النزوح السوري الى لبنان: توطين مستتر خلف التهجير؟
الاحداث- كتبت جوليانا معنق
ينشغل اللبنانيون بالأزمات الكثيرة التي تتفاقم في حياتهم اليومية، ما يؤثر إيجابًا لدى البعض ويفسح المجال أمامهم لتنفيذ أجنداتهم الشخصية ومشاريعهم الخارجية. ووسط هموم اللبنانيين ومشاكلهم وسعيهم لتأمين لقمة عيشهم وتدبر أمور أولادهم لتأمين أقساطهم المدرسية والتفتيش عن مصدر لتأمين كتبهم ومستلزماتهم المدرسية ، يزداد أعداد النازحين السوريين ككرة الثلج ، فيدخلون الى لبنان عبر البحر والجو والبر وحدث ولا حرج عن المعابر غير الشرعية التي يتدفق منها السوريون، ليتجاوز عددهم عدد اللبنانيين.
وهنا يطرح السؤال الذي يفرض نفسه ويقلب المعادلة :من هي الجهة المستفيدة من تلك الأعداد الهائلة وما هي النيات المبيتة وراء هذا الوجود؟
بداية، في الأرقام...
بحسب آخر أرقام مسجلة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، تجاوز عدد النازحين المليونين، لكن هذه الأعداد المصرح عنها غير صحيحة بطبيعة الحال، نظرا الى أن الأعداد تزداد يومياً بلا أي حسيب او رقيب. هذا وتتجنب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون النازحين السوريين التعاون وإبراز الأرقام الصحيحة، متجاهلة بالتالي الدولة اللبنانية والخطر الذي تحمله تلك الأعداد.
ومؤخراً كشفت وزارة التربية عن أرقام التلامذة السوريين في المدارس اللبنانية لهذا العالم التي قد تصل الى 700 ألف طالب، موزعين على الدوامين، أي مندمجين حتى مع الطلاب اللبنانيين خلال الدوام الصباحي.
وهنا، يتضح لنا أن المسألة لم تعد أزمة أرقام وأعداد، فالوجود السوري أصبح واقعًا ينخر في كل زوايا المجتمع اللبناني ويؤثر حتى على الكيان والهوية. فالنزوح الذي بدأ ببعض المخيمات تخطى حدوده السطحية ووجد لنفسه الملاذ في كل فرصة أتيحت له.
المواقف السياسية والدولية...
وبعيداً عن الأرقام،، بدأت الصرخة تعلو مؤخراً وتصدح هتافات الترحيل من الجهات اللبنانية كافة. فبعدما دق قائد الجيش العماد جوزاف عون ناقوس الخطر، علا بالامس صوت وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال بسام مولوي الذي اعتبر أن ملف النازحين «يهدد ديمغرافية لبنان وهويته». أما رئيس حكومة تصريف الاعمال ، نجيب ميقاتي، فقد دعا المجتمع الدولي الى حل الأزمة بأسرع وقت والتعاون نظرا الى ثقل الملف على لبنان خصوصاً في تلك الأوضاع الصعبة.
وللمرة الاولى، التقت القوات اللبنانية والكتائب والتيار الوطني الحر وحزب الله على موقف موحد وأجمعت الأحزاب اللبنانية، على ضرورة ترحيلهم الى بلادهم.
فبعدما رفع عضو كتلة الجمهورية القوية النائب رازي الحاج الصوت عن إفادات سكن تصدرها UNHCR للنازحين السوريين في لبنان برز موقف لعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب ابراهيم الموسوي الذي اتهم «مفوضية اللاجئين بالتعدي على السيادة اللبنانية عبر اصدارها إفادات سكن للنازحين السوريين»، داعيًا "الى توحيد الارادات واتخاذ القرارات السيادية المناسبة ".
وأمام تلك المواقف المطالبة بالترحيل والرافضة لهذا الوجود، يبقى السؤال حول العراقيل والجهات المستفيدة من هذا الملف. عند الوهلة الأولى، يتبين لنا أن المنظمات الدول، ولاسيما مفوضية الأمم المتحدة لشؤون النازحين السوريين المسهل الأول. فالمفوضية التي تتخذ على عاتقها التكفل بشؤون النازحين والمسؤولة عنهم وعن المخيمات عير مكترثة بالقوانين اللبنانية ولا بالدولة أو مؤسساتها. أما التبرير لتلك الأوضاع، فجاء على شكل مفاجأة من العيار الثقيل، ألا وهي اتفاقية سرية موقعة من الجانب اللبناني مع منظمة الأمم المتحدة تحمل في طياتها توطين وتوزيع إقامات سكن لمختلف اللاجئين. وتعود هذه الاتفاقية لعام 2016, موقعة من وزير الداخلية آنذاك نهاد المشنوق، مقابل مبالغ طائلة من الأموال جنتها الدولة اللبنانية.
بعد كل ما تقدم، تبقى أسئلة وهواجس تقض مضاجع اللبنانيين ، عن الهدف من تدفق السوريين الى لبنان؟ وهل باع المسؤولون عندنا لبنان بثلاثين من الفضة مقابل توطين السوريين في لبنان وتهجير الطاقات اللبنانية الشابة تنفيذًا لاجندات خارجية بعدما دمروا مؤسساته الرسمية ومستشفياته ومصارفه ومدارسه وجامعاته وقطاعاته الانتاجية ؟ كلها أسئلة تبقى برسم الايام المقبلة.