
مخزومي في إفطار "ملتقى بيروت": لن نقبل بعد اليوم أن يجرّ أحد لبنان إلى الإنتحار
الاحداث - نظّم "ملتقى بيروت" حفل إفطار رمضاني في فندق ومنتجع "كمبنيسكي - سمر لند"، حضره ممثّل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، النائبان فؤاد مخزومي وفيصل الصايغ، الوزراء السابقون خالد قباني وحسن السبع وفراس الأبيض، محافظ بيروت مروان عبود ومحمد سعيد فتحة ممثلاً رئيس المجلس البلدي، المدير العام لوزارة المهجرين أحمد محمود، نقيب المحامين فادي المصري، رئيس مجلس عمدة مؤسّسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية الدكتور وسيم الوزان، رئيسة مؤسّسة مخزومي مي مخزومي، رئيس تحرير اللواء صلاح سلام وفاغليات.
زيدان
بداية، تحدث عضو الهيئة الإدارية للملتقى إنعام خالد مرحبا، ثمّ تحدث رئيس الملتقى الدكتور فوزي زيدان وقال: "إن هدف ملتقى بيروت هو تشجيع الحوار بين اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والمناطقية، وتنمية روح المواطنة، والمساهمة في خدمة المجتمع البيروتي ومتابعة قضاياه مع المسؤولين، والعمل على استعادة الوجه الحضاري والوطني الجامع والموحّد لأطياف المجتمع البيروتي".
تابع: "كان قرار نائب بيروت فؤاد مخزومي بالعزوف عن الاستمرار في الترشّح لمنصب رئيس الحكومة قراراَ وطنيا كبيرا، أدّى إلى تسمية الرئيس نواف سلام ومن ثمّ تكليفه بتأليف الحكومة. وقد أثبت النائب مخزومي بذلك عن ترفّع عن المصالح الشخصية لصالح المصلحة الوطنية، مع العلم أنه مؤهّل لهذا المنصب، لما يتمتّع به من علم وخبرة، وحكمة ونزاهة، وعلاقات عربية ودولية واسعة، ولامتلاكه مشروعا إصلاحيا إنقاذيا".
أضاف: "نتمنى بأن يتمكّن دولة الرئيس نواف سلام وحكومته، حكومة الإصلاح والإنقاذ، من معالجة الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية، وإعادة أموال المودعين المحتجزة، وتنفيذ المشاريع التي وردت في البيان الوزاري المستوحى من خطاب القسم لفخامة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي يشكّل برنامج عمل لحكومات العهد. كما يؤسّس البيان بداية لمرحلة جديدة تستند إلى استعادة الدولة لدورها الأمني والعسكري، ووضع حدٍ نهائي لمرحلة تحكّم السلاح غير الشرعي بالمؤسّسات والإدارة العامة وبقرارات البلاد السيادية. وإننا، كما غالبية اللبنانيين، نؤكّد على التمسّك بالدستور وباتفاق الطائف، وبتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته وفي متنه القرارين 1559 و1680 وبإقامة أفضل العلاقات وأوثقها مع الدول العربية بخاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدّمها المملكة العربية السعودية".
وتوجّه إلى الرئيس نواف سلام بالقول: "هل من المعقول بأن تكون بيروت عاصمة الوطن ومركز قراره السياسي مستثناة من التمثيل الوزاري ومن التعيينات الأمنية الأخيرة، وما يصل إلى مسامعنا بأنها قد تكون مغيّبة أيضاً في التعيينات الإدارية والقضائية الرئيسة المقبلة".
أضاف:"إنّ أهل بيروت يرفضون الإجحاف اللاحق بهم من الحكومة الحالية، ويطالبون بحقّهم في مراكز الدولة الرئيسة، ويطالبون الرئيس سلام بتدارك الأمر بإعطاء أبناء العاصمة حصة وازنة في التعيينات المقبلة، حتى لا ينقلب التململ الحالي إلى أكثر من ذلك".
