
المطران خيرالله أطلق سنة اليوبيل في أبرشية البترون
الاحداث ـ أطلقت أبرشية البترون المارونية السنة اليوبيلية التي أعلنها قداسة البابا فرنسيس بعنوان "الرجاء لا يخيب" في احتفال ترأسه راعي الأبرشية المطران منير خيرالله في كاتدرائية مار اسطفان في البترون بمشاركة كهنة الأبرشية ورهبان وراهبات واكليريكيين وعلمانيين والاخويات والطلائع والفرسان والجمعيات الكنسية.
بدأ الاحتفال بتلاوة ثلاث قراءات من مرسوم إعلان يوبيل الرجاء وفسر الخوري روجيه يزبك تفسير معاني الصليب الذي صمم خصيصاً للمناسبة.
وبعد مسيرة حول الكاتدرائية ، بدأ القداس الاحتفالي الذي ترأسه المطران خيرالله وعاونه المونسنيور بيار طانيوس وكاهن رعية مار اسطفان البترون بيار صعب، رئيس دير مار قبريانوس ويوستينا الاب فرج الخوري والخوري يوسف الرامي فاضل،
وبعد الإنجيل المقدس ، ألقى المطران خيرالله عظة قال فيها:"
1- أتوجّه إليكم اليوم فيما نفتتح معًا، في كاتدرائية مار اسطفان البترون، السنة اليوبيلة وهي سنة مقدسة أعلنها قداسة البابا فرنسيس بعنوان « الرجاء لا يخيّب » (روما 5/5)، سنة غفران اللّٰه ورحمته. إنها نعمة أعطيت لنا، وعلينا أن نتقبلّها بالرجاء .
وسنحتفل معًا بإطلاق السنة اليوبيلية في دير مار قبريانوس ويوستينا، كفيفان، عند ضريحي القديس نعمة اللّٰه والطوباوي اسطفان، الخميس 9 كانون الثاني 2025، وفي دير مار يوسف، جربتا، عند ضريح القديسة رفقا، الجمعة 10 كانون الثاني ، وفي كنيسة سيدة الانتقال، تنورين، السبت 11 كانون الثاني.
ستعيش أبرشيتنا البترونية مع الكنيسة الجامعة هذه السنة 2025 تحت شعار الرجاء، ونحن سنكون فيها
« حجّاج الرجاء ». مبّرر رجائنا هو اللّٰه نفسه الذي أعطانا ابنه « يسوع المسيح الذي هو رجاؤنا » (1تيمو 11). فنعيش هذا الرجاء ونحتفل به ونشهد له في عالمنا ونتشارك فيه مع الاخرين.
1) ما هي السنة المقدسة أو السنة اليوبيلية ؟
2- إنها عطيّة من الله، زمن نعمة، زمن مميّز وخاص هدفه أن ينعش الإيمان ويثبّت الرجاء ويحث على المحبة، ويدعو إلى عيش خبرة الغفران والتشجيع على أعمال التضامن والمحبة والشركة الأخوية في الكنيسة وفي المجتمع.
تحتفل الكنيسة بالسنة اليوبيلية المقدسة عادةً كل 25 سنة واستثنائيًا في مناسبات خاصة.
ويعود هذا التقليد إلى زمن موسى. في ذلك الوقت كانوا يدعون إلى الاحتفال بسنة يوبيلية كل خمسيز سنة، إذ كان العبرانيون يحتفلون بذكرى تحريرهم من المنفى في بابل، كما نقرأ في سفر الأحبار : « وتقدّسون السنة الخمسين وتنادون بإعتاقٍ في الأرض لجميع أهلها، فتكون لكم يوبيلاً »، أي سنة خاصة يُطلق فيها سراح الأسرى، وتُلغى الديون، ويختبر الناس المصالحة مع اللّٰه ومع القريب، ويعيشون بسلام مع الجميع، وتعزز العدالة، وتعاد الممتلكات إلى أصحابها، بل وتستريح الأرض أيضًا ويتمّ تجديد الروحانية الفردية والجماعية. (أحبار 17-8/25؛ راجع أيضًا أشعيا 1/61-2 ولوقا 19-18/4).
