متفرقات

افتتاح المتحف الملكي في مطرانية زحلة في حضور العبسي
المرتضى: كنيسة الروم الكاثوليك تشهد لأحقيّة القضية الفلسطينية وخلاصنا يكون بتكاتفنا وتشبثَنا بالمقاومة

الاحداث - شهدت مدينة زحلة اعادة افتتاح المتحف الملكي في مطرانية سيدة النجاة بدعوة من ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك وسفارة جمهورية النمسا في لبنان وفي حضور  بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي،  وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، وزير الشؤون الإجتماعية هكتور حجار، رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، راعي ابرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض، راعي ابرشية زحلة والبقاع للسريان الأرثوذكس المطران بولس سفر، راعي ابرشية زحلة وبعلبك وتوابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت انطونيوس الصوري ممثلاً بالأب ديونيسيوس الأشقر، دولة الرئيس ايلي الفرزلي، النائبين سليم عون وسامر التوم، سفير جمهورية النمسا في لبنان رينيه بول امري، سفير جمهورية فرنسا في لبنان هيرفي ماغرو، سفير جمهورية بلغاريا في لبنان اياسن توموف، عضو المجلس الدستوري القاضي ايلي مشرقاني، الوزراء والنواب السابقون ميشال فرعون، ايلي ماروني، خليل الهراوي، طوني ابو خاطر وشانت جنجنيان، مدير عام وزارة الزراعة المهندس لويس لحود، مدير عام وزارة الصناعة داني جدعون، رئيس عام الرهبانية الباسيلية المخلصية الأرشمندريت انطوان ديب، رئيس عام الرهبانية الباسيلية الشويرية الأرشمندريت برنار توما، الرئيسة العامة للراهبات الباسيليات الشويريات الأم ندى طانيوس ممثلة برئيسة معهد يسوع الملك الأم اميل جوزف الحاج شاهين، نقيب اطباء لبنان في بيروت البروفسور يوسف بخاش، رؤساء بلديات ومخاتير، هيئات اقتصادية، ثقافية، اجتماعية، تربوية، قيادات عسكرية وامنية، كهنة وراهبات وجمهور كبير من المدعوين. 
افتتح الإحتفال بصلاة تبريك من غبطة البطريرك العبسي، تلاه قطع شريط الإتتاح وازاحة الستارة عن اللوحة التذكارية لإعادة افتتاح المتحف، وجرى تقديم باقات من الورود الى البطريرك عبسي، المطران ابراهيم، الوزير المرتضى، السفير آمري.
أستهل الافتتاح بالنشيدين الوطني والنمساوي تلاه كلمة ترحيب بعريف الحفل، المسؤول الإعلامي في الأبرشية خليل عاصي.

وكانت كلمة من وحي المناسبة لوزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى  حيث اعتبر ان " كلُّ شيءٍ في زحلةَ... غير شكل."
واضاف" هذا المتحف الذي افتتحناه منذ سنتين ونصفٍ، بمعيّة صاحب السيادة المطران ابراهيم ابراهيم وسلفه المطران عصام درويش، وأدرجناه على قائمة المتاحف الوطنية، نستعيده اليوم لا مجدَّدًا... بل جديدًا... متجدِّدًا. كأني بزحلةَ من هذا المقام المقدس، تعلنُ بأعلى بِرْدَوْنيِّها، أنَّ إنشاءَ المتاحفِ ليس من أجل التلهّي بالآثار والابتعادِ عن الأمور الراهنة، وأنَّ المتاحف ليست حارسةَ الماضيات، بل حاضنةُ الآتيات، وعليها دائمًا أن تتجدَّدَ كي لا تشيخَ ويدركَها الموت. وأن للحجارةِ أرواحَها التي هي خطواتُ الناسِ على أديمِها، وأنفاسُهم في فضائها؛ وأنَّ لها أعمارَها التي لا تُحسَبُ بعدد دوراتِ الأرضِ حول نفسِها أو حولَ شمسِها، بل بمقدار ما ينفخُ أولئكَ الناس في حجارتِهم من حياة."
وتابع" كنتُ في الافتتاح الأوَّل قد أشرتُ إلى أن التواريخَ الخاصة بالعائلات الروحيّة اللبنانية، هي كالهُوِيّات الفرعيةِ المنبثقة من الهُويّةِ الأولى، أو كالملامحِ المتناسقةِ التي تُحدِّدُ سماتِ الوجوه؛ وهي، في تنوُّعِها واختلافِها، بل حتى في تناقضِها، ترسمُ مجتمعةً الإطار الناظمَ لمجرى الحياةِ في أشخاصِنا وبلادِنا، بحيثُ تصبحُ كلُّها إرثًا مشترَكًا بين الجميع من أجل الجميع، حافظًا للقائهم ومنمِّيًا لروابط مصيرِهم الموحّد. 
