
غطاء أميركي لقصف الضاحية: إسرائيل تسعى لتوسيع دائرة النار في كل لبنان
الاحداث- كتبت صحيفة الاخبار تقول:"تحتَ أنظار اللجنة الخماسية العربية – الدولية المُسيطرة على المسار السياسي الداخلي بكل مفاصله، و«الخماسية» الدولية – الأممية الراعية لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، يمضي العدو في سياسة الاستفزاز ومحاولة تكريس معادلة «اليد الطويلة»، بقصد التحكّم بخيوط اللعبة في لبنان وبالإمرة الإستراتيجية ومفاتيح السيطرة، وتنفيذ استهدافات أينما يشاء ومتى يشاء من دون رادع.
أمس، وعلى أثر انطلاق صواريخ مجهولة الهوية باتجاه مستعمرات شمال فلسطين المحتلة، رفع العدو التصعيد إلى أعلى مستوياته للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب باستهدافه الضاحية الجنوبية. حيث نفّذ الطيران المعادي غارة مدمّراً مبنيين في منطقة الحدث، بعد سلسلةٍ من الغارات التحذيريّة، ما أدّى إلى تسوية المبنيين بالكامل على الأرض. ليخرج الناطق باسم جيش الاحتلال زاعماً أن الهجوم «استهدف بنية تحتيّة لتخزين طائرات مُسيّرة لحزب الله تابعة للوحدة الجويّة فيه»، معتبراً أن «إطلاق الصواريخ نحو الجليل يُعدّ خرقاً فاضحاً للتفاهمات وتهديداً مباشراً لمواطني إسرائيل، وتتحمّل الدولة اللبنانيّة مسؤوليّة الحفاظ على الاتفاق».
هذا الاستهداف حمل رسائل في اتجاهات عدّة: أولها أن إسرائيل مصرّة على زعزعة الاستقرار في لبنان، وتحديداً في المناطق التي تعجّ ببيئة المقاومة، في ظل المؤشرات التي تدل على أن إسرائيل أدركت مع الوقت أنها لم تحقّق الأهداف التي وضعتها في الحرب. بينما أرادت سياسياً، دفع السلطة اللبنانية إلى الضغط على «حزب الله» في الداخل لإجباره على تسليم سلاحه، والذهاب في خيارات سياسية تصبّ في صالح إسرائيل، وتحديداً في ما يتعلق بتدشين مسار التطبيع وإلّا العودة إلى الحرب.
وتزامنت التطورات، مع وصول رئيس الجمهورية جوزيف عون، إلى باريس، حيث اجتمع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل أن يتوسّع اللقاء ليشمل أولاً الرئيس الانتقالي في سوريا أحمد الشرع، ثم انضم الرئيس القبرصي كريستودوليديس، ورئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيسرئيس في إطار ما يُسمى «مجموعة شرق المتوسط».
عون طلب وباريس تواصلت مع ويتكوف لمنع تصعيد الاعتداءات الاسرائيلية
وقد سيطر التصعيد الإسرائيلي على لقاء ماكرون وعون، وأخذ حيزاً واسعاً من كلمتيهما بعد الاجتماع، فاعتبر ماكرون أن الضربات الإسرائيلية «غير مقبولة»، وتشكّل «انتهاكاً لوقف إطلاق النار»، وتُعدّ «إجراءات من جانب واحد، كما تنتهك التعهدات الإسرائيلية». كما نبّه ماكرون إسرائيل من «أن الانتهاكات التي تقوم بها، وعدم التزامها بوقف إطلاق النار الذي لعبت فرنسا، إلى جانب الولايات المتحدة، دوراً في التوصل إليه ستأتي بنتائج عكسية لأمن إسرائيل وتخدم حزب الله»، وقال إنه «ليست لديه معلومات في هذه المرحلة تفيد بشن حزب الله ضربات». فيما جزم الرئيس عون بعدم وجود أي علاقة لـ«حزب الله» بالصواريخ، ووعد بأنه «سيكون هناك تحقيق في مصدر عمليات إطلاق الصواريخ»، وسارع إلى تأكيد أن «كل شيء يشير إلى أنه ليس حزب الله وأن الأخير ليس مسؤولاً عن الهجمات».