3- احتفلت الكنيسة الكاثوليكية بأول يوبيل سنة 1300 عندما أصدر البابا بونيفاسيوس الثامن مرسومًا دعا فيه إلى سنة يوبيلية وحدّد الاحتفال باليوبيل كل 50 سنة. ولكن الروحانية الشعبية كانت قد سبقت هذا الإعلان بالاحتفال بمسيرات حجّ تعتبرها طريق نعمة، كما يقول قداسة البابا فرنسيس في مرسوم الدعوة إلى اليوبيل العادي لسنة 2025. (عدد 5).
ثم راح الباباوات يعلنون سنوات يوبيلية، مع تعديل في المدة الزمنية لتصبح 25 سنة أو في مناسبات استثنائية، ويدعون المؤمنين إلى الصلاة والتوبة والقيام بمسيرات حجّ والشهادة لإيمانهم ورجائهم.
2) الرجاء الذي لا يخيّب
4- يقول قداسة البابا فرنسيس في مرسوم الدعوة إلى سنة الرجاء :
'« في قلب كل إنسان رجاء هو رغبة وانتظار للخير، مع أنه لا يعرف ما يحمله معه الغد ». لكن رجاءنا نحن المسيحيين بالرب يسوع المسيح لا يخيّب. ويستشهد بالقديس بولس قائلاً: « فلما بُرِّرنا بالإيمان حصلنا على السلام مع اللّٰه بربنا يسوع المسيح، وبه أيضًا بلغنا بالإيمان إلى هذه النعمة التي فيها نحن قائمون، ونفتخر بالرجاء لمجد الله. (....) الرجاء لا يخيّب صاحبه، لأن محبة اللّٰه أفيضت في قلوبنا بالروح القدس الذي وهب لنا (روما 5-1/5)» (عدد او٢):
كلام القديس بولس يشير إلى أن الرجاء المسيحي يرتكز على أساس متين: على اللّٰه الذي رحّب بنا وبرّرنا، مقدمًا ابنه من أجلنا، وأفاض حبّه في قلوبنا، كعطيّة مجانية غير مستحقة، بفضل عطية الروح القدس. لذلك ليس رجاؤنا المسيحي مجرّد أمنية غامضة لمستقبل أفضل ينبع من رؤية متفائلة للحياة، بل هو ثمرة آلام المسيح وموته وقيامته، وعطيّة الروح القدس التي قدّمها لنا المسيح القائم من الموت.
ولهذا السبب، فإن الرجاء لا يستسلم في الصعاب، إنه يرتكز على الإيمان ويتغذى من المحبة، ويسمح لنا بأن نستمرّ في الحياة.
5- كم نحن في حاجة إلى رجاء في لبنان، بعد خمسين سنة من مخاض حروب فرضت علينا من الداخل والخارج ودارت على أرضنا وأرض دولٍ من حولنا، وجعلتنا نتقاتل في ما بيننا نتيجة الحقد والعنف والانتقام. وقد عانينا، بخاصة في السنوات الخمس الأخيرة، من أزمات كثيرة ومتراكمة، اقتصادية ومالية واجتماعية وصحية، ومن انهيار مؤسسات الدولة ومن فساد المسؤولين السياسيين. لكننا لم نيأس ولم نستسلم للقنوط والإحباط. بل إننا نقول مع القديس بولس: « نفتخر بشدائدنا نفسها لعلمِنا أن الشدّة تلد الثبات، والثبات يلد فضيلة الاختبار، وفضيلة الاختبار تلد الرجاء » (روما ٤-٣/٢) .
3) مسيرة الحجّ - أن نكون حجّاج الرجاء
6- الحياة المسيحية هي مسيرة، يقول البابا فرنسيس، « تحتاج أيضًا إلى لحظات قوة تغذي وتقوّي الرجاء، وهو رفيق لا بديل له يُظهر الهدف من بعيد: ألا وهو اللقاء مع الرب يسوع ». (مرسوم الدعوة إلى اليوبيل، عدد 5).
منذ زمن بعيد سار رجال ونساء في الطريق، وهم يبحثون عن الله، ومشوا نحو أماكن معروفة في تاريخ الإنسانية وآماكن مقدسة.
