من الصحف

كيف سيكون رد "حزب الله" على رسالة باسيل الأخيرة إليه؟

الاحداث- كتب ابراهيم بيرم في صحيفة النهار يقول:"فيما "#حزب الله" مستغرق تماماً في المواجهات الضارية مع الإسرائيليين التي بلغت في الساعات الأخيرة ذروتها ما يوحي أن ثمة مرحلة جديدة من المنازلات قد بدأها الطرفان لتوّهما، وصلت فجأة ومن خارج كل التوقعات الى بريد الحزب رسالة – برقية من رئيس "#التيار الوطني الحر" يقول فيها "إن التفاهم مع الحزب بات يسير على خيط رفيع جداً".

من البديهي والحال على هذا القدر من الحماوة في الجنوب، ألا يشغل الحزب نفسه بالرد على تلك الرسالة المقتضبة سلباً ولا إيجاباً، والأكثر رجحاناً أن يمضي الحزب قدماً في نهج الاعتصام بالصمت وهو النهج الذي دأب على اتباعه منذ أن قرر التيار البرتقالي الانقلاب على تفاهمه مع الحزب وفتح أبواب المواجهة الإعلامية والسياسية معه تحت سقف عبّر عنه الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله بالقول إننا لا نكون البادئين إطلاقاً بسحب يدنا من يد مدّت إلينا ذات يوم. وبمعنى آخر، كان الحزب حيال ذلك التطور المفاجئ يومذاك يقيم على قراءة تحليلية تستند الى: 

- أن العمر الافتراضي لمرحلة التفاهم المبرم منذ عام 2006 قد وجد طرفه الآخر أنه لم يعد من مصلحته المضيّ به لأن صلاحيته بالنسبة إليه انتهت.

الحزب تيقن من هذا الأمر تحديداً بعد أن "انتفض" #باسيل على طلب السيد نصرالله منه أن يسير معه في خيار ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة الأولى. والمعروف أن باسيل اتخذ من هذا الطلب ذريعة أولى ليخرج من التفاهم ويشرع في رحلة التمرّد عليه...

وليس خافياً أن الحزب أيقن منذ ذلك الحين أن باسيل قد قرر جدياً الجنوح نحو مرحلة جديدة في التوجه السياسي العام خصوصاً أنه لم يعد يخفي لاحقاً أن الظروف التي أملت ولادة تفاهم مار مخايل قد انتهت وانتفت وأنه لكي يمضي به بنسخة جديدة لا بدّ من دفتر شروط يضعه على الحزب.

إن باسيل انطلق في توجهه الجديد هذا من قناعة ضمنية فحواها أن الولاية الرئاسية لمؤسس التيار العماد ميشال عون كانت بمثابة خسارة له خصوصاً أن هذا العهد مُني بنكسات وتجارب خائبة أفضت الى تراجعه في شارعه. وهكذا وجد باسيل أن عليه بعد خروج عون من قصر بعبدا وبعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي أظهرته متراجعاً ضرورة أن يبحث عن فضاء سياسي آخر وتجربة مختلفة لعلّه يستعيد بعض ما فقده. وكان من "عدّة" ذلك التحوّل إظهاره الاعتراض على كثير ممّا يشكل بالنسبة للحزب مسلّمات وثوابت وآخرها تظهير اعتراضه على الجبهة التي فتحها الحزب على الحدود الجنوبية مع إسرائيل تحت شعار "توفير الدعم لغزة وإسناد مقاومتها" انطلاقاً من شعار "وحدة الساحات"، علماً بأن الأمر لم يكن تسجيل موقف عابر بل تحوّل لازمة أساسية في خطاب رموز التيار وفي مقدمهم المؤسس نفسه.

