تربية وثقافة

الحلبي: مشهد مأساوي لم نعهده في لبنان

الاحداث - تفقد وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، يرافقه ممثل برنامج الغذاء العالمي WFP والمدير الإقليمي الدكتور عبد الله الواردات وممثل الجمعية المسيحية الأرثوذكسية IOCC سلافينكو دجوكدج ووفد من الجمعية وممثلو سفارات الدول الداعمة والممولة للبرنامج: المستشارة السياسية للسفارة الفرنسية Noemie Attia، مديرة مكتب الشؤون التنموية للسفارة الإيطالية Alessandra Piermetti، نائبة مدير العمليات في السفارة السويسرية Maja Messmer Mokhtar، نائبة مدير التعاون في السفارة السويسرية Alice Thomann، متوسطة جل الديب المختلطة الرسمية ومدرسة أوروغواي الرسمية في جسر الواطي، حيث عاينوا توزيع الأغذية اليومية على تلامذة المدارس الرسمية.

 

وشارك في الزيارة رئيس المنطقة التربوية في جبل لبنان جيلبر السخن، مديرة الإرشاد والتوجيه التربوي هيلدا الخوري، مدير الوجبات المدرسية حازم حسان، مديرة الإرشاد الصحي صونيا نجم، المستشار الإعلامي لوزير التربية ألبير شمعون، وكانت في استقبالهم مديرة متوسطة جل الديب الرسمية برنا - ليزا فريحة وأعضاء الهيئة الإدارية والتعليمية في المتوسطة.

بداية قالت فريحة: "الزيارة تحمل في طياتها دعما معنويا وحثا على تطوير أدائنا لبلوغ الهدف الأسمى في عالم التربية. لا شك أن الأمانة التي نتشرف بحملها باتت ثقيلة وأن الطريق شاقة ومهمتنا تتطلب الجرأة اللازمة والتقدير الحقيقي للمسؤولية، لكن لا بد للتعاون أن يخفف من وطأة هذا الحمل، ولأننا كأسرة تربوية تحت ظل وزارة أعمدتها متماسكة متكاتفة برعاية معالي الوزير القاضي عباس الحلبي، الساعي دوما للحفاظ على الهيكل لتخطي المصاعب".

بدوره، أبدى الواردات تشرفه لمرافقة الوزير الحلبي في الجولة في المدرسة لتفقد مشروع التغذية المدرسية القائم حاليا، مشيدا بـ"جهوده للمحافظة على قطاع التعليم في هذه الظروف القاهرة وفي البحث عن نافذة أمل من اجل تأمين موارد ووسائل دعم للمدارس الحكومية والخاصة بدءا من أزمة المازوت الصعبة الى محاولة الحفاظ على المدارس واقفة على قدميها".

وقال: "جميعنا يعرف لبنان الذي هو تاريخ في التعليم، كذلك مستوى التعليم والجامعات وكان الأردنيون وأنا منهم، يتمنون الدراسة في لبنان، سواء في الجامعة الأميركية أو اللبنانية، وان شاء الله بالهمة والجهود الموجودة، الخطة والاستراتيجية التي تعمل عليها وزارة التربية، بغض النظر مع الوزارة الحالية او المستقبلية، أو بعد خمس سنوات، سيستمر مسار العمل".

 

أضاف: "نحن هنا اليوم من أجل مشروع التغذية المدرسية، وسأتكلم عن تاريخ مجيئي الى لبنان عام 2018، كنا نستهدف من 10 آلاف الى 14 ألف طالب، وكان هناك اتجاه من قبل فريق العمل لإقفال المشروع لغياب التمويل أولا ولانتفاء الحاجة ثانيا، وفي غياب تمويل من الدول المانحة اعتبرنا أن مشروع التغذية المدرسية غير صالح في لبنان، ولكننا أوقفنا نفاذ قرار أن مشروع التغذية المدرسية غير صالح، مؤكدين على أهمية المشروع وعلى كونه صالحا وأننا مستمرون فيه".

 

وتابع: "نستهدف حاليا 73 ألف طالب والهدف في السنة المدرسية المقبلة في شهر أيلول هو 150 ألفا، ونحن نعتبر موضوع التغذية المدرسية الأكثر أهمية كبرنامج الغذاء الآمن، حيث يحصل التلميذ على قوته الصحي اليومي خلال المدرسة بغض النظر عن الجهة الداعمة، برنامج الأغذية العالمي أو الجمعيات أو المنظمات، ونحن اليوم ننجز هذا العمل إضافة الى المطابخ المدرسية وتمكنا في فترة كورونا من تطوير هذا البرنامج لإيصال المساعدات من المواد الغذائية للأسر".

 

وشكر الجمعية الأرثوذكسية IOCC على "الجهود الجبارة المبذولة في فترة كورونا".

 

كما شكر "فريق العمل في وزارة التربية على التعاون، كذلك المدرسة وإدارتها والدول المانحة، ولا سيما فريق برنامج الأغذية العالمي"، متمنيا "التوفيق للوزير الحلبي في مهمته في وضع قطاع التربية والتعليم على المسار الصحيح".

