أقلام حرة

هو ليس حبيبك...
انه Alien


الاحداث- كتبت جوزفين حبشي

‎كانت تجلس امام شاشة التلفزيون قرابة منتصف الليل. في  يدها كأس نبيذ  اكثر احمرارا بقليل من عينيها . على شفتيها تعبير حائر بين ابتسامة او تكشيرة. فجأة بدأ عرض فيلم لجوني ديب وشارليز ثيرون من انتاج ١٩٩٩ واسمه  
the astronaut's wife. 

‎هي تحب السينما، والافلام تفصلها عن كل حالاتها، السعيدة منها والتعيسة. ولكنها في تلك الليلة لم تنفصل. الفيلم  الخيالي الذي كانت تشاهده جعلها تكتشف حقيقة واقعية ومثبتة، لم تنتبه لها ابدا من قبل. الفيلم يروي قصة رائد فضاء يذهب في مهمة الى الفضاء، وعندما يعود، ستشعر زوجته ان تصرفاته تغيّرت، لتكتشف في النهاية ان مخلوقا فضائيا قتل زوجها واستحوذ على جسده، وهدفه جعلها تحمل وتنجب مخلوقات فضائية ,سيغذون الارض والخ الخ الخ.

‎طبعا هي لم تتأثر بمستقبل الارض ،فكل ما ايقظها كصفعة على وجنتها الجامدة من البرد، هو اكتشافها ان الرجل الذي احبته يشبه تماما رائد الفضاء بطل الفيلم. 

‎قبل انطلاقه في مغامرة غزو قلبها، كان رومنسيا، شغوفا، يسمعها كلمات ليست كالكلمات( بالاذن من نزار) ويجعلها تحلم احلاما ليست كالاحلام، ويتحيّن اي فرصة او اي حجة ليهاتفها او يرسل لها رسالة نصية او  قلوبا حمراء تخفق بين اضلع شاشتي هاتفيهما. وفجأة، وبعدما سمحت له ان يغط بمركبته على سطح احلامها وتضاريسها،ويتغلغل استكشافا لمجاهلها،  تغيّر... 

‎في البدء ظنّت هي انه لا يزال هو رغم أن عينيه  لا تلمعان بالنظرة السابقة عينها، ويديه هما يديه رغم برودة في اللمسة. ظنت انه هو وتذرعت بمئات الاعذار حتى تطمئن قلبها انه سيستعيد من كان سبب نبضه وفرحه.  ولكنها في تلك الليلة فقط ادركت وهي تشاهد ذلك  الفيلم، ان من تنتظره ليس حبيبها. 
‎حبيبها انتهى.اختفى. تبخر. ضاع ولن يعود. صحيح هو واقف امامها ولكنه ليس هو. حبيبها قضى عليه مخلوق فضائي. لقد استحوذ فقط على جسده، اما كل ما احبته فيه من شغف وحنان واهتمام واحلام، اغتاله ذلك المخلوق الفضائي ونثره ذرات ذرات لا بد انها تسبح الان بين عطارد ونبتون ومارس وجوبيتر.

‎وقفت فجأة، وضعت كأسها الفارغة مثلها على الطاولة، اطفأت التلفزيون، توجهت نحو النافذة، فتحت الزجاج وكأنها تطلق خوفها وتحرره من الخوف. نظرت الى الفضاء الواسع. ابتسمت رغم حزنها. اقفلت النافذة، اقفلت هاتفها الذي اصلا لم يعد يرن. سارت نحو غرفتها، اوقعت صورة المخلوق الفضائي قرب سريرها على الارض.استلقت على فراشها. لم يعد باردا. ابتسمت مجددا رغم الوجع. تمتمت" وعدتك ان احبك الى ان يفرق بيننا الموت. رحمك الله يا حبي. رحم الله شغفك ورومنسيتك وجنونك  واسكنهم فسيح جنّاته. الان ساستودعك الله والكون الواسع، وغدا سأعيش حدادي، ثم ستشرق الشمس من جديد.

=======