سياسة

حاصباني في ذكرى البشير في الأشرفية: مستعدون للتشاور والتوافق والتقاطع مع كل من هو على استعداد للالتزام بالثوابت الوطنية والدستورية

الاحداث ـ ألقى نائب رئيس الحكومة السابق، النائب غسان حاصباني كلمة في ذكرى استشهاد الرئيس بشير الجميل ٤٢ في احتفال أقامه حزب القوات اللبنانية في الأشرفية قال فيها:"تحية من قلب الأشرفية، عرين الأبطال والمقاومة اللبنانية والسيادة، لروح الشهيد فخامة الرئيس الشيخ بشير الجميل.

الرئيس الذي جسّد في ٢١ يوماً مفهوم الجمهورية القوية من خلال شخصية رئيسها، حلم رسمه البشير وأطلعنا على لمحة منه. حاولوا باغتياله اغتيال الحلم، لكن ما لم يتوقّعوه أن بشير بقي حياً ومتجسّداً بكل من يسيّرون على خطاه على درب الجمهورية القوية وما زالوا مستمرّين ليتحقق هذا الحلم وعلى رأسهم رئيس الحزب الذي أسسه بشير حزب "القوات اللبنانية" د. سمير جعجع.

برز بشير حين كان الجميع يتآمرون على لبنان ليوزعوه قطعاً على الطامعين فيه من ضمنهم من كان يبحث عن وطن بديل أو يريد ضمّ لبنان الى بلد آخر أو التخلص من اعدائه على الأراضي اللبنانية أو ومراعاة ظروف الكل وجعل لبنان حقل تجارب.

برز البشير أولاً ليقف بوجه الطامعين ويقول لهم "لبنان أولاً" ولا قضية تعلو على قضية لبنان. حين انتقل من بشير المقاوم الى بشير الرئيس، برز مشروعه الوطني السيادي الجامع الذي وضع:

• لبنان أولاً، وقضايا شعبه أولاً.

• لبنان أولاً كجمهورية قوية سيدة حرة مستقلة.

• لبنان أولاً من دون أن يتجزأ وعلى مساحة ١٠٤٥٢ كلم مربع لا يحميها إلا جيشه الشرعي القوي.

من إغتال بشير لم يكن ليريد هذا اللبنان وبعضهم حتى هذا اليوم ما زال يفكّر هكذا وينظر الى لبنان من ضمن مشاريع اقليمية ويستغله وشعبه لمصلحة هذه المشاريع. بعضهم ما زال لا يعترف أن لبنان هو كيان نهائي وليس جزءاً من أي بلد آخر أو تحت وصاية أحد. ما زالوا يهدّدون باغتيال أي رئيس شعاره "لبنان أولاً"، كما اغتالوا الشهداء بشير الجميل ورينيه معوض ورفيق الحريري. مهما طالت قافلة الشهداء، ستبقى الشعلة مضاءة والقاتل سيرحل ولبنان سيبقى.

ما زال لبنان اليوم يواجه أطماع الغير ومساعيهم لتحويله الى ساحة لصراعاتهم وإستغلالهم الشعب اللبناني وعواطفه طوعاً أو قسراً. اللبنانيون مكشوفون على العدو ومنازلهم وأرزاقهم تدمّر، فيما من وعدوهم بالحماية ورّطوهم بالحرب ويختبئون بالأنفاق وغير قادرين أن يحموا أنفسهم.

لذا اليوم أكتر من أي وقت مضى، لبنان بحاجة لرئيس يحمل مبادئ ورسالة البشير:

• رئيس ينفّذ القسم الرئاسي ويحمي الدستور الذي يحلف عليه بالقول: "أحلف بالله العظيم أن أحترم دستور الأمة اللبنانية وقوانينها وأحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه".

• رئيس يضرب الفساد لا يشارك فيه أو "بيفرفك يديه".

• رئيس قائد، يقود لبنان ولا ينقاد من المحاور والدول.

• رئيس يجمع كل اللبنانيين ولا يحمي "ضهر حدا" الا المؤسسات الشرعية.

• رئيس يعطي الفخامة للرئاسة ولا يخاف من قول الحقيقة مهما كانت صعبة كما كان يقول الرئيس الشهيد بشير الجميل.

