العاملة في اليونيفيل. بدأت الأنشطة الميدانية في ايلول من هذا العام.