من الصحف

استنفار في بيروت لحفظ «المناصفة» في بلديتها المقبلة
المفتي دريان: لا «للتجزئة» ونرفض النيل من وحدة العاصمة

الاحداث- كتبت بولا أسطيح في صحيفة الشرق الاوسط تقول:"تستنفر كل القوى السياسية والمرجعيات في مدينة بيروت قبل نحو شهر على موعد الانتخابات البلدية، في محاولة لقطع الطريق على احتمال أن تُنتج هذه الانتخابات مجلساً بلدياً من لون طائفي واحد، نظراً للتفاوت الكبير بين أعداد الناخبين المسلمين والمسيحيين في العاصمة.

وتنشط المشاورات راهناً للتفاهم بين القوى الأساسية على لائحة موحدة ما يجنب المدينة معركة «كسر عظم» تؤدي لعمليات تشطيب يُرجح الخبراء الانتخابيون أن تؤدي لوصول مجلس بلدي لا يضم مسيحيين، أو بأفضل الأحوال عضوين، أو ثلاثة.

وفي وقت يجري التداول بأكثر من خيار لتجنب هذا السيناريو، ومن ضمنها مجموعة اقتراحات قوانين ينص بعضها على اعتماد اللوائح المقفلة التي تمنع التشطيب، أو تقسيم العاصمة إلى قسمين كما هو حاصل في الانتخابات النيابية، برز موقف لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان الاثنين ليُعلن رفضه «التجزئة»، مشدداً أمام زواره على أن «المناصفة في بلدية بيروت بين المسلمين والمسيحيين لا خوف عليها، وستبقى مصونة بوحدة وحكمة ووعي أهلها وساستها لمتابعة دورها الخدماتي والإنمائي والتطويري».

وقال دريان: «لن نسمح لأحد بأن ينال من وحدة اللبنانيين وعاصمتهم، فبيروت تحتضن كل شرائح المجتمع اللبناني، وهي نموذج يحتذى به في العيش الواحد بانفتاحها على الآخر، وتحتضن الجميع، وترعى مصالح كل اللبنانيين، ولا يمكن أن تخضع للتجزئة بعد أن حافظت على وحدتها منذ ولادة دولة لبنان الكبير».

الواقع الديموغرافي

ويتكون المجلس البلدي في بيروت من 24 عضواً، وتتألف العاصمة من 12 حياً. وبحسب الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، يبلغ عدد الناخبين في العاصمة 511360 ناخباً، 66.5 في المائة منهم من المسلمين مقابل 33.5 في المائة من المسيحيين، أي إن نحو ثلثي الناخبين من المسلمين، والثلث من المسيحيين.

ويشير شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الناخبين من الطائفة السنية هم الأكثر عدداً، ويشكلون نحو 50 في المائة من الناخبين»، مضيفاً: «في آخر انتخابات حصلت عام 2016، كان هناك تراجع كبير في نسبة الاقتراع، بحيث لم تتجاوز أعداد المقترعين الـ97 ألفاً، هم 72 ألف مسلم، و25 ألف مسيحي، وبالتالي إذا لم يحصل توافق فقد نرى مجلساً بلدياً من لون طائفي واحد بعدما كان الرئيس الراحل رفيق الحريري يشكل لائحة، ويحاول أن يؤمن لها إجماعاً من دون أي اعتراضات، أو خلافات».

بين التوافق وتعديل القانون

وتنقسم القوى بين من يفضل إقرار تعديلات على القانون تسبق الانتخابات، وبين من يفضّل التوافق.

ولا تزال ما تعرف بـ«قوى التغيير» تدرس خياراتها، لأنها لا تشارك بالمشاورات القائمة لتشكيل لائحة توافقية، وتفضل إدخال تعديلات على القانون تماماً كما يرى «التيار الوطني الحر» الذي عقد نائباه عن بيروت نقولا صحناوي وادكار طرابلسي الاثنين مؤتمراً صحافياً نبها خلاله من أن «المناصفة في خطر، وكل شيء يشير حتى الساعة إلى أن الجهود التي يبذلها الجميع لضمان المناصفة لن تنجح»، معتبريْن أن «هذا الموضوع يعالَج عبر إصدار قانون يضمن المناصفة، وذلك إما عبر تقسيم البلدية إلى بلديتين يجمعهما مجلس بلدي واحد، أو عبر انتخاب أعضاء البلدية في دائرتين: الدائرة الأولى والدائرة الثانية (كما في الانتخابات النيابية)، وكل دائرة تنتخب 12 عضواً، وهؤلاء الأعضاء الأربعة والعشرون يؤلفون المجلس البلدي».

ويعتبر الخبير القانوني والدستوري الدكتور سعيد مالك أن «قانون الانتخاب، لا سيما فيما يتعلق بالعاصمة بيروت والمدن الكبرى، بحاجة لإدخال تعديلات وتحسينات عليه، للحفاظ على حسن التمثيل والتنوع المذهبي». ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «من الاقتراحات التي يمكن السير بها لتحقيق ذلك، اللوائح المقفلة للبلديات الكبرى التي يتجاوز عدد أعضائها الـ18، أو يمكن تقسيم بيروت إلى 4 أحياء... لكن الوقت لم يعد كافياً لإدخال هذه التعديلات، وبالتالي الأفضل راهناً أن يصار إلى تشكيل لوائح توافقية، وتأمين التغطية والمظلة اللازمة، كي تستحوذ على شبه إجماع».