وليس من قبيل الصدفة، يتابع البابا فرنسيس، أن يكون الحجّ عنصرًا أساسيًا في كل يوبيل. الإنطلاق في مسيرة هو أمر نموذجي للذين يبحثون عن معنى الحياة. فالحجّ سيرًا على الأقدام يشجّع بشكل كبير على أن نكتشف من جديد قيمة الصمت والتعب وما هو الأهم في الحياة. وفي السنة اليوبيلية، سيسير حجّاج الرجاء على الطرق القديمة والحديثة ليعيشوا خبرة اليوبيل بصورة حيّة ». (عدد 5).
7- إخوتي وأخواتي في أبرشية البترون،
تعالوا ننطلق معًا في مسيرة الحج اليوبيلية: شبابًا وبالغين، كهنة ومكرَّسين ومكرّسات، مؤمنين ملتزمين في الجمعيات والمنظمات الكنسية والاجتماعية والمدنية، ومواطنين غير ملتزمين أو بعيدين عن الكنيسة، لنعيش معًا خبرة اليوبيل بكامل متطلباتها، وهي تقوم على التوبة والمصالحة والغفران، فنستغفر من اللّٰه لننال رحمته التي تشفينا من خطايانا ونغفر لبعضنا البعض.
تعالوا نسير معًا، في جماعات كبيرة أو صغيرة، ونجول في مناطق قديمة وجديدة، ونودي الصلاة ونحتفل بالقداسات والزياحات ورتب التوبة في رعايانا وفي مزارات سيديّة أو مريمية أو ضرائح قديسين بدءًا بأبرشيتنا، في دير مار قبريانوس ويوستينا في كفيفان ودير مار يوسف جربتا اللذين نعلنهما، مع كاتدرائية مار اسطفان، مراكز حجّ للسنة اليوبيلية. فنستطيع أن نؤدي واجبات اليوبيل ونحتفل بسرّي التوبة والافخارستيا لنيل الغفران. ونقوم بزيارات حج إلى روما « مدينة الرسولين بطرس وبولس »، أو إلى غيرها من المزارات في العالم. لا سيما أن قداسة البابا يوجّه « دعوة خاصة إلى مؤمني الكنائس الشرقية، والذين هم في شركة كاملة مع خليفة بطرس، هم الذين تألموا كثيرًا، ومرارًا حتى الموت، بسبب أمانتهم للمسيح وللكنيسة. فيجب أن يشعروا بأنفسهم مرحَّبًا بهم بشكل خاص في روما. والكنيسة الكاثوليكية اغتنت بطقوسهم القديمة جدًا، وبلاهوت وروحانية الآباء والرهبان واللاهوتيين، وتريد أن تعرب بصورة رمزية عن ترحيبها بهم وبإخوتهم وأخواتهم الأرثونكس، في عصر يعيشون فيه حجًّا هو درب صليب، أُجبروا فيه على ترك أراضيهم الأصلية والمقدسة التي طردهم منها العنف وعدم الاستقرار ». (عدد 5).
8- نذكّر هنا أننا، في السنة اليوبيلية 2025، نحتفل، مع جميع المسيحيين، بمرور 1700 سنة على انعقاد المجمع المسكوني الأول في نيقية (سنة 325) الذي لا يزال يجمع حتى اليوم كل الكنائس والجماعات الكنسية المسيحية في قانون الإيمان الواحد.
4) مشاركة الرجاء
9- « الرجاء، مع الإيمان والمحبة، يشكّل ثلاثية الفضائل الإلهية، التي تعبّر عن جوهر الحياة المسيحية»، يقول البابا فرنسيس في مرسوم الدعوة إلى اليوبيل (عدد 18). وهي فضائل لا تنفصل، كما يقول الرسول بولس (1 قور 13/13)، الذي يدعونا إلى أن نكون « في الرجاء فرحين وفي الشدّة صابرين وعلى الصلاة مواظبين » (روما 12/12) وأن « تفيض نفوسُنا رجاءً » (روما 13/15)، لكي نشهد بطريقة صادقة وجذَّابة للإيمان والمحبة اللذين نحملهما في قلوبنا، ولكي يستطيع كل واحد منا أن يقدّم ابتسامةً أو نظرة أخوية أو خلمة مجانيّة إلى من هم في حاجة. وكما أن إلهنا هو إله جميع البشر، وأن يسوع ابن اللّٰه صار إنسانًا من أجل الجميع، فكذلك رجاؤنا بيسوع المسيح هو من أجل جميع البشر، ولا يمكننا أن نحتفظ به لأنفسنا. من واجبنا أن نعبّر عن الرجاء الذي يسكن فينا ونشهد له في كلامنا وأفعالنا، كما يطلب منا القديس بطرس في رسالته: « كونوا دائمًا مستعدين لأن تربّوا على من يطلب منكم دليل ما أنتم عليه من الرجاء ». (1 بطرس 15/3).
