تربية وثقافة

الحلبي: تأمين بيئة مدرسية آمنة شرط أساسي لضمان جودة التعليم

الاحداث - عقد وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، مؤتمرا صحافيا في قاعة الإجتماعات في الوزارة، حول “تيويم سياسة حماية التلميذ في البيئة المدرسية بما يراعي العنف الجندري المبني على النوع الإجتماعي وتعزيز تفعيل الخطّ الآمن للتلميذ”.

وشارك في المؤتمر، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون وممثلة منظمة “يونيسف” مايكي هايبريغتز، في حضور المدير العام للتربية عماد الأشقر وعدد من المسؤولين التربويين.

وقال الحلبي: “لفترة طويلة من الزمن كان العالم بحال من الإقتناع الراسخ بأن المدرسة تشكل الحضن الثاني بعد حضن الأم بالنسبة للطفل، وأنها البيت الثاني بعد البيت الأبوي. غير أن الواقع أظهر ان هذا الحضن بحاجة إلى العناية وان هذا البيت بحاجة إلى الحماية من العنف الذي يمكن لبعض القائمين عليه أن يمارسوه على الأطفال بأشكال مختلفة، يمكن ان تطبع حياتهم بسلوكيات سيئة، استدعت إصدار تشريعات وأنظمة يرعاها الدستور ويضع لها أطرا تضبطها ضمن الحدود الطبيعية”.

وأضاف: “نلتقي اليوم حول حماية الطفل في البيئة المدرسية مع رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المراة السيدة كلودين عون ومع ممثلة منظمة اليونيسف السيدة غيتي هنينغز، لنكرس اهتمامنا بهذه القضية ونركز على التدابير الضامنة لتطبيق التشريعات المتعلقة بالبيئة المدرسية السليمة”.

وتابع وزير التربية: فاستناداً إلى أحكام الدّستور اللّبناني وخصوصا المادة العاشرة منه التي تنص على حريّة التّعليم، وسياسة حماية التلميذ في البيئة المدرسية التي أطلقتها الوزارة بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والانماء ومنظمة يونيسف سنة 2018، وانسجاماً مع الاستراتيجية الوطنية حول وقاية وحماية الأطفال من أشكال العنف كافة وإساءة المعاملة والاستغلال التي أقرّها مجلس الوزراء عام 2012، والتزاماً منا بتحقيق أهداف التنمية المستدامة (2015-2030)، لا بدّ من الوقوف على أهميّة الرفاه والصّحة النفسية للتّلميذ المرتبطين بشكل مباشر بالمناخ المدرسي الإيجابي والتّماسك الاجتماعي الذي يعزّز العيش المشترك، والبرامج الهادفة إلى التّخفيف من التّهميش داخل المدرسة ومن التّسرّب المدرسي ومن الجنوح إلى أنشطة عنفيّة، خصوصا المرتكزة على النوع الاجتماعي”.

وأردف: “إضافة إلى أهميّة دور الجانب الإنساني لعملية التّربية والتّعليم التي ترتكز أولاً على العلاقات السّليمة بين الجميع، لنصل سوية الى بناء لبنان الذي نحلم به بعيدا من التمييز الجندري والسياسي والمناطقي والديني. فما أحوجنا الآن أكثر من أي وقت مضى لنشر ثقافة اللاعنف والقبول بالآخر، التي إن وجدت حللنا كل المشاكل وتركنا القشور التي تفرقنا لنركز اكثر على المبادئ والقيم التي تجمع جميع اللبنانيين”.

واشار الحلبي الى أنه “بناءً على كل ذلك، عملت وزارة التّربية والتّعليم العالي عبر جهاز الإرشاد والتوجيه وبدعم من الهيئة الوطنية للمرأة ومنظمة اليونيسف في لبنان على تطوير سياسة حماية التلميذ/ة في البيئة المدرسيّة التي تم إطلاقها في العام 2018، اعترافاً منها بأهمية التعليم لحماية حقوق الطفل وحرصاً منها على تأمين الظروف المناسبة والإجراءات اللازمة لضمان مدارس خالية من العنف وتطبيقاً للإجراءات التّنفيذية الموحّدة لحماية الحدث في لبنان الصّادرة عن وزارة الشّؤون الاجتماعيّة والتي رسمت إطار الشّراكة المؤسّساتيّة بين وزارات الدّولة في هذا المجال”.

