من الصحف

لا مهرب من تلاقي بري – باسيل وأداء جعجع قرَّب المسافات بينهما

الاحداث- كتب رضوان عقيل في صحيفة النهار يقول:"سُلطت الاضواء السياسية والاعلامية في الآونة الاخيرة على العلاقة بين الرئيس نبيه بري وأكبر كتلتين مسيحيتين يمثلهما النائب جبران باسيل والدكتور سمير جعجع حيث تنتفي الكيمياء السياسية بين الثلاثة بغضّ النظر عن الملفات المطروحة، ولو ان الاول كانت له تجارب طويلة منذ اوائل الثمانينات من القرن الماضي مع زعامات مارونية من أوزان كميل شمعون وريمون اده وبيار الجميل وأمين الجميل. ولم يكن ابن تبنين وحامل لواء الجنوب والدفاع عنه على ودّ دائم معهم ولو انه لم يخفِ اعجابه بشمعون منذ ان زاره الطالب "نبيه" وهو في المرحلة الثانوية في قصر القنطاري في بيروت، واشتدت اواصر صداقتهما في مؤتمري جنيف ولوزان في سويسرا. يعرف بري جيدا موقع المسيحيين في البلد، ولا سيما منهم الموارنة وإن اختلف مع قياداتهم، إلا انه يركز في مجالسه في الخارج والداخل على اهمية هذا المكون ودوره في البلد منذ نشأته الى اليوم. 

وفي لحظة اخفاق الكتل النيابية في انتخاب رئيس للجمهورية وتحميل بري الموارنة اولاً مسؤولية هذا الشغور المفتوح في الرئاسة، يحضر التراشق الاعلامي بين رئيس المجلس وجعجع ونوابهما حاليا على خلفية الاستحقاق الرئاسي ومقاربة الدعوة الى عقد جلسات الانتخاب ورفض "القوات" الدخول في اي طاولة حوار، الامر الذي اغضب بري على عكس "التلاقي" الحاصل مع باسيل نتيجة جملة من الاسباب التي فرضت نفسها على الطرفين بعدما نجحا في حصد انتخابات نقابة المهندسين التي تُوجت بفوز النقيب فادي حنا، اليد الهندسية لباسيل، على حساب خسارة مرشح "القوات" والكتائب.

ويمكن تفسير علاقة العونيين مع "أمل" بـ"الحاجة المتبادلة" والضرورة إذ يدركان اهمية الحفاظ على ثوابتها قدر الامكان بغية تجاوز اكثر من ملف خلافي بين الطرفين من دون توقّع انهما سيلتقيان على السكة الرئاسية الواحدة ما دام "الثنائي" يتمسك بمرشحه سليمان فرنجية.
ولذلك تدخل علاقة بري - باسيل في سياق الحسابات المتبادلة مع تحقيق مصالح الجانبين. ولا يخفي باسيل في مجالسه ضرورة استثمار التطورات الايجابية بينهما من خلال الحفاظ على قنواتهما المفتوحة وتطبيقها على ارض الواقع. وفي موازاة الاستدارة التي يمارسها باسيل حيال عين التينة، ثمة مَن يذكّره بمواجهاته الخاسرة معها في اكثر من محطة والتي لم تبنَ على عمق استراتيجي سياسي في وجه "أمل" التي لم تقصّر بدورها في التصدي لطروحات باسيل اكثر من مرة، وخصوصا في ملف الكهرباء وغيره على مدار الحكومات المتعاقبة وحيث فشل شريكهما "#حزب الله" اكثر من مرة في التوفيق بينهما حتى في الانتخابات النيابية الاخيرة التي كلفتهما خسارة ثلاثة مقاعد "ذهبية" في جزين حجزت "القوات" اثنين منها في قلب الجنوب.

ومهما حاول باسيل التفلت او الاعتراض على اداء "حزب الله" في الجنوب على خلفية إسناده جبهة غزة في الميدان العسكري، الا ان "التيار" لن يغادر بسهولة اطار علاقته مع الفريقين الشيعيين، مع الاشارة الى ان الحزب سيكون مرتاحا ومرحبا بأي تطور ايجابي بين الحركة و"التيار" رغم مرحلة الجفاء القائمة بين باسيل والحزب والتي لن تصل الى حدود الطلاق بين الطرفين ولو خرجت اصوات عونية لـ "ضرورات مسيحية" تقول انها اصبحت في حِلّ من "تفاهم مار مخايل". وستثبت الوقائع ان افتراقهما لا يصب في مصلحتهما، وستكون "القوات" اول المستفيدين من تطيير ذاك التفاهم. وتبقى علاقة بري - باسيل اليوم في اطار النيات الايجابية، مع ملاحظة ان الأخير يتجه الى تفعيل محركاتها اكثر حيث ان جملة من "المشتركات" بين الطرفين يمكن البناء عليها مع جهات سياسية اخرى، مع التذكير هنا بإيمان بري بالمنافسة السياسة بين الافرقاء ولو وصلت الى حدود الخصومة المشروعة شرط ألّا تقترب من براثن العداء بين اللبنانيين.

اما علاقة بري - جعجع فيمكن تصويرها في مقاربة اخرى حيث لم يلتقِ الرجلان في اكثر من محطة بعد خروج الثاني من السجن. ويقول متابعون انه لو ترك الامر في معراب للنائبين ستريدا جعجع وجورج عدوان لكانت علاقة "القوات" مع رئيس المجلس في حال افضل.
ومَن لا يلتقي مع جعجع يرى فيه أول من يطبق "سياسة العناد والمواجهة المفتوحة التي لا تصلح في كل المرات"، فضلاً عن عدم تخليه عن طرح الفيديرالية، وان تعاطيه مع جريمة قتل باسكال سليمان حملت الكثير من الملاحظات على "القوات" ولو كان من حقها معرفة كل الوقائع التي رافقت مقتل الرجل، مع التوقف عند عدم ركونها الكامل الى رواية قيادة الجيش التي نقلها العماد جوزف عون الى المسؤولين وجعجع بالذات فضلاً عن بكركي. وفي المقابل ترد "القوات" على رئيس المجلس بانه "يختصر" البرلمان في شخصه ويصادره في الكثير من المحطات الانتخابية وآخر فصولها التوجه الى التمديد للمجالس البلدية وعدم اجراء هذا الاستحقاق.

وفي خلاصة علاقات القوى السياسية في ما بينها أنها تتدحرج نحو مزيد من التراخي والترهل في مؤسسات الدولة وتوجه مكوناتها النيابية واحزابها نحو المجهول وعدم التلاقي بحيث اصبح الحوار في ما بينها من المحرمات ولو تحت قبة البرلمان.