متفرقات

حفل تكريمي في جامعة اللويزة.. الحريري:" التعليم هو الركيزة الأساس لكلّ بناء وطني"

الاحداث - أقامت مكتبات جامعة سيدة اللويزة حفلاً تكريمياً بعنوان: حارس الفكر، تقديراً للفنان ناصر مخول ولموهبته الاستثنائيَّة: منحوتة من 90 كتابًا تُخلّد شخصياتٍ بارزة في الأدب والعلوم والفلسفة والطب والفنون، وذلك يوم الثلاثاء 22 نيسان 2025، في حرم جامعة سيدة اللويزة – ذوق مصبح.
حضر التكريم النائبة بهيّة الحريري، رئيس حزب الكتائب اللبنانيّة الشيخ سامي الجميّل ممثلاً بصاحب المعالي النائب الدكتور سليم الصايغ، رئيس تحرير الأخبار في قناة (أم تي في) الاعلامي الأستاذ وليد عبّود حفيد الأديب مارون عبود، الأستاذ أنطوان سيف المدير التنفيذيّ لشركة مولان دور، رئيس بلدية عينطورة المهندس لبيب عقيقي، الشاعر نزار فرنسيس، رئيس جامعة سيدة اللويزة الأب بشارة الخوري محاطاً بنوابه، الأباتي سمعان بو عبدو، الدكتورة مارغريت عيد مديرة مكتبات الجامعة، الى جانب شخصيات قضائية، بلدية، إختياريّة، فكرية، أدبيّة، ثقافيّة، إجتماعيّة، وأسرة جامعة سيدة اللويزة إدارةًـ أساتذةً وطلاباً.  

 