 

أما الحلبي فقال: "أشكركم أولا على مجيئكم إلى هنا وعلى كل الجهد الذي تقومون به في سبيل تلبية تلامذة لبنان المحتاجين. هذه الزيارة كان مزمعا أن تجري منذ أشهر، ولكن توقف الدروس بسبب الإضرابات حال دونها منذ شهرين. نحن جئنا اليوم وأنا اثمن عاليا جهود الجهات المانحة فمن دونها بكل صراحة لما تمكنا هذه السنة من القيام بأي عبء وبأي خطوة لتأمين سنة دراسية شبه عادية لتلامذة لبنان في القطاع الرسمي بصورة خاصة".

 

أضاف: "عندما أتكلم عن هذا الموضوع أتكلم عن اللبنانيين وغير اللبنانيين وهذا هم آخر. مع كل مرحلة لبرنامج التغذية المدرسية، أحيانا أفكر لماذا وصل لبنان إلى هذه الدرجة التي جعلته يحتاج لإطعام تلامذته المحتاجين إلى معونة خارجية. هذا موضوع بالغ الحساسية اجتماعيا ومعيشيا، إن كان توزيع الحصص الغذائية للعائلات أو التغذية المدرسية لتلامذة المدارس على النحو الذي يقوم فيه برنامج الأغذية العالمي والأستاذ عبدالله الواردات على رأس هذا الفريق العامل. إننا نتوجه إلى التلميذ بحد ذاته لكي نؤمن له حصة قوت يومي ليتمكن من الإستمرار في معيشته لأن أهله عاجزون عن تقديم هذا القوت اليومي له".

 

وتابع: "هذه حالة بل مشهد مأساوي لم نعهده في لبنان بدليل ما قاله استاذ عبدالله أنه عندما أتى عام 2018 وأعطوا 10 آلاف تلميذ لاحظوا أن لا حاجة لذلك. في غضون السنتين المنصرمتين يفوق التصور كيف تراجع مستوى معيشة العائلات اللبنانية نتيجة الأزمة. سقوط في الهاوية وليس على مراحل، إنه ما يسمى بالفرنسية chute libre. والحمد لله عند الحاجة نبحث عن الأصدقاء، عن المنظمات، عمن يتحلون بالشعور الإنساني لكي يتضامنوا معنا في مواجهة ما نحن عليه".

 

وقال: "هذا البرنامج تحديدا يصيب لب المشاكل التي تعصف بمجتمعنا لأنها تتعلق بالقوت اليومي. فأنا باسم الحكومة، باسمي الشخصي وباسم وزارة التربية وفريق العمل أتوجه بالشكر إلى برنامج الأغذية في العالم WFP، الى الدول التي تساهم ماليا في دعم هذا البرنامج، إلى المنظمة التي تقوم بعملية الإدارة، نشكر تعاون كل الفرقاء مع وزارة التربية وعلى استمراريتهم وعلى تعميم هذا البرنامج، بحيث  أعلمني استاذ عبدالله الآن، وهي أجمل هدية لي، أننا سننتقل من تغذية 73 ألف تلميذ الى 150 ألفا. من ناحية نفرح لأننا نضاعف هذه المساعدة، ومن ناحية نحزن لأننا دائرة الحاجة والجوع تتسع اكثر".

 

أضاف: "في أي حال، أشكر لكم جهدكم ونحن نقدر هذا الأمر والتعاون معكم. انا وفريق الوزارة والوزارة في تصرفكم لتسهيل عملكم. نحن جادون بالاستفادة من كل فرصة لتأمين ما يسهل الحياة على تلامذة لبنان واستمرار العام الدراسي".

 

وتابع: "في كلمتي الرسمية المكتوبة أود أن أشير الى أنه في البلدان الميسورة وفي البلدان المزدهرة اقتصاديا، هناك أهمية كبرى لبرنامج التغذية المدرسية لأن هذه البرامج بالإضافة الى تأمين توازن غذائي سليم لجميع المتعلمين، هي تساعد في تطوير الأداء الاكاديمي التربوي بحسب الأبحاث التي درست هذا الموضوع".

 

وقال: "الجولة اليوم على المدارس المشاركة ضمن برنامج التغذية المدرسية الذي تقوم به وزارة التربية والتعليم العالي بالتنسيق مع برنامج الأغذية العالمية WFP بدعم من العديد من الدول والجهات المانحة، وبالتنسيق مع المديرية العامة للتربية وجهاز الإرشاد والتوجيه ومديرية التعليم الابتدائي والمناطق التربوية بجهود مديري المدارس والإدارات والإرشاد الصحي والهيئة التعليمية".