فكيف سيتجلّى هذا الرجاء في اهتمامنا بالأشخاص الضعفاء والمجروحين والمظلومين والمُبعدين في خلال هذه السنة اليوبيلية ؟
10- لذا إني أتوجه في هذه الرسالة إلى الذين فقدوا الرجاء، إلى الخائبين والمحبطين، والمظلومين في حريتهم وكرامتهم، والمقعدين والمرضى وطريحي الفراش، والقابعين في السجون المظلمة، والمحزونين، والمهجَّرين والمهاجرين، والجياع والعطاش إلى البرّ والعدالة والسلام. أقول لكم إني أحبّكم وأفكر بكم وأصلّي من أجلكم وأتطلّع إلى اللقاء بكم خلال هذه السنة اليوبيلية؛ فنحتفل معًا حيث أنتم في بيوتكم أو في الرعايا أو في المستشفيات وبيوت الراحة أو في السجون، ونتبادل خبراتنا، ونكتشف معًا محبة اللّٰه لنا، ونشهد معًا للرجاء الذي يسكن فينا، الرجاء الذي لا يخيّب.
خاتمة
11- إخوتي وأخواتي أبناء وبنات الأبرشية، أبرشية القداسة والقديسين.
تعالوا نلتزم معًا في الاحتفال بهذه السنة اليوبيلية أفرادًا وجماعاتٍ: في العائلة، في الرعية، في الأخويات والجمعيات الكنسية والمدنية، في المدرسة، في الجامعة، في مكان العمل، في المجتمع.
إخوتي وأخواتي شبيبة الأبرشية، أنتم تحملون رجاءً جديدًا لكنيستنا وللوطن.
أدعوكم إلى أن تكونوا رسل الرجاء لإخوتكم الشباب الذين فقدوا الرجاء وأصيبوا بخيبة أمل من الجيل السابق. إني أعوّل على وعيكم ووحدتكم وتضامنكم والتزامكم في إعادة بناء لبنان وطنًا رسالة في الحرية والأخوّة والعيش معًا في احترام التعددية.
فنشهد معًا بطريقة صادقة أننا أبناء الرجاء نضع ثقتنا الكاملة بالله ونرجو بالمسيح يسوع الذي لا يخيّب؛ وأننا حجّاج الرجاء نسير معًا نحو تحقيق ملكوت الله، ملكوت العدالة والمحبة والسلام، بين إخوتنا البشر .
وفي مسيرتنا نتطلّع إلى العذراء مريم، رسولة الرجاء الأولى ورفيقة دربنا منذ تأسيس كنيستنا، ونتوجه إليها قائلين: أيتها العذراء مريم، أم الرجاء المقدس، إشفعي بنا لدى ابنك فيما أنت ترافقيننا في طريق الحجّ إلى الملكوت. نسلّم نواتنا إلى عطفك وحنانك ونطلب منك أن تحرسينا اليوم وكل أيام حياتنا، لتمجيد الثالوث الأقدس الآب والإبن والروح القدس.
وفي ختام القداس، أعلن الخوري ايلي سعادة برنامج الاحتفالات اليوبيلة، كالتالي:
ـ الخميس 9 كانون الثاني في دير قبريانوس ويوستينا في كفيفان عند الساعة الخامسة عصراً ،
ـ الجمعة 10 كانون الثاني في دير مار يوسف ـ جربتا عند الخامسة والنصف.
ـ السبت 11 كانون الثاني في كنيسة سيدة الانتقال ـ تنورين الفوقا عند الرابعة بعد الظهر.