عون في باريس وعثمان في واشنطن... هل طلب المساعدات مسؤولية السلطات الامنية؟
الاحداث- كتب وجدي العريضي في صحيفة النهار يقول:"إذا كانت الحاجة أمّ الاختراع، فحاجات لبنان لا تُعدّ ولا تُحصى لطلب المساعدات الاجتماعية والإنسانية والطبية والتربوية، لكن الأهم في هذه المرحلة يكمن في تعزيز دور الأجهزة الأمنية بعد الانهيار الاقتصادي والمالي، إذ لم يسبق منذ الاستقلال إلى اليوم أن تسربت عناصر من الأسلاك العسكرية بأعداد كبيرة، ما ترك تساؤلات عن كيفية تعزيز دور الأجهزة الأمنية وتحصينها لتبقى صامدة في مواجهة التحديات في الداخل وعلى الحدود، لاسيما في ظل تفلت الأوضاع على الساحة المحلية وتكاثر الجرائم والقتل والاشتباكات التي تحصل أحياناً بين هذا الفريق وذاك.
وفي هذا الإطار، تزامنت زيارة قائد الجيش العماد جوزف عون إلى باريس، مع زيارة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان إلى واشنطن، من أجل طلب مساعدات لقوى الأمن بسبب افتقارها الى العتاد والطبابة وأمور كثيرة، علما ان زيارة قائد الجيش إلى الخارج لم تكن الأولى، إذ سبق له ان زار المملكة العربية السعودية ومصر والدوحة وسواها، وكان هناك دعم عسكري من هذه الدول، ومساعدات مالية أيضاً من الولايات المتحدة الأميركية، لاستمرار ديمومة الجيش وبقائه في جهوزية تامة في ظل الأوضاع الناشئة على الساحة الداخلية.
والسؤال الأهم: هل يحتاج هذا الدعم العسكري إلى زيارة قادة الأجهزة الامنية إلى الخارج أم هو واجب السلطة السياسية؟ لأنه يظهر جلياً أنه خلال زيارات رؤساء الجمهورية أو رؤساء الحكومات والوزراء إلى الخارج، فانهم يبحثون في أوراق عمل أو توقيع معاهدات وكل الأمور المتعلقة بالعلاقات الثنائية، ويكون الشق العسكري حاضراً من أجل تعزيز الجيش أو أي سلك عسكري آخر وتقديم الدعم اللازم له، وهذا ليس بالأمر الجديد. فلماذا يزور قائد الجيش باريس ويطلب الدعم، والأمر عينه للواء عثمان في زيارته اللافتة إلى واشنطن، لأنه نادراً ما يتحرك ويزور هذه الدولة أو تلك، بعدما وصلت الأوضاع في قوى الأمن الداخلي إلى حالة صعبة.
واللافت أن زيارة قائد الجيش إلى العاصمة الفرنسية ولقاءه الرئيس إيمانويل ماكرون، قد أخذ بُعداً مغايراً لأهداف الزيارات التي يقوم بها عادة قادة الجيوش للبحث في المسائل العسكرية الملحّة، إذ تخطاه إلى موضوع الاستحقاق الرئاسي، بمعنى انه حمل أكثر من دلالة، والبعض يقول إن كون قائد الجيش يُعتبر مرشحاً للرئاسة، فمن الطبيعي ان يكون جرى البحث في موضوع الاستحقاق مع الرئيس ماكرون، وإن لم يتأكد ذلك، والهدف الأساسي وفق المعطيات المتوافرة، أنه منذ الاستقلال إلى اليوم لم يسبق أن برز هذا الدور لقادة الأسلاك العسكرية في طلب المساعدات المتعلقة بأجهزتهم من هذه الدولة أو تلك، وإنما من خلال وزير الدفاع أو رئيس الحكومة عبر قرارات لمجلس الوزراء. لكن في الوقت عينه، ثمة زيارات طبيعية لقائد الجيش أو للمدير العام للأمن العام، وأي قائد جهاز أمني، إلى الخارج، من دون إغفال أنه ضمن وفود رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة، يكون قائد الجيش أو أحد قادة الأجهزة الأمنية مشاركاً في الزيارة، لاسيما مدير الأمن العام بصفته مسؤولا عن ضبط الحدود، وهذا ما حصل أخيراً عندما كان اللواء الياس البيسري في لندن إلى جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ومع وزير الداخلية في تونس. أما بالنسبة الى العماد عون واللواء عثمان، فان زيارتيهما تصبّان في إطار دعم الجيش أولاً في ظل الحاجة الضرورية له في هذه المرحلة، في حين ان قوى الأمن الداخلي تعاني كثيراً تقنياً ولوجستياً، وخصوصاً على صعيد الاستشفاء والطبابة، بخلاف الجيش.
ويقول مرجع دستوري وقانوني "إن زيارة قائد الجيش لطلب مساعدات وذهابه الى أي دولة، يحتاج إلى إذن من وزير الدفاع، فهل أخذ الإذن في ظل الخلاف مع وزير الدفاع؟ هذا لا أعرفه على الإطلاق، والأمر عينه بالنسبة إلى اللواء عثمان الذي بدوره يحتاج إلى إذن من وزير الداخلية، ودائماً قائد الجيش أو وزير الدفاع هما ضمن الوفود الرسمية لبحث مثل هذه المسائل، وهذا أيضاً ما لا نعرفه وكيف يتم الإذن في هذه المرحلة. باختصار الأمور تحتاج في مثل هذه الأوضاع إلى قرار سياسي، فهل القرار موجود؟". ويختم الخبير الدستوري: "ليس ثمة معلومات أو معطيات تشي بما إذا كان هناك إذن وقرار سياسي في مثل هذه الأجواء. المهم ان قائد الجيش في باريس لطلب مساعدات عسكرية، والأمر عينه للواء عثمان في واشنطن، للحفاظ على المؤسسات الأمنية، إنما في القانون والدستور فالأمور في هذه المرحلة في خبر كان".