وأكمل قائلًا: “انطلاقا من مبدأ التطوير المستمر وحرصا على صحّة التلميذات والتّلاميذ النّفسيّة والجسديّة وضمان سلامتهم ونموّهم في بيئة مدرسيّة آمنة بعيدة عن المخاطر، ها نحن اليوم قد طورنا نسخة معدلة من سياسة حماية التلميذ، تراعي مفهوم العنف القائم على النوع الاجتماعي، سنوزعها بعد تجربتها في عدد من المدارس بالتعاون مع الهيئة الوطنية للمرأة ومنظمة اليونيسف”.

كما لفت الحلبي الى أنه “تمّ توسيع فريق الاختصاصيين في علم النفس الذي يعمل ضمن الخط الساخن، بدعم من منظمة اليونيسف، حيث باتت الوزارة جاهزة مع فريق متخصص في الارشاد والتوجيه، للإجابة على الاتصالات ومتابعة حالات العنف وتأمين الدعم النفسي الاجتماعي للعائلة التربوية، وذلك على الرقم 01772000، من الساعة الثامنة صباحا حتى السادسة بعد الظهر لتغطية الدوامين الصباحي والمسائي”.

وتابع: “بالاضافة الى ذلك يؤمن الخط الساخن في خلال الدوام نفسه الدعم الصحي بالتعاون مع الصليب الاحمر اللبناني، والدعم التقني لمشروع دمج ذوي الاحتياجات الخاصة وأمور اخرى تتعلق بالبيئة المدرسية، وسنقوم بزيارة غرفة العمليات التي تدير الخط الساخن”.

إلى ذلك، كشف الحلبي أننا “قد أطلقنا كتيّبات أنشطة الدعم النفسي في البيئة المدرسية بالشراكة مع اليونيسف والتي تهدف إلى دعم المستوى الوقائي من سياسة حماية التلميذ في البيئة المدرسية وتم توزيعه مجانا على القطاعين الرسمي والخاص وسنوزع قريبا نسخا اضافية، كما أطلقنا حملة مع وزارة الاعلام وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي الـUNDP منذ بضعة أسابيع تحت عنوان “مش عادي يصير العنف عادي”، لأن نشر ثقافة اللاعنف تتطلب التعاون بين كل وزارات ومؤسسات الدولة والشركاء في المجتمع”.

ولفت الى أنّ “الشراكة بين الوزارة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أسهمت في إنجاز العديد من المشاريع النوعية، وذلك تاكيدا منا أن للفتيات الحق في عيش التجربة الكاملة للنمو والنماء وممارسة حقوقهن، بعيداً عن كل أشكال العنف بما فيها الممارسات التمييزية”.

وبيّن أنه “انطلاقا من هذه الثوابت قامت الهيئة الوطنية بنشاط مميز في الثانويات الرسمية. إذ جالت رئيسة الهيئة السيدة كلودين عون مع فريق الهيئة على كل الثانويات المعنية بالمشروع واستمعت إلى التلميذات برفقة وحدة التوجيه التربوي، وكان لهذه الزيارات وقع ايجابي جدا على الفتيات. وسيستمكل المشروع في خلال السنة الدراسية الحالية. وكنا قد جلنا مع رئيسة الهيئة على ثانوية رسمية تم فيها تطبيق المشروع ولمسنا أهمية الاستماع الى التلميذات والتلاميذ، كما لمسنا تأثير الصحة النفسية على التحصيل الاكاديمي للتلاميذ”.

واشار الحلبي الى أننا “نستكمل راهنا مع شركائنا وخصوصا مع منظمة اليونيسف والهيئة الوطنية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة اليونيسكو، خطتنا في مكافحة العنف، وسنكمل تعميم سياسة حماية التلميذ في مدارسنا الرسمية عبر التدريب الذي يقيمه المركز التربوي والمواكبة التي يقوم بها جهاز الارشاد والتوجيه في المدارس والثانويات، بمتابعة من مديريتي التعليم الابتدائي والثانوي، كما أننا سنعمم هذه السياسة على المدارس الخاصة من خلال مصلحة التعليم الخاص والجمعيات التي تهتم بسياسة الحماية”.