 

أضاف: "هدف الوزارة العمل تدريجيا على تعميم برنامج التغذية المدرسية من خلال التعاون الذي يقام مع برنامج الأغذية العالمية WFP بالإضافة الى برامج أخرى مع شركاء آخرين، كما أننا وللسنة الأولى أعطينا تعليماتنا الى الادارة للتعاون على الصعيد اللامركزي مع البلديات والجمعيات للقيام ببرامج للتغذية المدرسية في شكل لامركزي بإشراف فني من الوزارة والمؤسسات الرسمية التي تعنى في لبنان بسلامة الغذاء. نأسف أن نقول إن الوضع الاقتصادي المزري الذي وصلنا إليه جعل بعض أولادنا يصلون الى المدارس دون سندويش ولكن حتى الآن نغطي مجانا التغذية المدرسية في قسم كبير من المدارس الرسمية ونطلب دعم الجميع من دول مانحة ومنظمات وجمعيات محلية وبلديات لتعميم برنامج التغذية المدرسية على المدارس كافة وستنظم الوزارة قريبا ورش عمل بهذا الخصوص".

 

وختم: "بالإضافة الى ذلك ستعمل الوزارة بالتعاون مع باقي الوزارات والمؤسسات المعنية، على وضع سياسة لتطبيق برنامج تغذية مدرسية وطني وخطة للتنفيذ التدريجي لنؤمن تغذية سليمة لأولادنا".

 

من جهتها، ثمنت القائمة بأعمال السفارة السويسرية تنظيم الزيارة وكل الجهات المعنية في تنفيذ برنامج الأغذية في المدارس، مثنية على "حسن شرح تنفيذ البرنامج وتقدمه"، مشيرة الى أن "سويسرا معنية بالوضع القائم في لبنان ولا سيما لجهة الأزمة الغذائية". وأبدت سرورها بقدرة بلادها على "تقديم الدعم المطلوب من خلال برنامج الأغذية حيث أن متابعة الدراسة بمعدة خاوية أمر بالغ الصعوبة"، آملة أن "يتمكن برنامج الأغذية من مضاعفة جهوده".

 

بدورها، شكرت ممثلة السفارة الإيطالية والسفارة الفرنسية المعنيين بتنظيم الزيارة نظرا "لأهمية برنامج الأغذية، على أمل توسيع البرنامج مستقبلات ليشمل أكبر عدد ممكن من المدارس المستفيدة".

 

وقالت الخوري: "نعمل حاليا في المنهاج الدراسي على مواطن جديد ببروفايل بسيط وخلاق. ان الإعتماد على هذا البرنامج ليس بسبب فقر البلاد وإنما لوجوب استمرار المشروع لأمد طويل، لأنه قائم حتى في البلدان التي لا تعاني من أزمات إقتصادية حيث يساهم في تحضير مواطن سليم يعرف كيف وماذا يأكل، وأن ما سيتغير في المستقبل هو من سيتكفل بميزانية المشروع".

 

وشددت على "أهمية الدراسة التي أجرتها الوزارة بالتعاون والتنسيق مع الجامعة الأميركية، والتي أظهرت الأثر الأكاديمي الجيد للبرنامج على الطالب وعلى شعوره بالراحة وعلى أهمية السير قدما في تنفيذ البرنامج لسنين الى الأمام".

 

وأكدت نجم "أهمية إيلاء مسألة التغذية الصحية في المداس الإهتمام اللازم لكون الأمر حاجة صحية أكثر منه احتياجية اقتصادية، وضرورة إشراك ذوي الطلاب بالعادات الغذائية السليمة من اجل السلامة العامة"، لافتة الى زيادة وزن الأطفال في السنوات الأخيرة في لبنان.

وأوضح أن "ثلاثين مدرسة من أصل 185 مشمولة ببرنامج التغذية"، ووصف وضع المدارس بأنه "أسوأ من السيىء، فالإختيار صعب لأن الحاجة كبيرة وتشمل معظم المدارس الرسمية التي تحتاج الى تغذية صحية للتلاميذ"، متمنيا أن "يشمل البرنامج أكبر عدد ممكن من المدارس"، وقال: "إذا تمكنا من تغطية كل المدارس نكون قد بلغنا ذروة الهدف".

 

بعد ذلك، جال الحلبي والوفد المرافق على أقسام المدرسة التي تلحظ تطبيق المشروع. ثم انتقل والوفد المرافق لمعاينة العملية نفسها في مدرسة الأوروغواي الرسمية مقابل الجسر الواطي، بحضور رئيس منطقة بيروت التربوية محمد الحمصي، حيث رحبت المديرة راشيل شدياق بالضيوف، شاكرة لهم "اهتمامهم وتأمين التغذية الصحية للاولاد الأمر الذي انعكس راحة نفسية لديهم".

 

وأشارت الى أن "المدرسة مجهزة بمطبخ صحي ويقوم الأهالي بإعداد السندويشات للاولاد من لبنة وجبنة وخيار وفاكهة، ضمن الشروط الصحية، والمطبخ مجهز بالبرادات والمرونة اللازمة"، لافتة الى "إمكانية العمل على تعميم تأسيس المطابخ في المدارس".

 

وخلال الجولة على الصفوف، سئل التلامذة عن رغبتهم واقبالهم على أي نوع من الطعام، وعبر الواردات عن "الاستعداد لتطوير وتلبية رغبات الاولاد ضمن الشروط الغذائية المدروسة صحياً". يشار الى أن تدريب الأهل على مساعدتهم في الحصول على دخل إضافي.