صحة

وسواس كورونا يشتت اللبنانيين… الهستيريا قاتلة للمناعة

الاحداث - كتبت نجاة الجميل على موقع القوات

بين الخوف وإطلاق النكات، يتأرجح اللبنانيون. كان ينقصهم فيروس كورونا مترافقاً مع خضات اقتصادية ومعيشية، لتزداد امورهم النفسية سوءا. لطالما شعر أبناء هذا الوطن بعجز الدولة عن حمايتهم، وبأنهم متروكون لقدرهم، فتراهم ساعة يتسابقون على التموّن وشراء الخبز كأنهم في مجاعة، وساعة يصطفون طوابير لإجراء فحوص الـPCR أو حتى لملئ وقود سياراتهم بالبنزين، حتى التنزيلات في محلات الثياب او الأحذية، تحرك فيهم هذا الهلع، فتجدهم أيضاً يتهافتون على “لقطة” بأيام الصولد، فكيف بالحري اليوم، وهم يشعرون بأنهم بين الحياة والموت، يصارعون وباء فتك بالعالم أجمع، ويحاولون التصدي له، بإمكانياتهم وطرقهم الخاصة؟

المشهد المستجد من أمام المستشفيات، وصول مواطنين بحالة جيدة صحياً، إنما سيئة نفسياً الى الطوارئ، مطالبين بتأمين سرير لهم او اوكسيجين لشعورهم بضيق في التنفس او بعض التعب. فهل الافراط من الخوف هذه المرة يبدو مبرراً؟ وما هو تأثير غياب الحضور الفعلي للدولة والكم الهائل من معلومات التوعية المغلوطة أحياناً، التي يتلقاها اللبنانيون، على تصرفاتهم هذه، وهل باتوا يعانون من وسواس “كورونا” القهري؟

ترفض رئيسة جمعية تخطى للصحة النفسية سيسيليا ضومط أن تضع هلع اللبنانيين وتهافت بعض ممن لا يعاني من أي عوارض جدية الى المستشفيات تحت خانة الوسواس القهري، واصفة ما يجري بنوبات هلع جراء تعب الناس نفسياً وشعورهم بعدم الأمان وخوفهم الكبير من عدم توفر الاوكسيجين والاسرة في المستشفيات، لا سيما ان الدولة عجزت عن تأمين القطاع الطبي والاستشفائي بما يلزم.

وتشير في حديث لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، الى أن نوبات الهلع تترافق مع أعراض نفسية ـ جسدية، كدقات القلب السريعة، وارتخاء الجسم، ولعيان النفس، والدوخة، والتشويش بالنظر، وهذا ما يؤثر أصلاً على المناعة، وبالتالي، عندما يشعر الشخص بهذه العوارض، يلجأ الى المستشفى التي تمثّل الأمان، لا سيما أن الناس يعيشون قاق عدم إيجاد ادوية أو اوكسيجين، فيشعرون أنهم متروكون لقدرهم.

توضح أن الانسان يحتاج عادة الى مستوى بسيط من القلق كي يتمكن من حماية نفسه، لكن ما يجري اليوم، هو ارتفاع منسوب القلق ما يؤدي الى نوبات من الهلع، تجعلنا غير قادرين على استعمال المنطق السليم، فتطغى مشاعر القلق السلبية على المنطق، وتصبح الأعراض نفسية وجسدية في آن واحد، “فكلما ازاد الخوف كلما باتت الأعراض النفسية والجسدية تغزي بعضها سلبياً، ونرى المريض من باب حماية نفسه، يتوجه انفعالياً الى المستشفى”، واصفة ما نعيشه بالهستيريا الجماعية، لأن أكثر ما يخاف منه الإنسان هو الموت.

تشدد على ضرورة أن تكون التوعية مرتكزة على الصحة النفسية، بعنوانها العريض “التفكير بمنطق”، من خلال تخفيض مستوى القلق والتوتر، وهذه المسؤولية تقع على الأطباء والمعنيين بهذا الملف، إذ عليهم أن يكونوا أكثر إيجابية وموضوعية بالتوجيه. تضيف، “لا يجب أن نعيش حالة إنكار، كأن نتصرف بان الفيروس غير موجود، أو كأنه ليس خطيراً، لكن على المعنيين أن يوجهوا من خلال الوقاية والحماية، وتحفيز المنطق والموضوعية”.

رئيس قسم القلب في مستشفى تل شيحا – زحلة الدكتور ميشال فتوش لا يُنكر أن كورونا فيروساً مخيفاً، لكنه يشدد في المقابل على نضج الناس وحذرهم، في التعامل مع هذا الوباء، سائلاً، “ما الذي يبرر نفاد لبنان من عبوات الأوكسيجين أو الـPanadol”.

ويوجه في حديث الى موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، نداء الى اللبنانيين بضرورة التعامل مع ما نحن فيه، بوعي ومسؤولية، وإذ يناشدهم الى عدم التهافت على شراء الأدوية والمستلزمات المتعلقة بكورونا إذا كانوا لا يحتاجون اليها، لأنه من غير المنطقي أن تعجز الحالات الدقيقة عن تأمين دوائها لفقدانها من الاسواق، يشير في المقابل الى أن المستشفيات بدورها، ترى نفسها في الكثير من الأحيان عاجزة عن تأمين ما تحتاج لعدم توفرها، وتخزينها في المنازل.

يشدد في المقابل على النقاط التالية:

ـ ضرورة أن تسرع الدولة في وضع آلية لتأمين اللقاح وبأسرع ما يمكن.

ـ الاعتماد على خطة مواجهة واعية تُطبق بحذافيرها، من دون استثناءات أو مسايرة أحد، إذ لا تزال الحلول حتى الساعة غير منطقية.

ـ عودة من التقط العدوى الى أعمالهم لتسيير أمور البلاد بدل إرهاق الناس بالإقفال التام في هذا الوضع الاقتصادي الدقيق.

ويوضح فتوش أن معظم الأطباء اليوم، يتابعون مرضاهم عبر الهاتف، وإذ يطلب منهم إراحة الجسم الطبي بعض الشيء وعدم إرهاقه باتصالات “مكررة” كي يتسنى للطبيب متابعة آخرين، يعيد التوصيات التالية: لا تهلعوا، فكروا بالمنطق واعتمدوا الأساليب الوقائية من التباعد الاجتماعي الى وضع الكمامة فالتقيّد بالإجراءات الرسمية، سائلاً المعنيين استعمال التوجيهات العالمية، والتحدث عن الفيروس علمياً وليس غرائزياً، وعدم تخويف الناس وإرباكهم أكثر، لأن الخروج من هذه الأزمة يحتاج الى رقي على المستويات كافة.