سياسة

١٤ آذار: سقوط ونهاية...

الاحداث  - انتهت ١٤ آذار بكل ما مثّلت ومَن ضمّت ومَن رفع رايتها منذ ١٥ عاماً. انتهت و"ما بقي مين يخبّر" عن الذين أسقطوا هذه المسيرة السياسيّة والشعبيّة، إلاّ هذه السطور.

ليست ٨ آذار مَن أسقطت ١٤ آذار. وليس حزب الله، ولا "محور المُقاوَمة"، هو الذي أسقطها. ولا "التيار الوطني الحر" ووصوله الى السلطة بعد سنوات الفراغ. ولا حتّى سوريا، ولا رئيسها بشار الأسد، الذي واجهته قوى ١٤ آذار، ولا إيران التي أنتجت السلاح النووي وتمدّدت ورسّخت إنتشارها سياسياً وعسكرياً.

الواقع أنّ رموز هذه القوى هي التي دفنت نفسها عميقاً وتفوّقت على بعضها بالمزايدات والتنازلات والرهانات الخاطئة وصراع الديوك والتعويل على الخارج والغرق في صفقات الفساد... وصولاً إلى اليوم الذي أصبح فيه ما تبقى من مليونيّة الـ2005 شريكاً في الإنهيار السياسي والإقتصادي والمالي الكبير الذي وصل إليه لبنان.

ساعة "يدبكها" سعد الحريري ووليد جنبلاط ثمّ يعودان للجلوس مع ضحكةٍ عريضة، وساعات أخرى تقفز العلاقة بين الحريري وسمير جعجع على حبال العلاقة مع السعودية حيناً، والتحالف السياسي "عالقطعة" وسقوف المزايدات التي تتسابق صعوداً... وآخرها، إتّهام "الإشتراكي" بتأمين نصاب جلسة الثقة لحكومة حسان دياب، في وقت كان تكاتفهم، مع نواب آخرين، كفيلاً بإسقاط الثقة عن هذه الحكومة.

أمّا عن "الكتائب"، فمَن ينسى مشهد العناق الحميم بين الحريري وسامي الجميّل بعد "اللطشة" الشهيرة التي وجّهها إلى جعجع حول "تفاهم معراب"، لتعود وتنقلب الصورة على مَن فيها بعد أيّام معدودة.

والأسوأ بعد في حالة ١٤ آذار أنّ العصب المسيحيّ تلاشى إلى أقصى الحدود مع "العشق المستحيل" بين "القوات" وحزب "الكتائب"، ورئيسه سامي الجميّل، حتّى أنّه لم يعد يجمع أصحاب التاريخ الواحد سوى الهجوم على جبران باسيل الذي لا يتخطّى عمره في السياسة الـ ١٥ عاماً.

لكنّ ما يُسجَّل في رصيد معراب أنّها نجحت في جذب شخصيّات جديدة إلى صفّها وأوصلتها إلى الندوة النيابيّة، أبرزها زياد حواط في جبيل، وجورج عقيص وسيزار المعلوف في زحلة، وجان طالوزيان في الأشرفيّة...

لم يبقَ في الميدان سوى أصواتٍ قليلة، ولم يعد من لزوم لدى الأحزاب والقوى بذل جهدٍ لإعادة رصّ الصفوف لأنّ المعادلة أصبحت في مكان آخر، و17 تشرين الأوّل 2019 فرض على الجميع إعادة نظر وجوديّة بالإصطفاف والحسابات السياسية التي أفرزتها إنتخابات أيار 2018.

واقع ما بعد 17 تشرين سيُجبر سعد الحريري اليوم على خلع البذّات التي ارتداها منذ 2005، ليُركّز الهجوم على عهد الرئيس العماد ميشال عون مُستهدفاً "الرئيس الذي لم يعد حكَماً" كما تكشف أوساط الحريري، ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، وليُعلن سقوط التسوية رسمياً والعبور نحو معارضةٍ من نوع آخر... كي يضمنَ صمودَه في وجه الرياح القاسية التي لم يُواجه مثيلاً لها قبل تشرين الأوّل 2019، هو الذي، على عكس ما يُقال، الأكثر راحةً هذه الأيّام!