ذاكرة الوطن ...الى النور من جديد
عكرا ل "الاحداث 24" : رغم الظروف الصعبة أعدنا افتتاح المكتبة الوطنية
الاحداث - كتبت إنعام خالد
تقع المكتبة الوطنية التي كانت تعرف عند تاسيسها ب"مبنى الصنائع"، في منطقة رمل الظريف قبالة حديقة الصنائع، تمّ وضع حجر الأساس لهذا المبنى عام 1905 وأُنجز عام 1907. وقد ضمّ المجمّع مستشفى في الجهة الغربيّة منه، (حاليًّا وزارة الداخليّة) ومدرسة للفنون والصنائع في الجهة الشرقيّة، (أي المكتبة الوطنيّة، حاليّاً)
في 17 آب 1907 أسّس الشيخ أحمد عباس الازهري مدرسة الفنون والصنائع وأدارها، وقد خُصّصت لتعليم الحرف والفنّ والصناعة.
سُمّي المستشفى آنذاك، المستشفى الحميدي. والمدرسة كذلك، المدرسة الحميدية، تيمّنًا بالسلطان عبد الحميد الثاني، الذي أمر بإنشاء المشروع الضخم، وافتتحه حاكم بيروت الوالي خليل باشا رسميًّا في 19 آب 1907، واعتبر حينها المشروع الأكبر للتنمية الحضارية في بيروت.
يعتبر مبنى الصنائع نموذجًا لفنّ العمارة العثمانيّة في أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر. وهو كمثيله مبنى المستشفى على شكل "U" ويتطابقان من حيث التصميم والارتفاع، ويتألّفان من طابقين يعلوهما سقف من القرميد الأحمر. في الداخل ممرّات عريضة تؤدّي إلى قاعات واسعة، كما شمل الطابق السفليّ من مدرسة الفنون والصنائع أربعة عشر فصلًا دراسيًّا وخمس قاعات.
خضع المبنيان خلال العقود الماضية إلى العديد من التحوّلات، جرّاء الترميم، أو إعادة التشكيل، بحسب وجهة استعمالات المبنيين. فاحتضن مبنى الصنائع العديد من مؤسّسات الدولة، واستقرّت فيه عام 1959 كليّة الحقوق والعلوم السياسيّة حتى العام 2006، حيث انتقلت إلى مقرّها الجديد في الحدث.
وفي العام 2006، قدّم أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هبة إلى الدولة اللبنانيّة لبناء المكتبة الوطنيّة.
في 4 كانون الاول 2018 تم افتتاح المكتبة الوطنية برعاية وحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزير الثقافة الدكتور غطاس خوري وسفير دولة قطر.
تطلّب الأمر مئة عام تقريباً حتى يتحقق حلم الكاتب اللبناني فيليب دي طرازي، الذي كان وراء فكرة إنشاء مكتبة وطنية للبنان، لتنتهي فترة تشتت قضت فيها الكتب سنوات في أحد المستودعات في مرفأ بيروت
ويتحدث بعض المؤرخين عن أن الرجل تكبد عناء السفر إلى أوروبا على نفقته الخاصة، وجمع آلاف الكتب من معاهد الأدب والمؤسّسات الثقافيّة والمجامع العلميّة لضمها إلى المكتبة، لكن الاحتفال الرسمي بتدشين المكتبة لم يحصل سوى بعد ثلاث سنوات عام 1922، حين نقلت المكتبة من منزل دي طرازي إلى مدرسة "الدياكونيس" وسط بيروت.
تتألف المكتبة من اربعة طوابق مقسّمة على الشكل التالي: طابق لمخازن الكتب والصحف، طابق اداري، طابق خاص بالقراءة، وطابق ارضي مرتبط بطابق لركن السيارات. ويصل عدد المخطوطات إلى 300 الف مخطوطة تعود غالبيتها الى القرن الحادي عشر وما بعد.
د.عكرا
ولمناسبة افتتاح المكتبة امس بحضور رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الثقافة محمد المرتضى والقائم بأعمال دولة قطر علي محمد المطاوعة كان لا بد من جولة داخل المكتبة حيث التقينا المدير العام للمكتبة الوطنية في بيروت الدكتور حسان عكرا، الذي أوضح أهمية المكتبة الوطنية، "عدا عن كونها صرحاً ثقافياً، ومكاناً للمطالعة والبحث، فهي أيضاً حافظة للتراث الفكري، والذاكرة الجماعيّة للبنانيين ولتاريخ لبنان".
ولفت عكرا الى "أنّه يعمل على تطوير المكتبة والانتقال بها من مقر لحفظ التراث، إلى مكتبة إلكترونية"، لافتا الى "أن المشكلة الوحيدة هي ساعات استقبال الرواد، المحدّدة حصراً بساعات دوام العمل الرسمي، مما يتعارض مع أوقات الكثيرين"، واعداً "بالعمل على توظيف المزيد من كوادر العمل في المكتبة، لنتمكّن من استقبال المهتمين حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، بدلا من أن تقفل أبوابها عند الثانية من بعد الظهر".
وكشف عكر أن "مبنى المكتبة الوطنية تضرّر وتبعثرت محتوياته، جرّاء انفجار الرابع من آب عام ٢٠٢٠، حيث أقفلت أبوابها وتوقّف العمل فيها، ومرّ لبنان بأزمات متعدّدة، إلى أن قرّر وزير الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى، إعادة استنهاض المكتبة الوطنية من جديد، فشكّل لجنة برئاستي"، مشيرا الى "أنّ العمل استؤنف بعد عطلة رأس السنة ، وبشكلٍ مكثّف وبحماسة كبيرة وبهمّة عالية من قبل كلّ فريق عمل المكتبة من أجل إعادة افتتاحها أمس في العاشر من شباط الجاري".
وشدد د.عكرا على ضرورة التعاون مع كلّ الجمعيات والمؤسسات التي تعنى بالشأن الثقافي، للنهوض بالمكتبة الوطنية"، واعدا بإطلاق حملة عبر وسائل التواصل الإجتماعي، في هذا الخصوص",
وختم:" على الرغم من كلّ الظروف الصعبة التي يعاني منها الوطن والمواطن، يجب أيلاء هذا الصرح الوطني الاهتمام الذي يليق بمكانة ودور المكتبة وأهدافها، في خدمة الباحثين الأكاديميين والمثقفين وكلّ المواطنين".