
العلامة الخطيب في خطبة الفطر:متمسكون بقيام الدولة القوية العادلة
الاحداث - جدد نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ علي الخطيب التمسك بقيام الدولة القوية العادلة التي تحمي اللبنانيين. واعرب في خطبة العيد عن الاسف من محاولة البعض في الداخل اللبناني ان يُعطي للعدو الذرائع ليقتل ويدمر ويعتدي ويستمر في الحرب على لبنان، ويتهم المقاومة بخرق الاتفاق،داعيا القضاء الى استدعاء هؤلاء لمحاكمتهم بجرم التحريض على الفتنة .
وكان العلامة الخطيب أم المصلين لصلاة عيد الفطر صباح اليوم في مقر المجلس على طريق المطار ،والقى خطبتي العيد ،ومما جاء فيهما:
ايها الاخوة،
ما احوجنا اليوم الى العمل بوصية امير المؤمنين (ع) التي جمع فيها أهم الصفات التي على المؤمن ان يتمتع بها، والاجتماع الاسلامي ان يكون عليه تطبيقا لها، فأين المسلمون اليوم من هذه الوصية التي اهملناها وتمسكنا بالقشور منها، بينما يجب ان تكون محفورة في العقول والقلوب والصدور وبين الاضلع، فآثرنا اتباع الهوى وضللنا الطريق، فكم منا من يحفظ هذه الوصية واين هو مبلغ اهتمامنا بها وبمضامينها، فلن يكون صلاح للامة الا بالرجوع اليها، والتي لن يصلح آخرها الا بما صلح به أولها، واقول للمدافعين والمتمسكين بواقعها والواقفين حاجزاً امام إصلاحها، هل يرضيكم ما عليه حالها من التفرقة والفشل والضِعة والتبعية والذل امام اعدائها والطامعين بها، وهل دعاكم ما انتم عليه من الشعور بالخذلان لقضاياكم الى العمل لتغيير واقعكم، فأصبحتم يُغار عليكم ولا تغيرون، فيا عجبا من جد هؤلاء القوم فى باطلهم، وفشلكم عن حقكم.
حين صرتم غرضا يُرمى، وفيئا يُنتهب، يُغار عليكم ولا تغيرون، وتُغزون ولا تَغزون، ويُعصى الله وترضون ، عودوا الى انفسكم واخرجوا من اوهامكم التي اوحى بها اعداؤكم، وصحّ فيها نبأ نبيكم، انتم يومئذ كثير ولكن غثاء كغثاء السيل. غفلتم عما يراد بكم واصبح همكم ان يشكك بعضكم ببعض، ويخون بعضكم بعضاً، واصبح الناصح لكم عدواً والعدو ناصحاً، فأي امل يرجى منكم، ومن حق عدوكم ان يطمع بكم ما لم تعودوا لرشدكم ويأتلف جمعكم ويأمن بعضكم بعضا.
يا أمة الإسلام، الم يؤلف الله بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً، فكيف انقلبتم على اعقابكم يُكفّر بعضكم بعضا، ويستبيح بعضكم دماء بعض، فعدتم القهقرى، وكتاب الله ووصية نبيه بين اظهركم. عودوا الى منهاج نبيكم، فوالله لو فعلتموها وما اظنكم فاعلون لما تجرأ عليكم اوغاد الغرب اللئام، ولو كنتم أقلّة فكيف وانتم امة بوسع هذه الأرض.
انكم تتحملون امانة الله التي هي امتكم مسؤولية حاضرها ومستقبلها، عزتها وذلها، انتصارها وهزيمتها ومسؤولية رسالتها التي ان اديتموها لكان للعالم خلاصه فضلا عن خلاصها.
ألم تسمعوا قول الله تعالى “وان هذه امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون”، فكيف صيرتموها أمماً وجعلتموها شِيَعاً؟؟، ولكن الوقت لم يفت والمهلة لم تنقض للمّ الشمل وللحؤول دون وقوع الكارثة التي تتحمل مسؤوليتها الاولى والاكبر الدول الاسلامية الكبرى في الإقليم، بأن تجتمع على حقها وحق شعوبها وحفظ مصالحها، دون أن تضع جانبا مصالحها الوطنية، على ان يكون سقفها مصالح الامة الاستراتيجية بدل الاختلاف على النفوذ بينها، فلن تستطيع اي منها ولن يسمح لها بالهيمنة والسيطرة على الإقليم الا بمقدار ما يعطيها الطاغوت الدولي، بعد ان يفكك مجتمعاتها واحدة بعد أخرى، منتظراً هزيمتكم جميعا ليأتي أخيراً ليقبض على الفريسة، ويظمها تحت جناحه، وان لبنان هو احد ضحاياكم كما فلسطين وشعبهما، فانتم بسياساتكم هذه جعلتم اهلها شِيَعاً واضعفتم موقفها امام العدو، فما استطعتم حسم الصراع لصالحكم، وانما مهدتم الارضية لصالح اعدائكم، ومع ذلك انتم اليوم في امتحان، اما الامة فباقية بضمانة من الله تعالى بحكم الله القاطع والابدي بقوله (إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تض”روه شيئا) .
