متفرقات

تنورين ودعت زوجة الاديب سهيل مطر
خيرالله: ليقوّي الله فينا روح الرجاء والعزيمة على إعادة بناء وطننا لبنان

الاحداث - ودعت بلدة تنورين وعائلة مطر السيدة لينا جرتيزوف زوجة الكاتب والاديب د. سهيل مطر والتي وافتها المنية بعدما اصيبت بفيروس كورونا  .
واقتصرت مراسم الجنازة على عائلتها في كنيسة سيدة الانتقال- تنورين.
وقد ترأس صلاة الجنازة،  راعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله وعاونه فيها النائب العام في الابرشية المونسنيور بيار طانيوس ولفيف من الكهنة.
وبعد الانجيل المقدس ، القى خيرالله عظة بعنوان:"« تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والمثقلين بالأحمال وأنا اريحكم » (متى 11/28)، 
اتصل بي هذا الصباح صاحب الغبطة والنيافة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الكلّي الطوبى وكلّفني أن أنقل تعازيه الحارّة إلى العزيز الدكتور سهيل والعائلة وأن أؤكّد تضامنه معهم وصلاته الدائمة لراحة نفس فقيدتهم. 
بأي كلمات نعزّيك أيها الصديق العزيز دكتور سهيل بفراق لينا شريكة حياتك ورفيقة دربك ومُلهمة فكرك وشعرك ؟ وبخاصة في ظروف وباء كورونا التي لم تعدْ تسمح لنا بأن نودّع موتانا كما يليق بهم. 
إنه سرُّ الحياة والموت. إنه سرٌّ لا يعرفه إلاّ الله الآب والابن ومن يريد الابنُ أن يكشفه له. ونحن نعرفه فقط بالإيمان بالابن الذي أخلى ذاته الإلهية وصار إنسانًا ليُظهر للإنسان كم هو محبوبٌ من الله، ووصلت به المحبة إلى أن يبذل ذاته على الصليب ويعبر بالموت إلى القيامة والحياة ويجتذب إليه كلَّ مؤمنٍ به. ومع موت وقيامة المسيح لم يعدْ للموت من سلطانٍ علينا، لأننا به أصبحنا أبناء الحياة. 
لذا، نعزّيك مع أولادك الثلاثة بكلمات الإيمان بيسوع المسيح الذي يقول لكم: تعالوا إليّ أيها الحزانى وأنا أعزّيكم؛ لأن لينا التي فارقتكم دخلت الحياة وهي تنعم اليوم مع يسوع العريس السماوي في وليمة عرس الحمل. 
لينا جرتيزوف ابنة عائلة مسيحية مؤمنة، تربّت فيها على يد والدَيْن سلّما حياتهما للعناية الإلهية: والدٌ روسيّ هرب من الظلم ولجأ إلى لبنان وطن الحرية، وتزوج من ابنة قرطبا. ومعًا ربّيا وحيدتهما على الإيمان بالله والالتزام بعيش القيم المسيحية والإنسانية. 
اختارت لينا رسالة التربية والتعليم، فكانت استاذة الرياضيات في ثانوية عجلتون ثم انتقلت منها إلى دار المعلّمين وإلى جامعة سيدة اللويزة. 
دخلت قلب سهيل مطر، ابن تنورين المؤمن والمربّي والأديب والشاعر والمفكر وحظيت بحبّه وألهمت شعره ورافقت حياته. وأحبّها سهيل وجعلها « أميرته ». وبقيت كذلك في قلبه. 
وإيمانُهما بالله، المحبة المطلقة، جعلهما يتعاهدان على عيش الحبّ في سرّ الزواج المقدس ويربيّان الأولاد على القيم المسيحية والإنسانية. وكانا لأولادهما الثلاثة مثالاً وقدوةً في الحب والتضحية والصدق والاندفاع للخدمة، خدمة المجتمع وخدمة الوطن.
دخلت لينا قلوب أهل تنورين لأنها أحبّتهم وتبنّت تاريخهم وتراثهم وتقاليدهم. فبادلوها المحبة وقدّروا فيها ثقافتها وهدوءها وانفتاجها على الآخرين واحترامها لهم واندفاعها في سبيل الخير العام. 
وامتازت بالوجه البشوش والمضياف حيث كانت تزرع الفرح أينما حلّت، وبالكرم وعمل الخير بصمت كي لا تعرف شمالُها ما تصنع يمينها. 
وصار الثنائي سهيل ولينا محطَّ أنظار الكثيرين، في تنورين وكل لبنان، وتزايد عددُ المحبّين والمقدِّرين من كل الأطياف اللبنانية والانتماءات الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية. وكان بيتُهما مفتوحًا لجمع المحبّين والمخلصين. 
وكلّما كان يعتلي الدكتور سهيل المنبر لإلقاء كلمةٍ أو شعرٍ في مناسبات تعدّدت آفاقها، وبخاصة في جامعة سيدة اللويزة، كانت لينا حاضرةً من بعيد في قلبه وقَلَمه، وكان يلاقي استحسان الجمهور الحاضر وتقديره. 
أيتها العزيزة لينا، كم مرة « خطفنا » سهيل من البيت ليَفيَ بالتزاماته المتعددة، الكنسية والثقافية والاجتماعية والجامعية، ليكون مستشارًا مسموعًا إلى جانب رعاة الكنيسة أولاً – وبخاصة المثلث الرحمة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير والبطريرك مار بشاره بطرس الراعي – ثم كبار المسؤولين السياسيين والمثقفين والجامعيين، لم تتذمّري مرة واحدة !
وأشهد أنا شخصيًا في السنوات الطويلة التي عمل فيها سهيل إلى جانبنا في خدمة أبرشية البترون والمنطقة أنكِ كنتِ يا لينا تنتظرين عودته إلى البيت لتشجعيه على العطاء أكثر، لا سيما في أيام اليأس والبؤس والأزمات المتسارعة. وكنتِ تبثّين في قلبه روح الرجاء. 
وأخيرًا شاء لك يسوع أن تحملي معه الصليب وأن تتألمي مع المتألمين من وباء كورونا الذي أودى بكِ البارحة، يوم الجمعة، وكأنك تُصلبين معه وتموتين فتستحقين معه القيامة والدخول في الحياة الأبدية. 
أيها الصديق العزيز سهيل، لينا رحلتْ باكرًا جدًا وهي تترك فراغًا كبيرًا في حياتك، لكنّ تعزيتنا لك مع أولادك هي في إيماننا بأن من يرحل من هذه الحياة الفانية يدخل في حياة الله الأبدية ويبقى حاضرًا في ذاكرة الأحياء. لينا باقية معكم، وابتسامتها لن تغادر البيت، وستشفع بكم من سمائها وهي مثابرة على الصلاة من أجلنا جميعًا نحن اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين، طالبةً من الله أن يقوّي فينا روح الرجاء والعزيمة على إعادة بناء وطننا لبنان في دعوته التاريخية ورسالته في الحرية والكرامة واحترام التعددية. 
إنها تعزيتنا الحارّة والقلبية نتقدم بها أولاً باسم صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الراعي الكلّي الطوبى، وباسم سيادة المطران بولس آميل سعاده، ثم باسمكم جميعًا، من العزيز سهيل وأولاده الثلاثة وعائلاتهم ومن آل جرتيزوف ومطر، طالبًا من الله بشفاعة العذراء مريم سيدة الانتقال أن يجعل منا رسلَ محبة  وحرية وسلام وانفتاح".
 وبعدما تقبلت العائلة التعازي ووريت الثرى في مدافن العائلة.

======