والحقيقة أن توالي صروفِ الزمن يكشفُ لنا بلا انقطاع أن أسبابَ اجتماعِنا الوطني، الفكريةَ منها والواقعية، تتجدّد باستمرار، وخاصةً في الأزمات، تمامًا كما يتجدَّدُ هذا المتحف، بحيث ينبغي لنا أن نقيم دائمًا احتفالاتٍ لتكريسِ معاني الاتحاد، وهذا بصراحةٍ ما نفتقدُه في هذه الأيام التي تتكاثرُ فيها دعوات الفراقِ والطلاق، بدل الترافق ووالتكاتف والتلاقي.
وأضاف المرتضى:"إن وجودَنا الوطنيَّ أيها الأحبّة يشبه أشياء هذا المتحف، إذا لم تلتقِ في موضعٍ معًا بدّدها الضياع، فإذا اجتمعت صارت على البهاء الذي ترَون."
وعن الوضع في لبنان قال " لبنان هذا الوطن الصغير المثقلُ بأعباءِ التاريخ وجمالاتِه على السواء، ما زال منذ نشوئه تقريبًا يعاني من أزمات متلاحقة، تضع في كل مرةٍ سلامةَ كيانه على المحك. ولا يخفى على مراقبٍ أن هذه التوترات اللبنانية لم تتفاقم إلا بعد اغتصاب فلسطين وقيام دولة الاحتلال التي زرعت الإبادةَ في الأرض المحتلة والفتن في جميع دول المشرق، تسهيلًا للسيطرة عليها كلِّها عسكريًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا.
 اليوم يعيش لبنان أزمةً متعدّدة الوجوه، أوّلها شغور سدّة الرئاسة الأولى وانسدادُ الأفق السياسي المتعلّق بها، بسبب رفضِ مبدأ الحوار الذي دعت إليها أطراف عديدة، محليّة ودوْليّة، كان في مقدمتِها دولة الرئيس نبيه بري. ويُضافُ إلى ذلك الأزمة الاقتصادية الخانقة، وأزمة النزوح السوري، ثم هذه الحرب العدوانية المستمرّة منذ سبعة أشهر على غزة والجنوب والبقاع. إن وعيَ اللبنانيين لحساسية الظروف الراهنة، والتكاتفَ فيما بينهم، وتشبثَهم بأسباب قوتِهم وصمودهم، وفي طليعتها  والمقاومة، تُشكّل مجتمعةً الدواء الأنجع الذي يساعدهم على تجاوز المرحلة. لكنني، بحضور ممثلي سفارة النمسا، الدولة الأوروبية الصديقة للبنان، أودُّ أن أشير بالتحديد إلى أن مسألة النزوح السوري والأضرار اللاحقة بلبنان واللبنانيين بسببه، لا تعالجُ بالمال بل بالسياسة. وعليه ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يلعب الدور السياسي المطلوب على صعيد المجتمع الدولي من اتخاذ القرار الذي يفرض عودة النازحين السوريين الى  بلادهم كي يعملوا على إعادة إعمارها. وكلُّ ما عدا ذلك لا يعدو أن يكون عملية ترقيع مؤقّتة لا غير حتى لا نقول أكثر."
وتابع" أما عن العدوان الإسرائيلي، فمن الثابت أن اللبنانيين أجمعين متفقون على موقف واحد منه، ومن الكيانِ المغتصب. ومن غيرِ أن ننسى موقف كنيسة الملكيين الكاثوليك من أحقيّة القضية الفلسطينية، ونضالَ مطران القدس إيلاريون كبوجي من أجلها، يحسن التذكير بموقف البطريرك الراحل مار نصر الله بطرس صفير القائل: "إن ما يجري على حدودنا وبالقرب منا في فلسطين غيرُ مقبول وغير إنساني، وهذا يدينُه كلُّ صاحبِ ضمير". وكذلك بموقف البطريرك الراحل اغناطيوس الرابع هزيم القائل: "القدس وفلسطينها معراجُنا جميعًا إلى السماء. وهي بعض إحساسِنا بالملكوت... القدس محَجَّةٌ، وهي قائمة في الدنيا العربية رمزًا لحريّة الإنسان من القمع والصلب... إن كنيسة المسيح تصلّي وتعمل حيث الدم يُهدَرُ والفقراء يُضطهَدون". وكفى بهذه الأقوال تعبيرًا عن أصالة الانتماء إلى الإنسانية والحقّ. وبالعودة إلى المتحف الملكي في زحلة، أود أن أشير إلى أننا نشهدُ هذا العام فرحَ إعلان طرابلس عاصمةً للثقافة العربية. وأننا في بدايات سعيِنا، بالتعاون مع صاحب السيادة المطران إدوار ضاهر، راعي أبرشية طرابلس للروم الملكيين الكاثوليك، من أجل إنشاء متحف كنسي مشابه لهذا المتحف، في الفيحاء، فعسى يُكتَبُ لنا، بهمّة الخيّرين من أفراد وجهات وسفاراتِ دول صديقة، أن ننجز هذا الأمل الجميل لما يختزن من أبعاد ثقافية ووطنية وإيمانية، هي بالنتيجة معنى وجود لبنان."