فضلاً عن ذلك فإن باسيل وفق قراءات عند مقربين من الحزب قد بدأ رحلة شاقة تمهّد لانتقال التيار من الحالة السياسية البكر التي نشأ على أساسها والقائمة على "العونية السياسية" أي رصيد المؤسّس ونضالاته الى تيّار آخر بهوية متغيرة ليكون بعد مخاض تيار الوريث السياسي لهذا التيار. وهي تجربة عرفتها كل الأحزاب والقوى السياسية اللبنانية اليمينية منها واليسارية وما بينهما، فالوريث يحق له أن يعيد صياغة التنظيم وفق رؤاه السياسية هو ما يقتضي إزاحة من يعترض أو يظهر الرفض. وهذا أمر تجلى في التيار في الأشهر الثلاثة الماضية وتحديد عندما سرت معلومات عن أن باسيل نجح في إبعاد نائب رئيس مجلس النواب من عضوية التيار معتمداً على أمرين الأول أن الشخصية المزاحة ليست من النوع الذي يواجه. والثاني أنه ليس أصلاً من صلب التيار ومن الآباء المؤسّسين بل ملتحق به ووافد إليه.

لكن الأريحية والسهولة التي أباحت لباسيل إخراج أبو صعب لم تكن هي نفسها حينما قرر إبعاد النائب آلان عون، لذا فإن ثمة من يقول إن الأمر تأجل لعله تظهر تسوية معيّنة تحول دون المزيد من المشاكل في داخل التيار.

لم يعد خافياً أن الحزب قد وضع منذ زمن خطة للتعامل مع هذا التطوّر الطارئ تقوم على: 
– العمل على احتواء جموح باسيل قدر الإمكان.

– الحيلولة دون تحويله في مقبل الأيام الى خصم سياسي.
– وفي سياق هذا التوجّه قبل الحزب فتح حوار مع التيار على قاعدة القبول بأمرين صعبين وهما إقرار الصندوق السيادي الائتماني وإقرار تشريعات اللامركزية الإدارية الموسعة. ولم تكن النتائج وفق ما تصوّر الحزب مسبقاً فالحوار توقف بعد أربع جلسات من دون أيّ نتائج.
وبعدها كانت رحلة وفد الحزب برئاسة رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد للرابية حيث نقل للعماد عون ما أملى على الحزب فتح المواجهات في الجنوب، ولكن المفاجأة أن العماد عون الذي كانت تؤمل منه خطوات تهدّئ من اندفاعة باسيل رفع سقف اعتراضه ورفضه لمبرّرات الحزب.

– ذات يوم سئل قيادي في الحزب عن الأسباب والدوافع التي تجعل الحزب يتحمّل باسيل وخشونته معه، فكان جوابه: لقد أعطانا باسيل إبان مرحلة تفاهمنا معه الشيء الكثير وسلّفنا العديد من المواقف السياسية في أحرج الأوقات، وهو ما لم يمكن لآخرين أن يعطونا إياه، لقد كان شريكاً جيداً، لكن شراكته مكلفة جداً إذ إنه يريد أثماناً باهظة ومكلفة ولا قِبَل لنا بتحمّلها أو الوعد بها، وبمعنى أوضح هو يريد أن نكون بما نملك تحت تصرّفه ورهن جموحه السياسي وطموحاته.

– وبناءً على هذه التجربة ليس بمقدور الحزب أن يتجاهل تلك الرسالة الأخيرة من باسيل فهو مضطر الى التبصّر فيها جيداً لاعتبارين أساسيين، الأول لتوقيت إرسالها والثاني لعلاقتها بالمرحلة المستقبلية. فهذه الرسالة تنطوي عند الحزب على احتمالين: الأول رهان من المرسل على تطورات داخلية وإقليمية تستوجب منه إعادة النظر في ما سلف من مواقف والعمل على إعادة وصل ما انقطع، وإن ضمن شروط معينة.

أو أن الرجل شاء أن يبعث برسالته الأخيرة على أساس أنها إنذار أخير قبل الخطوة التالية.
وفي كل الأحوال يبدو أن الحزب سيأخذ وقته قبل الردّ. والأكيد أن الرد لن يكون إلا إيجابياً بوجه من الوجوه.