هكذا رئيس لا يصل بالمساومة وتمييع المواقف والرضوخ للأمر الواقع. وصول هكذا رئيس يتطلّب قراراً واضحاً من المترددين قبل الأكيدين، لأن هكذا رئيس ليس طرفاً بل هو لكل لبناني حر يريد "لبنان اولاً". لا يمكن إعتبار أن من يريد دولة ومؤسسات وجيش وسيادة على كامل الأراضي هو طرف، ومن يتخطى الدولة ويستخفّ بالجيش وقراره مرهون بأجندة وساحات صراع إقليمية، هو طرف ثان كالأول ويجب على الرئيس أن يكون بالوسط. الوسط ليس بين هذين الموقعين.

 الوسط قد يكون بين فكر سياسي وآخر أو مشروع اقتصادي وآخر، او نقطة التقاء على مشروع جامع، لكن ليس ان يكون المرء بين:

• الدولة واللا دولة

• السيادة والتبعية

• بين الفساد ونظافة الكف

• بين الاقتصاد الشرعي والتهريب والكابتاغون

لذا لا يمكن أن يكون رئيس جمهورية مستقلاً عن الإيمان بدولة قوية ذات سيادة على كامل أراضيها وجيشها الوحيد الذي يحمل السلاح ليدافع عن الـ ١٠٤٥٢ كلم مربع.

مستعدون للتشاور والتوافق والتقاطع مع كل من هو على استعداد للالتزام بالثوابت الوطنية والدستورية. أيدينا ممدودة للجميع، لذا اجتمعنا مع كثر في مجلس النواب وتناقشنا. التحالفات او التفاهمات السياسية طبيعية في مجلس نواب لا أكثرية لكتلة واحدة فيه. لكننا لا نستطيع السير ببدع، مهما كان إسمها تجميلياً، خارجة عن الدستور وتفرض أمراً واقعاً على اللبنانيين.

نذكّر من يتماهون مع تخطي الدستور ويساهمون بخلق أعراف بتغير هوية وجوهر الجمهورية اللبنانية، بأن هذا الدستور:

• نتيجة وفاق وطني بين كل اللبنانيين.

• وكّلَنَا الشعب اللبناني بالدافع عنه.

• كلّف الشعب اللبناني أكتر من ١٢٠ ألف شهيد ونضالاَ وقمعاً واعتقالاً واغتيالات ومئات الشهداء بسبب عدم تطبيقه بالكامل.

نقاط الإختلاف جوهرية، لكن هذا لا يمنع إلتقاء اللبنانيين والتفاهم على الحلول لتأمين الاستقرار، الدفاع عن لبنان من قبل الجميع ضمن إطار الدولة وليس بالوكالة عن أحد. نحنا منفتحون على الحوار بين اللبنانيين على المواضيع الخلافية تحت رعاية رئيس الجمهورية اللبنانية الذي ينص الدستور: "هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه، وفقا لأحكام الدستور".

لكن المدخل الوحيد كي نصل الى هذه المرحلة هو جلسة انتخاب رئيس جمهورية بحسب الدستور، نحترم فيها دور رئيس مجلس النواب، بدورات ممتالية من دون افقاد النصاب. يستطيع النواب التشاور فيها بين الدورة والثانية لتقريب وجهات النظر واقامة التحالفات حتى انتخاب رئيس ديمقراطياً، بحسب الدستور، قادر ان يحمي الدستور.

في هذا الانهيار والفراغ، كثر يريدون أن نشكك بفكرة لبنان الكبير الذي أسّسه أجدادنا، وباركوه وماتوا في سبيله. منذ سنوات وهم بشراكة السلاح والفساد يفككون الدولة التي تحافظ على لبنان بلداً نهائياً لكل أبنائه.

هناك من يحاول تغيير هوية لبنان وكيانه ورسالته، لكننا نواجههم ونمنعهم. لهذا السبب يقومون بجهد كبير لتشويه الحقيقة:

• يتحدثون عن حوار حول الرئيس لكن دون أخذ رأي أحد عندما يدخلون لبنان بحروب.

• يقولون عَنا انعزاليين وضد الحوار، لكن لا يلاقونا لنتحاور في المجلس عن خارطة طريق للرئاسة.