إستُهلّ الحفل بالنشيد الوطني اللبناني، من ثَّم كانت كلمة ترحيب ألقاها الأستاذ ماجد بو هدير، مدير مكتب الشؤون العامة، البروتوكول، والعلاقات الإعلاميَّة في الجامعة قال فيها:" أهلا وسهلاً بكم إلى مساحة القيامة الحقيقيّة، إلى جامعة سيّدة اللويزة حيث عندما نقول حقاً قام، نعنيها ليس بالقول ولكن بالفعل، أي أن نكون شهوداً حقيقيّين للكلمة التي كانت منذ البدء، هي الكلمة التي تبقى في هذه الواحة الفكرية، الثقافيّة، الأدبيّة، العلميّة، نابضةً بالرغم من كل محاولات طمسها ووأدها بالعصرنة، العولمة، وأكثر". 
وأضاف بو هدير:" الله الواحد يأتمننا في هذا المكان أن نكون حرّاساً لكلّ إرثٍ، عمقٍ، نبضٍ، وكيف إذا ما كان تاريخٌ شموليٌّ نفتخر به أوصلنا إلى ههنا وما نحن عليه اليوم، تاريخٌ طُبع بالشخصيات الفذّة والإستثنائيّة من شتّى المجالات التي صنعت من لبناننا ما هو عليه اليوم، عيّنة مضيئةٌ منها هي الأنصاب التذكاريّة للشخصيّات اللبنانيّة التاريخيّة التي تضيء شمعاتها في الباحة التي تجاورنا، وهي تذكّرنا على الدوام أن نكون أمناء حارسين للقيم الفكرية، التي تنبع من العمق".
ليختم بوهدير كلمته مرحّبًا بالضيف:" العمق الذي يجمعنا اليوم يأتي من مبدع من بلادي في جعبته خمسةٌ وخمسون سنةً، خاض من خلالها غمار يوبيل ذهبي وموثق كلّ وزنات ومواهب الله له: رسماً، كتابةً، غناءً، عزفاً، تمثيلاً، وصناعةً للآلات الموسيقيّة ومستودعاً مجسّماً لحارس الفكر المذيّلِ بتسعين كتاب وإسمٍ لأهم إصدارات أهل الفكر في العالم أجمع عبر التاريخ". 
ثم تحدث الأب بشارة الخوري رئيس جامعة سيّدة اللويزة قائلا: "إنَّ الجامعات، بوجه عام، تُعدّ واحاتٍ للثقافة والمعرفة، وها نحن اليوم، من خلال أعمالكم، نشهد تجلّي يد العناية الإلهية في إنجاز مجسّم يُجسّد الفكر الذي يمنح المؤسسة ثقلها الأكاديمي ورسوخها الفكري. ويأتي هذا العمل تتويجًا لمسارٍ من الإبداع والبحث، يعكس روح الجامعة ورسالتها التنويرية في خدمة المجتمع والعلم." 
وأكمل الأب الرئيس:" إنَّ الإنسان الحقيقي هو ذاك الذي يعبّر عن إحساسه بكل أبعاده، بما يحمله من صدقٍ وعمقٍ ووعيٍ لذاته ولعالمه. وإنّ الكتاب، على الرغم من كلّ مظاهر التحديث والتكنولوجيا، لا يزال يمثّل الحدث الأهم، إذ لا قيمة لأي شيء ما لم يكن مرتكزًا على الفكر والعلم. فكلّ فردٍ منّا، ولا سيما الشباب، مدعوّون اليوم ليكونوا حُرّاسًا للفكر وحماةً للحضارة التي ورثناها عن أجدادنا"
وختم الأب الخوري: على الرغم من الأزمات التي حاولت أن تجرّنا إلى التراجع، فإننا ما زلنا متشبّثين بالثقافة والعلم والتقدّم. إنَّ التحديات لا تُقاس بحدّتها، بل بقدرتنا على مواجهتها بعقلٍ مستنير وإرادة لا تلين. ففي كل لحظة نختار فيها النهوض بالفكر، نكتب سطرًا جديدًا في تاريخ هذا الوطن". 
ومن بعدها كانت كلمة للشاعر هنري زغيب ألقاها عنه الأستاذ بوهدير، وذلك بداعي المرض، جاء فيها:" أَعرفُ هذا الناصر منذ نحو نصف قرن. وما زال هُو هُوَ منذ عرفتُه قبل نصف قرن: فيَّاضَ الحيوية، طمَّاحَ التجارب والاختبار، مبتكرًا ومخترعًا آلاتٍ موسيقيةً منذ العهود السحيقة، مُكرِّسًا جهده للموسيقى وآلاتها التراثية، عالِمًا فيها، مؤلِّفًا لها كُتُبًا، سندباديَّ التنقُّل بها في حيثُما له أَن يعرضَها ويشرحَ عنها لأَنها فلذة يديه الفنانَتَين.
هذا الجوَّابُ البحار والأَمصار، تكاد رحلاته تبلغ المئتَين، إِلى كبرى المدن والعواصم، على أَشهر المواقع والمسارح، قائدًا "الفرقة الفولكلورية السياحية اللبنانية"، سفيرًا بها من لبنان إِلى أَجواء الفن العالي في العالم.
وتابع: "ولم يكتفِ أَن يكون صاحب أَول متحف للآلات الموسيقية التراثية التي ترقى إِلى نحو 3000 سنة، بل راح يعمل بِتُؤَدَة وأَناة على تشكيل مجسَّم للفكر، بناه لا من موادَّ مأْلوفةٍ بل من أَغلفة الكتُب الأَدبية والفكرية والفنية، ليكونَ فعلًا حارس الفكر في زمن الفكْر الذي هو كلُّ زمن".
وبدوره، أشار صاحب التكريم الفنان ناصر مخول أنَّ: "الموهبة هي نعمة إلهيَّة. وفكرة إنجاز هذا المجسم جاءتني من (مكتبة عريقة في مدينة تولين في إستونيا)، حيث كنت أقوم بجولة في متاحف ومكتبات العالم لجمع وثائق عن تاريخ الآلات الموسيقية. وأثناء قيامي بإخراج الكتب من الرفوف العالية بمساعدة أحد العاملين في المكتبة، سقطت الرفوف بسبب قدم الخشب وتآكله، فاضطررت إلى تنظيم الكتب وترتيبها فوق بعضها. عندها خطرت لي فكرة إنجاز هذا المجسم الذي يمثل مكتبة عمودية بعنوان "حارس الفكر".