وعُلم أن عون طالب فرنسا والولايات المتحدة الأميركية بالضغط على إسرائيل لمنعها من التصعيد، وقامت باريس بالتواصل مع ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس دونالد ترمب إلى الشرق الأوسط، ونائبته مورغان أورتاغوس، من أجل الضغط على إسرائيل لوضع حد للتصعيد.
وفي بيروت، ترأّس رئيس الحكومة نواف سلام، اجتماعاً أمنياً عاجلاً لبحث التطورات، وأدان الاستهداف الإسرائيلي الذي طاول الضاحية الجنوبية لبيروت، واصفاً إياه بالتصعيد الخطير، وطالب سلام بتكثيف الجهود للتحرّي عن الفاعلين وتوقيفهم وإحالتهم إلى القضاء المختص. وشدّد على «ضرورة منع تكرار مثل هذه الأفعال العبثية، مع التأكيد على وجوب استكمال الإجراءات التي يتخذها الجيش اللبناني لحصر السلاح بيد الدولة».
وفي أول موقف للحزب بعد الغارة، أُعلن عن إلغاء الاحتفال بـ«يوم القدس» الذي كان حدّده بعد ظهر أمس الجمعة، وكان سيتحدّث فيه الأمين العام الشيخ نعيم قاسم عبر الشاشة. ونقلت العلاقات الإعلاميّة في حزب الله تأكيد الحزب «التزامه باتفاق وقف إطلاق النار»، نافياً «أي علاقةٍ له بالصواريخ التي أُطلقت من جنوب لبنان باتجاه شمال فلسطين المحتلّة».
رعد: ادّعاء حصرية قرار الحرب والسلم مجافاة للحقيقة
أدان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، النائب محمد رعد، بشدة العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت وكل لبنان، معتبراً أن «هذا الهجوم يشكّل انتهاكاً سافراً للسيادة اللبنانية».
وأشار رعد إلى أن «المقاومة التي وافقت على إعلان وقف إطلاق النار تلتزم به»، داعياً في الوقت نفسه الدولة إلى القيام بواجبها في ردع العدو الإسرائيلي والحفاظ على أمن البلاد. وأضاف أن «المقاومة تدعو الحكومة إلى تعزيز التضامن الوطني في مواجهة العدوان الإسرائيلي والعمل على توحيد الصفوف في هذا الإطار». كما أكدّ رعد أن «الحكومات قد تذهب مع الزمن، لكنّ المعادلات التي يضعها الشهداء في ميادين المقاومة تخلد إلى ما بعد التاريخ»، مشدداً على أن «من يدّعي في لبنان أنه يملك حصراً قرار الحرب والسلم فهو يجافي الواقع والحقيقة».
ترامب ينصح نتنياهو بتجنّب بيروت | أورتاغوس: المسؤولية على لبنان
أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» بأنّ «الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب طلب إلى رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو عدم استهداف العاصمة بيروت أو المرافق الحيويّة من مطارٍ ومرفأٍ وشركة الكهرباء».
وكان وزير الحرب الإسرائيليّ يسرائيل كاتس قد رفع منسوب التهديد، بعد مزاعم إسرائيل رصد إطلاق صواريخ من لبنان، مُعلناً أنّه «إذا لم ينعَم سكان كريات شمونة والجليل بالهدوء فلن يكون هناك هدوءٌ في بيروت».
لكنّ هذه التسريبات لا تخفي حقيقة الموقف الأميركي، حيث لا توفّر واشنطن فرصة لتأكيد انحيازها الأعمى إلى كيان الاحتلال. فقد أشارت نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس مساء أمس، إلى أنه «لا يمكن القول إنّ إسرائيل تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان»، داعيةً السلطات اللبنانية إلى «تحمّل مسؤولياتها بدلاً من إلقاء اللوم على إسرائيل». واستغلّت أورتاغوس التصعيد الإسرائيلي للضغط على الدولة اللبنانية مذكّرة بـ«أنّ الوقت قد حان لتفعيل الدبلوماسية بين إسرائيل ولبنان»، مؤكّدةً أنّ الولايات المتحدة تشدّد على «ضرورة نزع سلاح حزب الله بالكامل». وكان موقع «أكسيوس» قد نقل عن مصادر أن «أورتاغوس أجرت محادثات مع مسؤولين في الدولة اللبنانية وأكّدت على دعم إسرائيل وتجنّب التصعيد معها».