متفرقات

خيرالله في عيد القيامة: حان الوقت لنتحرّر من الخوف ونطهّر قلوبنا من الحقد والكراهية والانتقام

الاحداث- ترأس راعي أبرشية البترون المطران منير خيرالله قداس منتصف الليل في كاتدرائية مار اسطفان البترون عاونه فيه كهنة الرعية الخوري بيار صعب والخوري فرانسوا حرب في حضور حشد من المؤمنين.

وبعد الانجيل المقدس، ألقى المطران خيرالله عظة بعنوان:"شهود القيامة في سنة الرجاء"، قال فيها:« في يوم الأحد جاءت مريم المجدلية إلى القبر عند الفجر، والظلام لم يزلْ مخيِّمًا، فرأت الحجر قد أُزيل عن القبر. فأسرعت وجاءت إلى سمعان بطرس والتلميذ الآخر الذي أحبّه يسوع تخبرهما ». فخرج بطرس ويوحنا وذهبا مسرعين إلى القبر، فوجداه فارغًا. فشهدا وآمنا. ولكنهما من خوفهما « رجعا إلى بيتهما ». 

« أما مريم، فكانت واقفة عند مدخل القبر تبكي... تراءى لها يسوع واقفًا وراءها، فرأته ولكنها لم تعرفه. فقال لها: لماذا تبكين وعمّن تبحثين ؟» (20/1-15). كانت تبحث عن الحيّ بين الأموات.(لوقا 24/5).

كانت مريم المجدلية الشاهدة الأولى على قيامة الرب يسوع. رأته وآمنت. فقال لها: « لا تمسكيني، بل اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني صاعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم ». يو 20/17).

فعادت مسرعة إلى الرسل لتعلن أن يسوع المسيح انتصر على الموت وقام كما قال، وأنه حيّ، وأنه صاعد إلى الآب ليهيّء لنا مكانًا. 

نحتفل اليوم، بعد أكثر من ألفي سنة على الإعلان الأول من مريم، بقيامة الرب يسوع. 

واحتفالنا هذه السنة مميّز وله طعم الوحدة والرجاء والمحبة والسلام. 

أولاً، لأننا نشهد معًا، نحن جميع المسيحيين شرقيين وغربيين، لقيامة الرب يسوع، ونقرع الأجراس معًا، ومعًا نعلن: المسيح قام، حقًا قام !

وثانيًا، لأننا نسير معًا، حجّاج الرجاء، في سنة يوبيلية مزدوجة: يوبيل السنة المقدسة الذي أعلنه قداسة البابا فرنسيس بعنوان « الرجاء الذي لا يخيّب » ليكون لنا دعوة إلى عيش الرجاء في مواجهة المحن، وزمن نعمة يثبتنا في الإيمان والرجاء والمحبة ويحملنا على الجرأة في الغفران والمصالحة. 

ويوبيل 1700 سنة مرّت على المجمع المسكوني الأول الذي عُقد في نيقية وحدّد فيه الآباء جوهر الإيمان المسيحي، الذي لا زلنا نردّده حتى اليوم ونعلن فيه إيماننا بالله، الآب والابن والروح القدس، وبالابن المساوي للآب في الجوهر. 

وبالتزامنا مسيرةَ اليوبيلين نحن مدعوون إلى الشهادة للرجاء الذي أعطي لنا مجانًا من الله الذي أحبّنا. 

نحن إذًا في مسيرة حجٍّ طوال هذه السنة اليوبيلية. 

نحن أولاً في مسيرة عودةٍ إلى الينابيع، ينابيع إيماننا في المسيح القائم من الموت، وفي الانجيل، وفي حياة الرسل والكنيسة الأولى، وفي المجامع المسكونية التي حدّدت قانون الإيمان، لننهل منها قوةً في الثبات مثابرين على الإيمان والرجاء والمحبة. 

ونحن ثانيًا في مسيرة حجّ نحو مستقبل الكنيسة في العالم لنكون شهود رجاءٍ للذين فقدوا الرجاء، ورسل محبة وسلام في عالم تزداد فيه الحروب والفتن والنزاعات الدينية والسياسية والحروب الاقتصادية. وقد دفعنا ثمنها غاليًا في لبنان. 

خمسون سنة مرّت ونحن واقفون أمام القبر نبكي وننتظر أن يقوم يسوع ويخلّصنا. بينما يسوع كان واقفًا ينادينا، كما نادى مريم المجدلية، ولكننا لم نعرفه؛ لأننا كنا نعيش في ظلمة الخطيئة وعواقب الحرب، وكان الخوف على المصير يمنعنا من اتخاذ المبادرة والدخول إلى القبر لنخرج منه مشعّين بنور القيامة. 

 

كيف نحتفل بالقيامة إذًا في سنة الرجاء ؟ 

وأيَّ موقف نتخذ لنشهد أمام شبابنا أننا أبناء القيامة والحياة ؟ 

هل سنبقى عند أقدام الصليب نبكي على مصير يسوع المصلوب وعلى مصيرنا يوم الجمعة العظيمة ؟ 

هل سنعبر إلى سبت النور لنختبر صمت الأموات ونقف أمام القبر منتظرين القيامة ؟ 

أم أننا سنسلك طريق الرجاء بعد أن التقينا المسيح القائم من بين الأموات، الذي يسير معنا ويكلّمنا ويعلّمنا فنتعرّف إليه، على مثال مريم وتلميذي عماوس ؟ فلا يسعنا بعد ذلك أن نبقى قابعين في بيوتنا، بل نسرع للذهاب إلى أهلنا وشبيبتنا وإلى إخوتنا في الوطن لنعلن لهم أن المسيح قام من بين الأموات، وهو حاضر بيننا ومعنا إلى منتهى الدهر. 

ولنعلن لهم أنه حان الوقت لكي نتحرّر من الخوف ونطهّر قلوبنا من الحقد والكراهية والانتقام ونصبح صانعي سلام، فنتوحّد ونتصالح ونبني معًا دولة حديثة تليق بأولادنا وأجيالنا الطالعة ونعيد لهم بناء لبنان وطنًا رسالة يبنون فيه مستقبلهم ويعيشون فيه بحرية وكرامة. 

فيقولون معنا: المسيح قام، حقًا قام !

وصباح اليوم ، ترأس قداس العيد في الكرسي الأسقفي في كفرحي.