من الصحف

كيمياء مفقودة بين برّي وجعجع... وخلافهما يتجاوز حدود الرئاسة

الاحداث- كتب رضوان عقيل في صحيفة النهار يقول:"لم يكن من المستغرب ألا يلتقي الرئيس #نبيه بري ورئيس حزب "#القوات اللبنانية" #سمير جعجع حيال استحقاق انتخابات #رئاسة الجمهورية، وألا يقتربا في النظرة السياسية لأكثر الملفات الشائكة لجملة من الأسباب والخيارات المتباعدة بين الطرفين. وبالرجوع الى الوراء يأتي الرجلان من مدرستين مختلفتين في الأفكار والتوجهات والخيارات والنظرة الى لبنان الذي يريده كل منهما. ولا يجتمعان في الكثير من القضايا الوطنية، ولو أنهما انطلقا من أسرتين غير سياسيتين حيث عملا على رفض الإقطاع السياسي من مفهومهما حيث وقف الأول مبكراً ضد آل الأسعد عند الشيعة، ولم يكن الثاني بدوره معجباً بآل الجميل وإن شق طريقه العسكرية ثم السياسية من رحم #حزب الكتائب. ولا يرتاح جعجع لآل فرنجية وعائلات سياسية مسيحية عدة حيث نجح والرئيس ميشال عون في انتزاع سلاح القرار منها ليتصدّرا الواجهة المارونية في آخر ثلاثة عقود. ويتصدّى جعجع لبري ويدخلان في سجالات مفتوحة في الآونة الأخيرة في معرض رد "القوات" على كل نقطة وفاصلة في كلام رئيس المجلس لا تعجبان معراب.

وإن كان جعجع لا يؤيد السير بالمرشح سليمان فرنجية ولا بالتوجه الى أي طاولة حوارتسبق انتخاب رئيس، فإن مسائل عدة تحكم العلاقة بين الاثنين تعود الى رواسب الحرب، انسحبت على وجود بري في البرلمان منذ عام 1992 الى اليوم ودخول "القوات" المسرح النيابي رغم نسج نواب "قواتيين" علاقات جيدة مع بري عمل عليها النائب جورج عدوان بقوة انطلاقاً من موقعه في رئاسة لجنة الإدارة والعدل التي تبقى على تماس مباشر مع رئيس المجلس. ولم ينجح عدوان في كل ما كان ينسجه بين رئيس حزبه ورئيس البرلمان الملعب الأحب على قلب نائب الشوف وإن تملكه طموح الوصول الى قصر بعبدا الأمر الذي لا يعلن عن مكنوناته هذه. ولم يقصّر النائب السابق أنطوان زهرا إبان وجوده في هيئة مكتب المجلس في تقريب المسافة قدر الإمكان بين جعجع وبري. ولم تكن النائبة ستريدا جعجع بعيدة من هذا المناخ. 

ورغم كل ذلك يبقى هناك شريط طويل من المآخذ المتبادلة بين الاثنين وإن كانا في مجالسهما وحلقاتهما الضيّقة لا يكشفان عن حقيقة مشاعر كل منهما حيال الآخر.
وكان الوزير السابق روجيه ديب ممثل "القوات" في حكومة الرئيس #عمر كرامي في أوائل التسعينيات، التي كانت تضم بري أيضاً حيث التقى الوزيران آنذاك على قواسم مشتركة عدة رغم أن أجواء الحرب كانت لا تزال تخيّم على البلد. وفتح ديب أول خيوط "قواتية" مع بري. وعن تلك المرحلة يتحدث ديب في مجالسه بودّ عن بري ولم يكن يتلقى من جعجع أي توجهات سلبية ضد رئيس حركة "أمل" آنذاك وكان يتلقى من قيادته توجيهات بالانفتاح عليه وعدم الدخول في مشكلات معه. ويصفه ديب بـ"السياسي الماهر والمهضوم، ولا يمكنك إلا أن تحبه وإن اختلفت معه، ولا يتخلى عن لبنانيته".

ويستعاد المشهد اليوم حيث يقول نائب "قواتي" هنا إن جعجع لا يلتقي في التوجهات مع بري لكنه يوصي أعضاء تكتله النيابي بعدم تجاوزهم حدود قواعد الرد السياسي على بري الذي يصفه من باب التحبّب بـ"شيخ السياسيين المهضومين" في مقاربته للأمور على طاولة البرلمان وخارجه، ولو أن عامل الثقة بين الرجلين يبقى مفقوداً، ويفهم كل منهما على الآخر جيداً. ويؤكد أنه لا يوجد "أمر عمليات" في معراب يدعو الى الهجوم على بري أو الدخول في تصادم معه وإن حصل اعتراض على دعوته لحوار يسبق انتخابات رئاسة الجمهورية.

وفي تحليل لتطور الأمور وسخونتها غير المفاجئة بين بري وجعجع فإنها تعود الى تلاقي الأول مع "حزب الله" واحتضانه له وأنه يسهم في تعبيد الطريق أمام الكثير من سياسات "حزب الله" والسيد حسن نصرالله وما يريد تحقيقه. ويتوجس جعجع بشدة من المظلة التي يوفرها بري للحزب أينما حلّ حيث يظهر في موقع وزير خارجيته في مفاصل اللقاءات والمؤتمرات الكبرى.
وفي معرض مواجهات بري وجعجع يتبين أن الكيمياء المفقودة بينهما تعزز مساحة هذا التباعد علماً بأن بري تأقلم مع شخصيات مسيحية كان لا يشاركها التوجهات مثل الرئيس أمين الجميّل، ولا يخفي إعجابه بالرئيس كميل شمعون حيث جمعتهما أكثر من محطة ونقاش في مؤتمري جنيف ولوزان.

وفي اعتقاد "قواتيين"، إن مساحة كبيرة من الرأي العام المسيحي ترى أن أداء بري اليوم لا يخدم مناخ إجراء الانتخابات الرئاسية من دون أن يبخل عليه حقه في تأييد سليمان فرنجية وترشيحه. ومن الاتهامات لبري أنه يعمل والرئيس نجيب ميقاتي على تسيير شؤون الحكومة من دون اكتراثهما المطلوب للشغور المفتوح في رئاسة الجمهورية حيث يلتقيان على الإتيان برئيس يلبّي طموحهما على غرار فرنجية والقفز فوق الشريحة الكبرى من المسيحيين المعارضين لانتخابه. ولا ينقص "القوات" هنا إلا القول إنها تلتقي وبكركي في معرض انتقاداتهما لتعاطي بري في عملية الانتخاب ووضعه كل هذه الشروط من الحوار وغيرها من الشروط والمناورات قبل أن يقدم على الدعوة الى جلسات انتخاب مفتوحة وتفرغ البرلمان الى حين انتخاب الرئيس.