تربية وثقافة

الحلبي قلّد هنري العويط وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور

الاحداث- قلّد وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الاعمال الدكتور عباس الحلبي المدير العام لمؤسّسة الفكر العربي الدكتور هنري العويط وسام الأرز الوطني من رتبة كومندور وذلك في خلال احتفال في مكتب الوزير حضره النائب السابق بطرس حرب ورئيس جامعة القديس يوسف الأب سليم دكاش ووفد من مؤسّسة الفكر العربي ضمّ مايا عليوان وأحمد فرحات ورفيف صيداوي وعائلة المكرّم.
حضر أيضاً من وزارة التربية رئيسة دائرة الإمتحانات أمل شعبان، المستشار القانوني القاضي سميح مداح، وامين سر لجنة المعادلات والكولوكيوم الدكتور عبد المولى شهاب الدين، مديرة مكتب الوزير رمزة جابر، أنور ضو والمستشار الإعلامي ألبير شمعون.
كلمة الحلبي
قال الحلبي: "عندما أتحدث عن هنري العويط أتهيّب الموقف لأنني في حضرة عالم لغوي وخطيب مفوّه ومفكّر لامع وأديب. يكتب وفق قواعد صارمة بما كل من يماثله في ديباجة الكلمات وتطويع قواعد الصرف والنحو على مسبك الجمل، في أسلوب ولا أَمتَع وصياغة ولا أمتن، حتى يكاد كلّ نص يكتبه أو يلقيه مسبوكاً كعقد اللؤلؤ بإنسجام وترابط وأناقة".
أضاف: "رافقته سنوات طوال كنت فيها نائبه في اللجنة الوطنية لليونيسكو وكان فيها حاملاً ميزان الكفاءة وحسن التدبير، همّه تحقيق الإنسجام والمزيد من الفعالية في عمل اللجنة والأمانة العامة. كما عرفته نائب الرئيس للشؤون الأكاديميّة في جامعة القديس يوسف. وهي الجامعة التي تعلّمنا فيها واستقينا منها المعرفة وحسب الإطلاع، وتوّج حياته المهنيّة بالأمانة العامة لمؤسّسة الفكر العربي وهي المؤسّسة الرائدة التي تحتضن المفكرين والمبدعين في وطننا العربي".
وتابع: "ان يختاروه له أميناً عاماً فذلك فخر للبنان، لأن هنري يمثّل النموذج اللبناني المنفتح على العلم والإدراك، على الثقافة والإبداع على التربية والتعليم. لذلك، وبتحريض من صديق ورفيق مشترك هو الدكتور معين حمزه، طلبت لك الوسام فكانت حيازتك له وساماً على صدر الوسام لأنك تستحقه... لأنك من أكثر المتميزين  استحقاقا للتكريم على مستوى الوطن".
أضاف: "أهنىء الدكتور العويط وعائلته الساهرة على تعميم الثقافة بنيله هذا الوسام المشرّف، وأهنىء عائلته الصغيرة ، وجميع المؤسّسات التي عمل فيها بكل محبة واحترام وإبداع. مبروك أيها الحبيب، لقد اغتنى بك الوسام، فأنت وسام على صدر التعليم في لبنان وفي أيّ بقعة في العالم. لم تهادن يوماً من أجل مصلحة شخصيّة، ولم تتراجع في الأزمات، بل كنت وما زلت رأس حربة في إحقاق الحق وتعزيز الجودة".
كلمة العويط
"اسمحوا لي يا صاحبَ المعالي أن أشكركم بصدقٍ وحرارة على الكلماتِ الطيّبة التي خَصَصتموني بها الآن، وعلى ما أبديتموه من حرصٍ على أن تقوموا شخصيّاً بتقليدي هذا الوسام، وعلى مبادرتِكم قبلَ ذلك إلى تزكيتي لنيله. واسمحوا لي في هذهِ المناسَبة أن أُعربَ لمعاليكم عن اعتزازي الكبير بأواصرِ التعاونِ والمودّة التي رَبَطت بيننا طَوالَ مسيرتِنا المشترَكة في اللجنةِ الوطنيّةِ اللبنانيّةِ لليونسكو".