وأكمل مخول: "قمت بتصميم المخططات وإعداد المواد وتنفيذ تجميع القطع بدقة متناهية. استغرق تنفيذ العمل خمسة أشهر، وبقي معروضاً في متحفي الموسيقي منذ عام 2017 حتى انتقل إلى مكتبة جامعة سيدة اللويزة هرباً من ضجيج الورشة وضيق المكان".
وشكر الفنان كلَّ من ساهم في توفير مواد المجسّم وساعات العمل. فهذا المُجَسَّم المهم يحتوي على 90 كتاباً منحوتة من خشب الجوز".
أما السيَّد أنطوان سيف، فقد توجّه بالشكر إلى الجامعة على احتضانها لكلّ ما يعنى بالثقافة والفكر، ولا سيّما هذا المجسّم المميّز الذي يجسّد فكرة "حارس الفكر"، بما يحمله من رمزيةٍ عميقة في المحافظة على الإرث المعرفي الذي ينبغي أن تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل.
وقد شدّد سيف على الدور الجوهري الذي تصبو اليه الجامعة في توثيق نتاج المفكّرين الكبار وتأريخ مساهماتهم، لتبقى منارةً يُهتدى بها في دروب العلم.
وأنهى سيف كلامه أنَّ مثل هذه المبادرات لا تحيي الذاكرة الثقافيَّة فحسب، بل تُعيد الاعتبار للفكر الإنساني بوصفه جوهر التقدّم الحضاري. فالمؤسسات الأكاديميَّة، حين تنفتح على الإبداع، ترسّخ جذور الانتماء وتبني مستقبلًا متينًا قوامه المعرفة والهوية.
وكانت للسيّدة بهية الحريري مداخلة خلال، أكّدت فيها أنَّ التعليم هو الركيزة الأساس لكلّ بناء وطني، وأنَّه لا مجال للنهوض من الأزمات التي يعاني منها الوطن إلّا من خلال الاستثمار في التربية والتعليم كما فعل الشهيد رفيق الحريري. فتكمن أهمية هذا الوطن فيما يملكه من مؤسسات أكاديميَّة تشكّل صمّام أمان لمستقبله، وهي التي تحفظ هويّته وتصنع نهضته. وعلى الرغم من تعدّد مكوّنات هذا البلد، إلّا أنّنا نشعر بأنّه وطنٌ مميّز بتنوّعه، ما يحتّم علينا أن نحافظ على هذه التعدديّة بوصفها ثروة وطنية.
وشدّدت الحريري على ضرورة أن يبقى الإنسان أمينًا لقناعاته وفكره، وأن يعبّر عنها بحرية ووعي ومسؤولية.
وختمت قائلة: "نحن أمام تحوّل جذري في مجال التعليم، ما يستدعي أن نُحسن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في خدمة الإنسان، لا أن نجعل الإنسان في خدمتها، حتى نتمكّن من الوصول إلى آفاق معرفية أكثر عدلاً وفاعلية."
وقد قدم الفنان مخول للأب بشارة الخوري هدية عبارة عن آلة موسيقية وترية صنعها من خمسة كتب خشبية من منشورات جامعة سيدة اللويزة، وأيضا هدية للأستاذ أنطوان سيف هي آلة موسيقية وترية صنعها من أربعة كتب خشبية لأهم شعراء الزجل في لبنان.
وفي ختام حفل التكريم، قدم الأب الرئيس هدية تذكارية للسيّدة بهية الحريري هي كتاب "العذراء مريم في لبنان-محافظة بيروت"، كما للفنان المكرّم ناصر مخول كتاب "منحوتات بيار كرم"، كما للسيد أنطوان سيف كتاب لبنان الكبير. وبعدها، تم التقاط الصور التذكارية مع الضيوف.