وختم الوزير المرتضى " بارك الله في هذا المعلم وجعله منارة وعيٍ وايمان، وادامكم يا صاحب السيادة عامل خيرٍ ومحبّة ولحُمة، عشتم جميعاً وحمى الله لبنان."

وكان المطران إبراهيم
القى كلمة ترحيب بالحضور جاء فيها:
" إلى أعماق مدينة زحلة، معقل الجمال والتاريخ والتراث في البقاع اللبناني، سوف تتوجه أنظار الباحثين والمؤرخين ورواد الفكر والثقافة والمعرفة إلى المتحف الملكي في مطرانية سيدة النجاة، المَعبَرُ والرمزُ لروح الإيمان والإرث الغني للمسيحية في هذه البقعة العريقة. يُعتبر هذا المتحف الملكي ملاذاً للذاكرة، حافظاً على عبق الزمان والمكان، ومنبراً لتسليط الضوء على تاريخ الوجود المسيحي في زحلة والبقاع الذي أرسى جذوره آباؤنا القديسون وأساقفتُنا العظام.”
واضاف" في صفحات هذا المتحف الملكي وحناياه، نرافقكم في رحلةٍ عَبرَ أروقةِ التاريخ، حيث نستقي أعماق الزمان ونستحضر أحداثاً وشخصياتٍ انبثقت من تراب هذه الأرض المقدسة. نتأمل معاً في مسيرة المسيحية في زحلة ولبنان، منذ زمن الرسل وحتى يومنا هذا، ونكشِفُ بعض الطبقات التاريخية التي رسمت شخصية هذه المدينة العريقة وأعطتها هويتها الفريدة. ولن نتوقف يوما عن تطوير هذا المتحف وزيادة محتوياته وتوسيع أهدافه."
وتابع " سنستكشف قصص البطولة والصمود، ونعيد قراءة أحداث الفتن والحروب التي عاشتها هذه الأرض، ونتأمل في دور الكنائس والأساقفة في بناء الهوية والحفاظ على الإرث الروحي والثقافي. سنعبر بكم إلى فترات الانتعاش والتجديد، ونستعيد معكم ذكريات البناء والترميم التي عمت المعابد الدينية والمعالم التاريخية.
إن المتحف الملكي في مطرانية سيدة النجاة ليس مجرد مكان لعرض القطع الأثرية والفنية، بل هو معبد للحكايات، حيث يتمازج الماضي بالحاضر والروحانية بالثقافة. وعبر هذا الكتاب المتعدد الكُتّاب، نسعى لنقل هذه الحكايات إلى القارئ، ليستشعر بعمق تاريخ وجود المسيحية هنا، وينغمسَ في جماليات وروعة تراث هذه البُقعة الساحرة التي ختمت العالم بختمِ إرثها المميز بواسطة أبنائها المقيمين والمنتشرين."
وقال سيادته" كنيستنا تحتفل بالمئوية الثالثة لإعادة الاتحاد مع روما لذا أردنا من استكمال بعض الأساسيات في هذا المتحف وزيادة بعض المعروضات، مناسبة يوبيلية تُرينا بالرؤية والبرهان أننا كنيسة من عمر المسيحية، كنيسة بلا حدود ومتحفٌ حيٌ يغزي متحفاً حيّاً غنيا بتاريخنا العريق وهويتنا التي لا تقبل أصالتُها الشكَ والتِبيان. فالتاريخ لا يموت، واليومَ نعلنُه محطةً يوبيليةً مهمة يتوِّجُها حضورُ أبينا وراعينا وبطريركنا يوسف المغبوط. إعادةُ الافتتاح لا تُلغي الافتتاح، بل تغنيه وتجدده وتكمِّلُه. كمعلمي أقول: "أنا مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ" (متى 5: 17). ما نفعلُه هو تجديد عهود بأننا متابعون ما بدأناه. هذه هي تقاليدنا التي تدفعنا في حياتنا الروحية، على سبيل المثال، لإقامة احتفال تجديد المعمودية أو الزواج أو الكهنوت وغيرهم."