• يدّعون أننا بعيدون عن الوفاق الوطني، فيما هم كل يوم يضربون دستور الوفاق الوطني ببدع وممارسات خارجة عن الدستور.

• يقولون نحنا تقسيميون، فيما هم يغلقون مناطق ومربعات وينشؤون بنى تحتية وأنفاق تحت الأرض، بينما نحنا دعاة لبنان 10452 كلم مربع فوق الأرض وفوق كل السطوح.

يحاولون ان يغيّروا النموذج اللبناني منذ أكثر من ٤٠ سنة، منذ إغتيال البشير بتركيبة قاتلة قوامها: الفساد، الوصاية وسلاح خارج الشرعية. هذه التركيبة أوصلتنا الى:

• سرقة أموال الناس ومدخراتها ورزقها من المصارف.

• دفع فواتير الكهرباء ونحن نغرق بالعتمة الشاملة.

• هدر المليارات من مال الناس بالفساد وسوء الادارة.

• التزام ناس بدفع الضرائب والرسوم والاقتصاد الشرعي، فيما ناس يتهربون من دفع ذلك.

• إلتزام ناس بالقوانين وبدفع غرامات إذا خالفت، فيما هناك ناس ينقلون السلاح ويضربون صواريخ ويجرون لبنان على حروب.

• ناس ينزلون على مجلس النواب لإنتخاب رئيس باسم الشعب وناس يغلقون باب مجلس النواب بوجه صوت الشعب.

هذه التركيبة التي تنخر عظم الجمهورية اللبنانية أكتر من ٤٠ سنة وأدت للانهيار والحروب لا يمكن أن نرضى بأن تستمر. نحن وكل الأحرار السياديين الغيورين على لبنان موجودون لمواجهتها. نتمنى على كل اللبنانيين ان يلاقونا الى مشروع بشير الجميل الذي يجمع كل اللبنانيين حول الدولة.

منذ أكثر من ٤٠ سنة، علمنا البشير ان لبنان ليس صندوق بريد أو جمعية خيرية للدفاع عن قضايا المنطقة على حسابه، بغض النظر عن أهميتها أو أحقيتها، لا لبنان أرضاً سائبة.

• ليس كل ما استبدّ ظالم أو طاغية وهجّر شعباً في المنطقة يجب أن يكون لبنان ملجأ لهم ومشروعاً بديلاً عن بلدهم.

• ليس عند كل موجة تطهير عرقي أو مذهبي وموجة تهجير في هذا الشرق، يجب أن يدفع لبنان الثمن ويضيّع ٣٠ سنة ليتخطاها.

• لبنان ليس بلداً بديلاً لأحد، ولا محطة إطلاق حروب وصواريخ لأحد.

هكذا كان يريد بشير، وهذا ما نريده اليوم وسنبقى السد المنيع ليكون لبنان فقط للبنانيين.

يا أهل بلدي، في المناسبة التي جمعت عيد الصليب بذكرى المولد النبوي الشريف، ذكرى اغتيال البشير، نقول من ساحة ساسين، من قلب الأشرفية التي تصدت للإحتلال، وتدمرت بالقصف السوري لإخضاعها، واغتالوا فيها البشير وسقط فيها شهداء كثر، وفجروها وحاولوا ان يهجروا أهلها، لن تخضع وستبقى نموذجاً للصمود والوطنية والتعايش لكل لبنان.

من جامع بيضون وكنائس سيدة البشارة ومار نقولا لكنيسة مار مارون، ومن جامع الخضر لكنيسة مار افرام وكاتدرائية سيدة البشارة، ومن كنيسة سيدة الانتقال ودير سيدة الدخول والعازرية لكنيسة ما متر ومار يوسف الحكمة ومار جرجس ومار مخايل، ستبقى الأجراس تقرع والمآذن تأذن. سنظل في هذه الأرض شعباً موحداً يكرس ثقافة الحياة لا الموت، بالرغم من اختلافاتنا ومن يحاولون أن يخلفونا، أصواتنا مرتفعة على مدى الشرق والغرب وكما كانت الأشرفية بداية البشير، ستبقى نموذجاً للبنان.

أملنا كبير بلبنان الكبير، ليبقى كبيراً، لبنان ١٠٤٥٢ كلم مربع، وفاءً لوعد البشير.

عشتم وعاش لبنان...".