اجتهادات لبنانية متضاربة في قراءة بيان الخماسية: الوقت الضائع
الاحداث- كتب منير الربيع في صحيفة المدن الالكترونية يقول:"ينشغل لبنان في تفسيرات متضاربة لمضمون البيان الصادر عن اجتماع سفراء الدول الخمس المعنية بلبنان في السفارة الأميركية في عوكر. كل طرف يحاول تفسير مضمون البيان على هواه، خصوصاً لجهة استخدام عبارة "لا يمكن للبنان الإنتظار شهراً آخر بل يحتاج ويستحق رئيساً يشكل تحالفاً لاستعادة الإستقرار السياسي". وأن:" انتخاب رئيس لهو ضروري أيضاً لضمان وجود لبنان بفعالية في موقعه على طاولة المناقشات الإقليمية وكذلك لإبرام اتفاق دبلوماسي مستقبلي بشأن حدود لبنان الجنوبية".
بعض القوى السياسية والكتل النيابية اعتبرت الإشارة الى مهلة الشهر بوصفها مهلة ثابتة لانتخاب الرئيس وإلا بعدها قد تتخذ اجراءات بحق المعرقلين. لا سيما أن البيان استكمل بالإشارة الى العودة لبنود اجتماع الدوحة على مستوى مندوبي هذه الدول، وفي ذاك الإجتماع تحدثت الدول الخمس عن اتخاذ اجراءات بحق المعرقلين.
تحفيز وليس تهديداً
لدى سؤال مصادر معنية في عمل الخماسية تشير إلى أنه لا توافق على مسألة الإجراءات أو العقوبات، خصوصاً أن هناك قوى في الخماسية تحمل المسؤولية لكل الأطراف ولمئة وثمانية وعشرين نائباً وليس لطرف بعينه. إلا أن استخدام كلمة الشهر، أو العودة لبنود اتفاق الدوحة هدفها تحفيزي وليس تهديديا. في المقابل، فإن تشديد البيان على وجوب انتخاب رئيس ليكون لبنان شريكاً في المفاوضات الإقليمية لاحقاً وحول الوضع في الجنوب، يشكل ترابطاً واقعياً بين الملفين، بخلاف ما يعلنه السفراء، اذ أن التفسيرات اللبنانية ستذهب باتجاه اعتبار أن الرئيس يفترض أن يكون ذات رأي وموقع معين طالما أنه سيكون المسؤول عن المشاركة في هذه المفاوضات.
في هذا السياق، يقول مصدر متابع إن الدول الخمس لا تريد ربط ملف الرئاسة في الحرب على غزة ومواجهات الجنوب، ولكن واقعياً أصبح الربط قائماً، خصوصاً في ظل رفض قوى لبنانية أساسية البحث في أي ملفات قبل انتهاء الحرب.
تشاور أم حوار؟
جانب آخر من التضارب في التفسيرات بين اللبنانيين لمضمون بيان الخماسية، يتعلق بالتشاور، فالقوى المؤيدة للحوار، أي حزب الله، حركة أمل، تيار المردة والحزب التقدمي الإشتراكي، يعتبرون أن استبدال كلمة حوار بتشاور تحمل مؤشراً واضحاً عدم رفض فكرة التحاور بين القوى اللبنانية، ويعتبرون ان هذا المضمون يتلاقى مع تطلعاتهم. في المقابل، فإن القوى المعارضة للحوار اعتبروا أن مضمون البيان أيضاً يتلاقى مع تطلعاتهم هم، لأنه ركز على مسألة التشاور لا الحوار الموسع، والإلتزام بمهلة محدودة بعدها يتم الذهاب الى عقد جلسات انتخابية مفتوحة. من شأن هذا الإنقسام في التفسيرات أن يأخذ مزيداً من الوقت والغرق في السجالات، ما يعطي مؤشراً واضحاً الى أن لا جهوزية لإنجاز الإستحقاق الرئاسي لا على المستوى الداخلي ولا على المستوى الخارجي وتحديداً بالنسبة للخماسية.
استثمار في الوقت الضائع
ويتوقع أن تطال السجالات أيضاً الجهة التي ستتولى الدعوة الى عقد جلسات التشاور، وسط معلومات تتحدث عن امكانية تجديد كتلة الإعتدال، والتي ورد ذكرها في البيان الخماسي، لمبادرتها ولكن مع تطويرها هذه المرة إما بان تعقد الكتلة جلسات تشاورية مع الكتل المختلفة، أو مع أكثر من كتلة في آن معاً، او أن تدعو هي الى مثل هذا التشاور، أي دعوة لتشاور نيابي من قبل كتلة نيابية؛ إلا أن ذلك قد يتعارض مع صلاحيات وموقف رئيس مجلس النواب. أما الخيار الثالث، فهو عقد جلسة تشاورية مثل الجلسة التي عقدت بين الكتل المختلفة بمشاركة ممثلين عنها في المجلس النيابي تحضيراً لعقد الجلسة التي كانت مخصصة للبحث في هبة المليار يورو الأوروبية، فيكون هذا التشاور مخصصاً للبحث في الإنتخابات الرئاسية وكيفية إنجاز الإستحقاق. إلا أن كل ذلك بالنسبة الى معنيين لا يبدو أنه قادر على الوصول الى صيغة حل أو تسوية، إنما فقط استثمار في وقت ضائع بانتظار جلاء الصورة الإقليمية، والوضع في غزة والجنوب.