تابع :"ينتظرنا استحقاق انتخابي داهم هو الانتخابات البلدية وفي العام المقبل الانتخابات النيابية. فإننا نأمل بأن يكون المجلس البلدي المقبل على قدر المسؤولية بحيث يعيد للعاصمة رونقها وتألّقها لتعود سيّدة العواصم العربية. فعلى الرغم من الجهود التي بذلها المحافظ القاضي مروان عبود ورئيس وأعضاء المجلس البلدي مشكورين، فإنّ حالة العاصمة سيّئة تتطلب إلى برناج إنمائي إنقاذي لإيجاد حلول جذرية لملفات النفايات والكهرباء والمياه، وإلى تأهيل البنى التحتية، وتحرير الأرصفة من محتليها، وفتح الطرق المغلقة وإزالة العوائق منها، وإنارة الشوارع وتفعيل إشارات المرور الكهربائية، وتشجير العاصمة، وتنظيم السير وإقامة مرائب عمومية تحت الحدائق والساحات العامة، وتأهيل حرش بيروت والحدائق العامة، وإبعاد قساطل الصرف الصحي عن الشاطىء، وإزالة كل الصور والأعلام واللافتات الحزبية وغيرها من الشوارع، وتفعيل عمل الحرس البلدي الذي لا نجد له أثراً في شوارع العاصمة".
وقال:"صحيح أنّ العاصمة هي لجميع اللبنانيين، ولكن للبيروتي، لأيّ طائفة انتمى ، الحقّ في التوظيف قبل غيره في ملاك البلدية، التي تشغله حالياً أغلبية غير بيروتية، لذا فإننا نطالب بتصحيح هذا الخلل الفادح.
ولأنّ العاصمة هي رمز الوحدة الوطنية والعيش الواحد، فإننا نؤكّد المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي المقبل".
أضاف: "أما بالنسبة للانتخابات النيابية، فإننا نطالب بقانون انتخاب عادل يؤمّن التمثيل الصحيح لكل مكوّن من المكوّنات اللبنانية، فالقانون الحالي لا يلتزم باتفاق الطائف ويزيد الانقسام الوطني حدّة. وأعتقد أنّ مشروع القانون الانتخابي الذي وضعه الوزير الراحل فؤاد بطرس ومعه لجنة وطنية كان من ضمنها الرئيس نواف سلام أفضل بكثير من القانون الحالي، وهو قانون مختلط بين النظامين الأكثري والنسبي، وعادل في تقسيماته الانتخابية. ويعتمد على تقسيم الدوائر إلى 6 دوائر كبرى تخضع للنظام النسبي يأتي بنتيجتها 51 نائباً، ودوائر صغرى تخضع للنظام الأكثري يأتي بنتيجتها 77 نائباً".
وتابع "عندما نتكلم عن قانون انتخاب عادل، علينا أيضاً إقرار قانون أحزاب عصري ومتطوّر، وغير طائفي أو مذهبي. قانون يعتمد على الولاء للبنان بلدا عربيا سيدا حرا مستقلا، وتسحب تراخيص الأحزاب الطائفية والمذهبية، والتي لا تؤمن بلبنان كيانا أزليا، أو تعتبره جزءاً من كيان أو مشروع أكبر".
وختم داعيا جميع البيارتة إلى "تحمّل مسؤولياتهم الوطنية، وعدم البقاء في بيوتهم يوم الاقتراع والتخلّف عن ممارسة حقّهم الدستوري في انتخاب من يرونه قديرا وجديرا بتمثيلهم في الندوة النيابية أوالمجلس البلدي، يدرسون تاريخه ومواقفه الوطنية ونشاطاته الاجتماعية، وما قدّمه لبيروت وأهلها من مشروعات تنموية وخدمات صحية ومساعدات اجتماعية، وألا ينخدعوا بالشعارات الطنانة التي قد يطلقها البعض لدغدغة المشاعر وإثارة العواطف. عشتم، عاشت بيروت أبيّة عصيّة على الحاقدين، عاش لبنان سيّدا حرا مستقلا".