وشدّد على “أهمية حماية التلميذ في البيئة المدرسية لضمان جودة التعليم في بيئة آمنة وحاضنة وصديقة له خالية من العنف، تقوم على الوقاية بعدل ومن دون تمييز، خصوصا بين الاناث والذكور وضدّ المجموعات الأكثر ضعفاَ”.

الى ذلك، شكر الحلبي “الهيئة الوطنية لشؤون المرأة ورئيستها السيدة كلودين عون ومنظمة اليونيسفمن خلال السيدة ايتي هينينغز، على الدعم التقني والمادي الذي تقدمه لجميع الشركاء في ملف الحماية من وزارات وجمعيات. والشكر أيضا لفريق عمل الوزارة باشراف المدير العام للتربية الأستاذ عماد الشقر ولوحدة التوجيه التربوي في الارشاد والتوجيه لتفانيهم في العمل وللمديريات الادارية في الابتدائي والثانوي والتعليم الخاص وللمركز التربوي للبحوث والانماء بشخص رئيسته البروفسورة هيام إسحق ورؤساء المكاتب المعنية”.

وأكد وزير التربية أنّ “تأمين بيئة مدرسية آمنة هو شرط أساسي لتأمين تعليم نوعي للجميع دون تمييز، وقد حظيت المرأة بمكانة خاصة في وزارة التربية والتعليم ونأمل بأن تتبوأ المرأة أعلى المسؤوليات في وطننا ولما لا؟ شكرا لكل من يضيء شمعة في ملف التربية لأن التربية هي أملنا الوحيد لانقاذ هذا الوطن”.

من جهتها، اشارت هايبريغتز إلى أن “هذا الموضوع هو استثمار والتزام من جانب الوزارة لتوفير بيئة مدرسية آمنة للصبيان والبنات، وتخصيص رقم ساخن للإتصال عند الشعور بأي خطر أو تعد من اي نوع كان”.

واعتبرت أن “العنف لا يزال امرا موجودا تتم ممارسته على الصبيان والبنات بصورة متباينة تبعا لطريقة حياتهم وإطار سكنهم، إن كان ذلك في المنزل او المدرسة او في المجتمع”، كاشفةً عن “دراسة بينت حدوث عنف بين التلامذة من عمر عشر سنوات إلى ثماني عشرة سنة، وان 45.6 بالمئة قد عاشوا تجربة عنف في المدرسة”.

ورأت هايبريغتز أن ” لدى التمييز الجندري والعنف في المدارس تأثيرات سلبية على التحصيل الأكاديمي للمتعلمين، تنعكس في حياتهم وانفعالاتهم ويمكن ان تؤدي إلى تراجع في الأداء التربوي الذي يؤدي احيانا إلى التسرب المدرسي”.

كما لفتت الى أن “المدارس تلعب دورا محوريا ودقيقا في حياة المتعلمين”، وتحدثت عن “التعاون بين الوزارة والهيئة الوطنية لشؤون المرأة واليونيسف في تيويم سياسة حماية الطفل في البيئة المدرسية، مع الأخذ في الإعتبار مبادىء التمييز الجندري. من هنا ضرورة سماع اصوات الأولاد من الجنسين واولوياتهم، وان نقول لهم ان العنف ليس بسبب خطا ارتكبوه وأنهم ليسوا وحدهم في مواجهته، بل يحق لهم الذهاب إلى مدرسة آمنة تحفظ حياتهم من العنف”.

بعد ذلك تم عرض فيديو توعوي حول الموضوع حمل شعار: “مدرستي بيئة آمنة بتحافظ على صحتي النفسية والجسدية”. على الرابط الآتي: https://youtu.be/QURzAhwNszw

بعدها انتقل الحاضرون إلى معاينة كيفية عمل الخط الساخن والإستجابة للإتصالات وتحويلها بحسب الأهمية والخطورة إلى المراجع الصحية والإجتماعية والأمنية وغيرها.. وتقديم العناية والمتابعة النفسية.