واردف ابراهيم " أيها الأحباء، لا يمكن أن ننسى ذلك اليوم التاريخي، الأربعاء 29 كانون الأول 2021. لا ضرورة لأن نُعيد ما قلناه يومها، لكننا نجددُ بالتأكيد شُكرنا لمن شكرناهم حينها. لا يمكنُ أن ننسى أبداً ما قاله وزيرٌ مميز في تلك الساعة المباركة، هو المحبوب جدا، معالي الوزير محمد وسام المُرتضى، وزيرُ الثقافة اللبناني، الذي أعلن إدراجَ هذا المتحف على لائحة المتاحف الرسمية في لبنان. المناسبة والانجاز والمشهد كانوا على عظمة فائقة. يومها طلبتْ منا الوزارةُ استيفاء بعض الشروط الإضافية لاستكمال هذا الإدراج. لم تكن لديَّ الإمكانيات لإتمام ذلك بسبب الوضع الاقتصادي الصعب الذي عشناهُ ونعيشُه. همّيَ الأوحدُ كان، كما هو الآن، أن أكون مع الناسِ، دمعةً من دموعهم وأملاً من آمالهم. المتحف لم يكن مُطلقاً من أولوياتي ولا من خياراتي. لكنَّ سيدةَ النجاة الغالية على قلب النمسا "غلاوة" تاريخية، أرسلت لنا من جديد هدية عظيمة مميزة بشخص سفير النمسا في لبنان رينيه بول آمري الذي عرض عليَّ إتمام هذه المهمة على نفقة دولته الكريمة، فأوفد جمعية بلادي بإدارة السيدة المتخصصة في التاريخ وعلم المتاحف جوان فرشخ ومعاونيها المُختصين الذين قاموا بدراسة وتحليل وتسجيل كامل قطع المتحف، وطوّروا لوحات الوصف والشروحات بطريقة علمية تطابق الشروط والمعايير الدولية للمتاحف. هذه اللوحات سترشدُ روادَ المتحف وتزوِّدهم بكل ما تَوَفَّرَ من معلومات تُغني الزائر وتُشبعُ عطشه للتواصل مع غنى زحلة والبقاع وكنيستنا الملكية الكاثوليكية."
وتابع" إلى جانب ذلك قامت السفارة عبر الجمعية بإضافة معرض مهم في آخر القاعة السفلية للمتحف يُظهر مدى التعاون التي أبدته النمسا مع كاهنين أوفدهما مطران زحلة سنة 1850. 
فوق كل ما ذكرتُ، قامت السفارة النمساوية عبر جمعية بلادي بتدريب 40 شخصاً من زحلة ليكونوا أدلاء سياحيين للمتحف الملكي وجهَّزته بكل ما احتاجه من صيانة وتحضير تقني لاحتفال اليوم، وهي أيضا من يدعوكم بكرم، بعد إلقاء الكلمات، لحضور حفل الكوكتيل السخي الذي تقدمه السفارة على شرفكم جميعا في باحة المطرانية."
وختم المطران ابراهيم " سعادة السفير آمري أعلمني أن رِحلته معنا كسفير لبلاده في لبنان اقتربت من النهاية. رغبتُه ورغبتي كانت أن نُنهي هذا العمل قبل رحيله وأن ندعوكم جميعا، كما نحنُ اليوم فاعلون، إلى هذا اللقاء الوداعي مع شخص أحبنا فأحببناه. لن نقول له وداعاً الآن، فهو باقٍ معنا حتى نهاية الصيف، وهو باقٍ معنا لأن محبته لنا تجسدت أعمالاً ليس فقط في هذا المتحف، بل على كل شبر من أرض لبنان، وطنِهِ الثاني."
وفي ختام كلمته قدّم المطران ابراهيم بمباركة البطريرك عبسي هدية تذكارية الى السفير آمري عربون شكر وتقدير واحترام. 

من ناحيته اشار سفير جمهورية النمسا في لبنان رينيه بول آمري في كلمة له  الى اهمية ما تحقق في المتحف الملكي وقال :"إنه لمن دواعي سروري اليوم أن أكون بينكم وأن أرى أخيرًا هذا المشروع يؤتي ثماره.

بعد الكلمات جال الحضور في ارجاء المتحف الملكي ممتعين النظر بجمال ما هو معروض مبدين اعجابهم بالزاوية المستحدثة عن الأبوين موسى مقحط وفيليبس نمير الذين سافرا الى اوروبا في القرن التاسع عشر. 
.