وبعد أن أنهى زيدان كلمته سلّم والنائب مخزومي درع الملتقى إلى الوزان تقديرا لمسيرة المؤسّسات الحافلة بالعطاءات والإنجازات.
مخزومي
من جهته، قال مخزومي: " أطلّ علينا رمضان هذا العام ولبنان يعبر تدريجياً من الألم إلى الأمل. جراح الحرب كبيرة، لكن إرادة اللبنانيين في الانتقال ببلدهم إلى المكانة التي يستحق إرادة صلبة ومصممة.أنتم يا أهلي في بيروت، في طليعة اللبنانيين المتمسكين بوطنهم السيّد المستقل، وبالعيش المشترك، وبالدولة الحامية والعادلة، التي نعمل لبنائها معا، فأهلا وسهلا بكم، لنكون معا يدا بيد من أجل بيروت ومن أجل لبنان".
تابع: "الأولويات الوطنية بالنسبة لنا واضحة، نقولها بالأسود والأبيض، بعيداً من تعدّد الألوان، والتلوّن والمساومة:
أولاً:ندعم استراتيجية الخروج النهائي من كارثة الحرب الإسرائيلية التي تعرض لبنان لها. هذه الاستراتيجية من مسؤولية الدولة حصراً، الدولة التي أثبتت أنها الوحيدة القادرة على استعادة الأرض والحقوق وحماية لبنان، عبر القوى العسكرية والأمنية الشرعية، وتطبيق القرارات الدولية كلها دون استثناء (1701 و1559 و1680)، واتفاق وقف إطلاق النار، والعودة إلى اتفاق الهدنة.
لقد أدّت أوهام الاعتماد على السلاح، الذي يحرّكه المشروع الإقليمي المعروف، إلى تحويل لبنان إلى مختبر للدم والدمار. نقولها بوضوح الحريصين على البلد: لن نقبل بعد اليوم أن يجرّ أحد لبنان إلى الانتحار، فالمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين، وفي تاريخنا لدغنا مرات ومرات. لذا نصارح شركاءنا في الوطن: عودوا إلى لبنان، ولنبن معاً دولة تتسع للجميع.
ثانياً:ندعم ونعمل لاستراتيجية إعادة الإعمار وبث الروح في الاقتصاد اللبناني، وعودة الثقة إلى وطن سلبه تحالف الوصاية والفساد، كل مقوّمات الحياة. علمنا التاريخ أنّ الأمم والشعوب، لا تنهض من أزماتها الكبرى، إلا بالتصحيح الجذري، وهذا ما نصرّ عليه. التصحيح يبدأ بالنقد الذاتي وبإزالة الأخطاء ومحو الخطايا من التعاطي في الشأن العام".
أضاف "المصارحة تقتضي القول إنه لن يكون هنالك إعمار، قبل بناء دولة فعلية. دولة سيادة القرار فيها لمؤسّساتها الدستورية، لا لمشاريع السلاح، الذي نطالب بنزعه كاملاً (ضمن جدول زمني محدّد) طبقاً لما نصّ عليه دستور الطائف والقرارات الدولية واتفاق وقف إطلاق النار. نريد دولة فعلية، إدارة الحكم فيها تتم بشفافية، وبنظافة الكف.. دولة تكافح الفساد، وتحاسب الفاسدين، وتسترجع ما نهب من أموال اللبنانيين. دولة قضاؤها مستقل وحازم ورادع. إلى هذا النموذج النظيف، سيأتي الاستثمار، وستأتي المساعدات، وبغير ذلك سنستمر بالدوران في حلقة مفرغة".
وقال:"نحن بما نملك من تفويض من اللبنايين وأهالي بيروت، سنخوض معركة استعادة الدولة الفعلية. ودائع اللبنانيين بالنسبة لنا أساسية فعلاً لا قولاً، وستكون معركة استعادة الودائع في أول أولوياتنا، لا سيّما وأنّ المفاوضات مع صندوق النقد استعيدت. سنواكب هذه المفاوضات لحفظ حقّ المودعين والدولة وتحديد المسؤوليات".
