حفلتان ختاميتان للموسم الموسيقي الأوركسترا الفلهارمونية في بيروت وطرابلس
الأحداث - في سياق الحفلات الختامية لموسم الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية التي تحتجب في العطلة الصيفية وتعود لمواصلة أنشطتها في شهر أيلول، أقام الكونسرفتوار الوطني بدعوة من رئيسته هبة القواس، حفلتين سمفونيّتين بقيادة المايسترو لبنان بعلبكي، إحداهما في الكنيسة الأرمنية الإنجيلية الأولى في بيروت، حضرتها شخصيات سياسية ودبلوماسية وثقافية وإعلامية. وتضمن برنامجها مقطوعات لكبار المؤلفين الموسيقيين العالميين وهم: فردي، بروكوفييف، سان – سانس، تشايكوفسكي، برامز، وشوستاكوفيتش. تألق فيها بعلبكي بقيادته الأوركسترا التي برعت، كعادتها، في إبهار الجمهور الحاضر بحِرفيتها وأدائها المتمكن للمعزوفات التي غاصت في عوالم ساحرة وأنماط موسيقية مختلفة، مع تعليمات عصا القائد التي تمكنت من ضبطٍ مترف وأنيق، في انسيابية مرهفة عالية.
وتحت عنوان “ومضات طرابلس، أمسية الصيف السمفونيّة”، خُصّصت الحفلة الأخرى لمدينة طرابلس “عاصمة الثقافة العربية”، وأقيمت في كنيسة مار مارون الطرابلسية، متضمنةً البرنامج الموسيقي نفسه بقيادة المايسترو بعلبكي، برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، وبحضور المونسنيور أنطوان مخايل، النائب العام على أبرشية طرابلس المارونية وممثل صاحب السيادة المطران يوسف سويف رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية، والنائب أديب عبد المسيح ونائبة رئيسة الكونسرفتوار أمينة بري ووجوه سياسية وثقافية ودينية وإعلامية.
رحّب المونسنيور نبيه معوض بالحضور ملقياً كلمة المطران سويف لوجوده خارج لبنان وقال: “بقلوب تنبض وتفيض بالمحبة والاحترام نرحب بكم في هذه الأمسية الفلهارمونية في كنيسة مار مارون وذلك لمناسبة إعلان “طرابلس عاصمة الثقافة العربية 2024″. طرابلس هي عن حق عاصمة الثقافة، وبينها وبين كنيسة مار مارون علاقة وثيقة ومتينة، تمثل الانفتاح على الآخر والعيش المشترك. والكنيسة لها صولات وجولات من ندوات ومحاضرات احتضنت كوكبة من رجال الفكر والعلم والثقافة والسياسة والفن، وحاضر في مسرحها كبار من لبنان أمثال الرئيس المرحوم شارل حلو والدكتور المرحوم شارل حايك والإمام موسى الصدر وغيرهم، وأبوابها دائماً مفتوحة لجميع من يحبون الثقافة والفن والموسيقى”.
وكانت كلمة لرئيسة الكونسرفتوار الدكتورة هبة القواس جاء فيها: “هذه اللحظة الخاصة اليوم تحمل الكثير من العاطفة لأننا في حضرة مدينة عريقة كطرابلس. هذه الحفلة لديها رمزية كبيرة لأنها مخصصة لعاصمة الثقافة العربية، وهي الحفلة التي عمل لتحقيقها بشكل حثيث وزير الثقافة محمد وسام المرتضى لكي تكون مميزة أكثر من العادة. ولأننا أيضاً في كنيسة مار مارون بكل ما تمثله لهذه المدينة من عيش مشترك ومحبة وانفتاح. نأمل أن تكون هذه الحفلة بداية صغيرة قبل أن نبدأ مهرجاننا الكبير لطرابلس عاصمة الثقافة العربية، وهي عاصمة أبدية لأن عمرها من عمر التاريخ. سنحاول أن نمشي على دروب تاريخها من قلعتها إلى خاناتها ومينائها وأزقتها القديمة وجزرها ومراكب الصيادين فيها، في محاولة منا في الكونسرفتوار الوطني وبرعاية معالي وزير الثقافة، أن نغطي جميع معالم المدينة التاريخية وملامحها، وهي أجمل مدن البحر الأبيض المتوسط، لعلنا نستطيع أن نضيء على الإرث التاريخي الكبير من خلال الموسيقى ومزاوجة الفنون، في حفلات خاصة بها ستبدأ في أيلول. وأحببنا أن نختتم موسم الأوركسترا الوطنية من طرابلس ومن كنيسة مار مارون”.
وتحدث وزير الثقافة قائلاً: “هذا الحدث ليس حدثاً عفوياً، بل هو حدث مقصود أتى لينسجم مع حقيقة طرابلس الانفتاح والعيش الواحد. لنقول للعالم أننا حتى في أصعب الأوقات كهذه الأيام التي نعيشها، من أقصى الشمال إلى الجنوب حيث الناس خائفون من توسع الحرب، الحرب لها أوجه عدة وأخوتكم في الجنوب “قدها وقدود”. ولكن الحرب لها جملة أوجه وأبشع أنواع الحروب هي التي نُفذت ضد بلدنا. طرابلس عظمتها تقتضي أن تنفض عنها هذا الغبار وأن تظهر صورتها الحقيقية والبهية، لأنها الأكثر تمسكاً بالعيش الواحد في لبنان. طرابلس ليست شجرة ميلاد احترقت، بل هي كنيسة مفتوحة للمؤمنين تضج بالصلاة وبالإيمان وبالأنغام وتجمع الجميع تحت قبة متينة بعراقتها، ومبشّرة بأن لبنان ثابت مستمر وزينته هو العيش الواحد وتحديداً من طرابلس”.
حضور كبير غصّت به كنيسة مار مارون الطرابلسية، مرافقاً بتفاعله وانسجامه موسيقيي الأوركسترا الفلهارمونية التي رسمت بأوتار عازفيها وآلاتهم فضاءً ملهماً من الرقيّ والسلام.