اننا مع ايماننا بوحدة الامة لا نقف موقفاً سلبياً من تعدد كياناتها بهذا الشرط الذي تحدثنا عنه، وهو عدم التدخل لاي منها في شؤون الاخرى الداخلية، ولكن مع مسؤولية الجميع عن حفظ مصالحها الاستراتيجية التي يجب ان تكون سقفا للمصالح الوطنية. ومن هنا فإننا متمسكون بوحدة الكيان اللبناني ارضا وشعبا، والذي يفترض في الشعب اللبناني ان يكون مجمعا عليه. اما المصالح الاستراتيجية ومنها تحرير فلسطين ومقدساتها وتحرير قدسها، فهي مسؤولية الامة جمعاء، مسؤولية عربية واسلامية .
ومن المؤسف ان يحاول البعض في الداخل اللبناني ان يُعطي للعدو الذرائع ليقتل ويدمر ويعتدي ويستمر في الحرب على لبنان، ويتهم المقاومة بخرق الاتفاق، فيما القوات الدولية والامم المتحدة والرئيس الفرنسي وفخامة رئيس الجمهورية ورئاسة الحكومة، يبرؤون المقاومة ويقرون بأن العدو هو من يبادر للعدوان ويستمر في الحرب ويتهرب من تنفيذ الاتفاق. لذلك فإن على الحكومة اللبنانية والقضاء مسؤولية استدعاء هؤلاء والتحقيق معهم ومحاكمتهم بجرم التحريض على الفتنة والخيانة الوطنية، وإن التذرع بالقول ان هذا موقف سياسي، لا يُعفي هؤلاء من المسؤولية، ولا يبرؤهم من ارتكاب جرم التحريض على الفتنة والايقاع بين اللبنانيين وخيانة الامة وقوفاً وراء هذا الثوب الذي لا يستر عارياً.
نحن متمسكون بإقامة الدولة العادلة والقادرة التي تحمي السيادة وتدافع عن الارض وتحمي كرامة الشعب اللبناني، ولنا الثقة بالعهد، نقف الى جانبه وأمامه وخلفه لتحقيق هذه الغاية، تحريراً للارض واعادةً للإعمار، فمن حق لبنان دولة وشعباً تحرير أرضه المحتلة وبناء ما هدمه العدو بأي طريق من الطرق المتاحة فإن تحقق التحرير ودفع العدوان المستمر بالطرق الدبلوماسية فهو ما نتمناه وان لم تفلح الطرق الدبلوماسية فمن واجب الدولة استخدام اي اسلوب يحقق هذه الغاية بما فيها استخدام القوة والاستعانة بشعبها وما يمتلكه من قدرات بما فيها المقاومة التي هي حق طبيعي للشعوب المعتدى عليها اقرتها الاديان والاعراف والمواثيق والشرائع والقوانين الدولية ولا يستطيع احد ان يسلبها هذا الحق او ان يمنعها من استخدامه فهو حق الهي انساني قانوني وعرفي للافراد والجماعات والدول والشعوب عبّر عنه فخامة رئيس الجمهورية بصراحة يستحق منّا كل الاحترام والتقدير، ومن يريد ان يتخلى عن حقه ويستسلم لإرادة العدو ويرضى لنفسه حياة النعاج بين الوحوش فهو يتخلى عن انسانيته وكرامته ولا يحق له ان يفرض خياره وموقفه على الاخرين المتمسكين بكرامتهم وحقهم وانسانيتهم اولوياته ومسؤولياته كما ان من مسؤولية الدولة، اعادة الودائع الى اصحابها والا يكونوا ضحية للفساد ويحملوا وزر الفاسدين وان يكون الحل على حسابهم.
اسأل الله تعالى ان يعيد هذه المناسبة على اللبنانيين والعرب والمسلمين بالوحدة والقوة والمنعة، وبالأخص على الشعب الفلسطيني واللبناني بالخلاص من هذا العدو المجرم، وان يرحم الشهداء، شهداء غزة والضفة وشهداء لبنان والأمة، ويُعجّل في شفاء الجرحى وان يُعيد الاسرى الى اهلهم وذويهم، ويتقبل منهم جهادهم وآلامهم وآلام اهالي الشهداء وأسرهم.
وان يعيد علينا شهر رمضان ويتقبله منا بافضل القبول، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد الصلاة زار العلامة الخطيب اضرحة الامامين شمس الدين وقبلان والسيد الشهيد نصر الله والشهدء وقرأ الفاتحة عن ارواحهم .