أضاف:"أما في الشق الخدماتي فأتوجّه إلى الحكومة، وإلى الوزراء الذين يتولّون حقائب الخدمات، (الطاقة والاشغال والاتصالات) بأن يتابعوا ما بدأوه من خطوات ملموسة، وأن تكون خطط إحياء قطاع الخدمات طويلة الأمد، لأنّ إعادة بناء البنية التحتية، هي المرحلة الأولى والمعبر الإجباري، لبدء إعمار الأبنية والمنازل المهدّمة. نريد للبنان بنية تحتية متطوّرة، تعوّض ما فاتنا من وقت مهدور، في السباق السريع إلى التنمية التي تشهده المنطقة".
تابع "ندعم ونعمل لاستراتيجية عودة لبنان إلى الحضن العربي والعالم. ومن خلال ما أعرفه عن الأخوة العرب، فهم يريدون للبنان أن يعود اليهم، وأن يعودوا إليه سياسياً واقتصادياً. إنّ هذه العودة التي بدأت بعد طول انتظار، تشكل مصلحة لبنانية ومصلحة عربية، وما المشهد المعبّر، الذي جمع الرئيس جوزاف عون مع ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان في الرياض، سوى البداية التي نريد لها ألا تنتهي، إلا وقد تعافت علاقات لبنان مع العرب، جميع العرب.
إني أرى الأخوة العرب يعودون قريباً إلى وطنهم الثاني لبنان، إلى بيروت التي يحبّونها وتحبّهم، إلى عاليه وحمانا وبحمدون وبرمانا، وطرابلس وصيدا وصور وزحلة وبعلبك.إني أرى استعادة لبنان لمكانته في المجتمع الدولي، وأشكر في المناسبة الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا على رعاية اتفاق وقف إطلاق النار، كما أشكر الأخوة العرب في اللجنة الخماسية، السعودية ومصر وقطر، على جهودهم المستمرة لاحتضان لبنان. آن الاوان أن يعود لبنان إلى الحياة، وهذه العودة مشروطة بقرارنا. فلنضع اليد باليد، ولنكن على قدر المسؤولية".
وتوجّه إلى أهل بيروت بالقول: "أكرر وأشدّد على الوقوف إلى جانب أهالي وضحايا تفجير المرفأ. فالملفّ القضائي استؤنف العمل به. وإنّ التحقيق، على الأرجح، قريب من الاكتمال، ونترك للجهة القضائية أن تحدّد مساره، وتوقيت صدور القرار الاتهامي. وفي المقابل نؤكد على الوقوف خلف القضاء لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة ومحاسبة المرتكبين. هذه قضية عدالة وإن شاء الله يصل التحقيق إلى خواتيمه، بعد زوال تأثير "الشبيحة والبلطجية"، الذين حاولوا طمس التحقيق في مهده".
أضاف: "عن الخدمات في العاصمة أتوجّه مجدّدا لجميع المسؤولين، بأن يلبوا مطالب العاصمة وأهلها، في تأمين الماء والكهرباء وصيانة الطرق وحل فوضى مخالفات السير، والتعدّي على الملك العام، وتأمين شروط نظافة الشوراع والإنارة. وسنتابع كل هذه الملفات وفي حال التقصير سيكون لنا كلام واضح لتحديد المسؤوليات".
وختم: "نحن نؤمن بأنّ (اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حتّى يُغَيِّروا ما بِأَنْفُسِهِم). وكما في كلمتي السابقة سأختم بهذه الآية الكريمة كي أقول: مسؤولية التغيير بإيديكم. كل فرد منا هو قرار بالتغيير. كل فرد منا كلمة حقّ يجب أن تقال، في كل الاستحقاقات التي بها نغيّر الواقع السيء، ونبني الأمل بالغد، لنا وللأجيال المقبلة. فليكن صوتنا عالياً، بشجاعة المؤمن بأن لبنان يستحق.عشتم، عاشت بيروت، عاش لبنان".