أضاف: "يطيبُ لي أن أشكرَ، من خلالِكم، الدولةَ اللبنانيّة على مَنحي وسامَ الأرزِ الوطنيّ، وهو وسامٌ يحمِّلُني مسؤوليّةَ العملِ بهديِ المعاني التي يجسّدُها، وبوحيِ القِيَمِ التي يَرمزُ إليها، وأرى فيه، لا على سبيل التواضعِ أو المجاملة، بل عن اقتناعٍ راسخ، أرى فيه اعترافاً بدورِ المؤسّساتِ والهيئاتِ واللجانِ التي تشرّفتُ بالانتسابِ إليها، وتقديراً لإسهاماتها الجُلّى في خِدمةِ التربيةِ والفكرِ والثقافة. كما أعتبرهُ تكريماً للمبادئِ الروحيّةِ والوطنيّةِ والإنسانيّةِ التي غرسها فيّ والديَّ، وللخِياراتِ والالتزاماتِ التي حفّزني على اعتمادِها زوجتي وابنتي وأخواتي وإخوتي، وتكريماً لما تيسّرَ  لي تحقيقُه من إنجازاتٍ أنا مدينٌ بقسطٍ وافرٍ منها للكوكبةِ المميَّزةِ من المسؤولينَ والزميلاتِ والزملاءِ الذين أسعفني الحظُّ بالتعاونِ معهم. فيطيبُ لي أن أُهدي إليهم جميعاً هذا الوسام، بوصفهم شركائي الفعليّينَ في استحقاقه".
وتابع: "احتلّتِ التربيةُ، تعليماً وإدارةً، موقعاً متقدّماً في سُلّمِ أولويّاتي، واستأثرت بمعظمِ وقتي وجهودي، وعياً منّي لدورِ التربيةِ الأساسيّ في إنماءِ الفردِ بطاقاته وأبعادِهِ كلِّها، وفي تنميةِ المجتمعِ ورقيّه، وإيماناً منّي بضرورةِ السعيِ إلى إتاحةِ التعليمِ للجميع وتطويرِ مناهِجهِ وبرامِجهِ وطرائقهِ، وضمانِ جودته، فضلاً عن أهميّةِ تعزيزِ اللغةِ العربيّةِ وتحديثِ أساليبِ تعليمِها وتعلّمِها. وكانت بدايةُ حياتي العمليّة في المدارسِ الثانويّةِ أوّلاً، وفي طليعتِها مدرسةُ كرمل القدّيسِ يوسف التي خَبِرتُ فيها عن كَثَب تجربةَ العيشِ المشترَك، وفيها تعرّفتُ إلى المربيّةِ المثاليّة، رفيقةِ عمري جيزال. ثمّ تفرّغتُ للعملِ في جامعةِ القدّيس يوسف التي سبق لي أن تخرّجتُ منها، فأمضيتُ في رحابِها سحابةَ أربعين عاماً، أستاذاً لمادّتي الترجمةِ والنقدِ الأدبيّ، ومؤسِّساً ومديراً للمعهدِ الجامعيّ لإعداد المعلّمين والمديرين، ومؤسِّساً وعميداً لكليّةِ العلومِ التربويّة، وأميناً عامّاً، ونائباً لرئيسِ الجامعة للشؤونِ الأكاديميّة".
