من الصحف

باسيل يُلاحق "الرّفاق" حتى آخر "عوني": ?who’s next

الاحداث- كتب طوني عطية في صحيفة نداء الوطن يقول:"إنتشرت في اتّحادات المصارعة الأميركية للمحترفين منتصف التسعينات، العبارة الشهيرة «who’s next؟» التي أطلقها أحد المحاربين الأشدّاء المعروف بـ»غولدبيرغ». حيث كان المُصارع القويّ بذاته يسأل «من التالي؟» الذي سيطيح به... حتّى أمست النتيجة بعد سنوات، لائحة طويلة من المقصيّين والمهزومين. أمّا عندنا، فعرفت حلبة الصراع السياسي المحلّي، «رجلاً لا ينام على ضيمٍ». راح يطرح خصومه الواحد تلو الآخر خارجاً. ضحاياه ليسوا من الأعداء أو العملاء، بل هم شمل من «الرفاق»، جمعهم المؤسّس العماد ميشال عون، وشتّتهم وريثه رئيس «التيّار الوطنيّ الحرّ» النائب جبران باسيل. مشهد، يُشبه برامج «النومينيه» الفنّية التلفزيونية. وأيضاً صور التطهير الداخلي للأحزاب الحاكمة في منطقتنا كـ»البعث» في شطريه العراقي والسّوري، بعد تسلّل «القائد المُفدّى» إلى غرفة الأمرة بقفزة واحدة؛ إنقلاباً أم وراثة، مختصراً بذلك كلّ مسارات الوصول إلى الحكم، واعداً بخلاص الأمة، منتهياً بالتخلّص من الشركاء.

قرار "طرد" نائب رئيس مجلس النوّاب وعضو "لبنان القويّ" الياس بو صعب عن حقّ أم باطلٍ من التكتّل، لن يكون الأوّل وطبعاً ليس الأخير. لن تشفع السِيَر الذاتية بالمناضلين مهما بلغ تاريخهم ومكانتهم وشهرتهم وحيثيتهم الحزبية أو المناطقية، فالولاء المطلق هو بطاقة الإئتمان والبقاء أو جواز الخروج من "فردوس الشالوحي". يَمثُل المتّهمون حضوريّاً أم غيابيّاً أمام محكمة مهيبة، يُشير اسمها إلى أمارات الريبة والوقار، وتُدعى "مجلس الحكماء". الوقوف في حضرة هذا المجلس قد "يُطيّر" رؤوسَ كِبارٍ لا تسعفهم أسماؤهم حتى لو كانوا صقوراً، نذكر منهم النوّاب السابقين: حكمت ديب، ماريو عون، زياد أسود ونبيل نقولا إذ إن الحكم الصادر بحق الأخير مردّه إلى عدم معارضته التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، فضلاً عن مسؤولين آخرين في المناطق. وطبعاً لا ننسى فصل العديد من رموز ومؤسسي "الظاهرة العونية" في عهد الاحتلال السوري والاضطهاد، أمثال: نعيم عون، طوني نصرالله وطانيوس حبيقة ورمزي كنج الذي كان "الجنرال" يصفه بـ"العملة النادرة".



تطرح قضية بو صعب إشكاليتين وبُعدَيْن داخل "التيّار":

- الأولى عمودية، تتعلّق بذهنية القيادة الحزبية واختزالها بشخص الزعيم إلى حدود الطغيانية الفردية في القرارات التنظيمية الداخلية من جهة والسياسة العامة من جهة أخرى. إذ يعتبر قيادي سابق أن ما يقوم به باسيل هو ضرب بحق تيّار نادى بالديموقراطية وادّعى أنه يطبّقها في الانتخابات الحزبية والنيابية، في حين أنّه يمارس سياسة قمعية ترفض الرأي الآخر، متمّماً مقولة الملك لويس الرابع عشر "أنا التيّار والتيّار أنا". 

- الثانية أفقية، ترتبط بمدى انسجام بعض المنضوين في صفوفه وتأثير خلفياتهم السياسية والفكرية التي تتناقض تاريخيّاً مع المبادئ الوطنية التي نشأ عليها "التيّار" وعُبّر عنها في "مانيفستو" التأسيس. عند هذه المسألة، يشدّد أحد "العونيين" المخضرمين الذين انفصلوا إراديّاً وطوعيّاً عن الجنرال عقب تفاهم "مار مخايل"، على أنّ "الوطنيّ الحرّ" يدفع ثمن انقلابه على "الخطّ السيادي" واجتذابه شخصيات تنتمي فكريّاً وعقائديّاً إلى أيديولوجيات تناهض الكيانية اللبنانية وتتماهى سياسيّاً مع محور "الممانعة" كـ"الياس بو صعب"، وغيره من "القوميين" السابقين الذين لن يتوانوا عن دعم أي مرشّح يدور في فلك "المقاومة" أكان زعيم "المرده" سليمان فرنجية أو أي اسم آخر يطرحه "الثنائي الشيعي". 

ويضيف أنّ "الحالة العونية" أُصيبت بانفصام في الهوية، وباتت خليطاً ومزيجاً هجيناً من المتناقضين في المواقف، فنرى المتشدّدين تجاه "حزب الله" أمثال الدكتور ناجي حايك من ناحية، والدّاعين إلى حُسن العلاقة الاستراتيجية مع "الحزب" من ناحية ثانية. وفي الجناحين يبدو أنّ المستفيد الأوّل هو جبران باسيل الذي يجيد فنّ اللعب مع خصومه على "الحبلَيْن".