واردف: "لم ينحصر يوماً نشاطي في القطاعِ الخاصّ، اقتناعاً منّي بأهميّةِ الشراكةِ بين القطاعَين الرسميّ والخاصّ وجدواها، فشاركتُ في وُرَشِ المناهجِ التي أطلقها المركزُ التربويُّ للبحوثِ والإنماء، غداةَ اتّفاقِ الطائف، وبصورةٍ خاصّة في لجنَتَي التاريخِ والتنشئةِ الوطنيّة، وفي الكثيرِ من لجانِ وزارةِ التربيةِ والتعليمِ العالي، ومن أبرزِها لجنةُ المعادلات التي كنتُ عضواً فيها ثمّ مُقرّرَها على مدى أربعين عاماً، دون أن أنسى مشاركتي في إعدادِ مِروحةٍ واسعةٍ من القوانينِ والمراسيمِ ذاتِ الصلة".
وقال: "لا شكَّ في أنّ المبادئَ والأَهدافَ التربويّةَ التي أتيتُ على ذكرِها ذاتُ طابَعٍ عالميّ، ولكنّها أيضاً وبامتياز مبادئُ وأهدافٌ وطنيّة. فهي تُجسّدُ نظرتي إلى لبنان، تاريخاً وهُويّةً وانتماءً، وعليها يتأسّسُ ولائي له ومفهومي لدعوتِهِ ودورهِ ورسالته، في محيطهِ العربيّ وفي العالَم، مُلتقىً للحضارات، غنيّاً بتعدّدهِ في وَحدته، أرضاً لحوارِ اللغاتِ والثقافاتِ وتفاعُلِها وتلاقُحِها، وطناً للإنسان. وقد سعَيتُ إلى أن أستوحيَ هذه المبادئَ والقِيَمَ والرؤى في مختلفِ المناصبِ التي تولّيتُها. وقد قُدّرَ  لي أن أعملَ بهديها، بطريقةٍ منهجيّةٍ ومكثّفة، في اللجنةِ الوطنيّةِ اللبنانيّةِ لليونسكو التي تشرّفتُ بالانتسابِ إليها والتعاونِ مع هيئتِها العامّة ومكتبها التنفيذيَ وفريقِ أمانتِها العامّة على مدى نيّفٍ وثلاثينَ سنة، لأنّها تشكّلُ نَموذجاً حيّاً لما ينبغي أن تكونَ عليه المؤسّساتُ الوطنيّة، عابرةً للطوائفِ والمناطقِ والأحزاب، منذورةً لخدمةِ لبنان، كلِّ لبنان، وجميعِ اللبنانيّين".
أضاف: "كان العالَمُ العربيُّ، على الدوام، مَحطَّ اهتمامي وفي صُلبِ التزاماتي. ويطيبُ لي التنويهُ بأنَّ جامعةَ القدّيسِ يوسف لَعِبَتْ دوراً حاسماً في تحفيزي على تبنّي هذا التوجُّه، وذلك بفضلِ دورِ كبارِ أعلامِها في الإضاءةِ على غِنى التراثِ العربيّ، وبفضلِ إسهاماتِهم في تحقيقِ نهضتهِ الفكريّةِ الحديثة. وقد تجلّى توجّهي هذا من خلالِ رسائلِ الماجستير وأطاريحِ الدكتوراه التي أعدّها بإشرافي مئاتُ الطلبةِ العرب في معهدِ الآدابِ الشرقيّة، حول موضوعاتٍ تعني العالَمَ العربيّ".
وتابع: "إنّه لَمِن دواعي سعادتي واعتزازي أن أتوّجَ مسيرتي المِهْنيّةَ في مؤسّسةِ الفكرِ العربيّ التي أنشأها المثقّفُ الرؤيويُّ الأمير خالد الفيصل، من أجلِ إعلاءِ شأنِ الفكر، ونشرِ المعرفةِ، وتعزيزِ الثقافة. وهي منذُ تأسيسِها، ما فتئت، بتوجيهٍ من رئيسِها ودعمٍ سخيٍّ من أعضاءِ مجلسِ أمنائِها، وبفضلِ تفاني أُسرةِ العاملينَ فيها، وتعاونِها المثمرِ مع نُخبةٍ من المفكّرين والمثقّفين العرب، ما فتئت تضطلعُ برسالةِ التنويرِ والتنميةِ والتطوير، التي يحتاجُها العالَمُ العربيّ، وتستحقُّ شعوبُه أن تَنعمَ بثمارِها. وهي تقوم بذلكَ، من خلالِ النَدَواتِ التي تنظّمها، والمؤتمراتِ التي تعقِدُها، والبرامجِ والمشاريعِ التي تُنفّذها، والتقاريرِ التي تُعدّها، والكتبِ التي تُصدرها. وقد تمّ اختيارُ بيروت مقرّاً لها، تقديراً لرسالةِ لبنانَ الحضاريّةِ المميَّزة، ودورِ عاصمتهِ الثقافيِّ الرائد".
وختم: "إذ أجدّدُ الإعرابَ لمعالي الوزيرِ الكريم عن عميقِ امتناني، وأتوجّهُ بالشكرِ الحارّ إلى مَن شرّفوني اليومَ وأسعدوني بحضورهم، وبتحيّةٍ خاصّة إلى الصديقِ العزيز البروفسور معين حمزة الذي حالَ سفرُه دونَ مشاركته في هذا اللقاءِ الذي لم يكن غائباً عن التمهيدِ له، اسمحوا لي أخيراً أن أختِمَ كلمتي هذه بباقةٍ من ثلاثِ تمنيّات:
أوّلاً: نحن نَعرِفُ يا صاحبَ المعالي الأَزَماتِ الخانقةَ التي يُعاني منها القطاعُ التربويّ، ونُدركُ حجمَ الصعوباتِ وجسامةَ التحدّياتِ التي تواجهونها في إطارِ ممارسةِ مهامِّكُم، ونُقدّرُ الجهودَ المضنيةَ التي تبذلونها في الداخل، والمساعي الدَؤوبةَ التي تقومون بها لدى المراجعِ الدوليّةِ المعنيّة، من أجلِ إيجادِ الحلولِ التي تَضمَنُ إنقاذَ هذا القطاعِ الحيويّ، والنهوضَ به. فنرجو أن تتكلّلَ جهودُكم ومساعيكم بالنجاح، أمانةً لتاريخِ لبنانَ التربويِّ العريق، وتأميناً لمستقبلِ أجيالهِ الطالعة.

ثانياً: شاءتِ الصُدَفُ أن يتزامنَ لقاؤنا اليوم مع انتهاءِ الولايةِ الرئاسيّة. ولَكَم يَحُزُّ  في نفوسنا أن نشهدَ إخفاقَ المجلسِ النيابيّ في انتخابِ رئيسٍ جديدِ للبلاد، ضمنَ المِهَلِ الدُستوريّة، في ظلِّ أقسى الظروفِ الاقتصاديّةِ، وعلى عَتبةِ أدقِّ المراحلِ المصيريّة وأَخطَرِها. فدعوني أضمُّ صوتي إلى أصواتِ جميعِ الغيارى على لبنان، مناشدينَ السادَةَ النوّاب الذين أولاهمُ الشعبُ ثِقتَه، أن يكونوا أهلاً لهذه الثقة، وأن يغلّبوا مصلحةَ الوطن على كلِّ ما عداها.
ثالثاً: لقد اشتدّت وطأةُ جُلجلةِ لبنان وطال أَمَدُها. وآنَ لهذا البلدِ المعذّبِ والجريح أن يستعيدَ حُريَّتَه واستقرارَهُ وازدهارَهُ وإشعاعَهُ وهناءَةَ العيشِ في ربوعهِ الخلّابة. رجائي ودعائي أنْ نواصلَ العملَ معاً، كلٌّ من موقِعِه، من أجلِ أن تبقى شعلةُ الأملِ بقيامةِ وطنِنا مُتّقدةً وضّاءة، وأنْ نناضلَ معاً من أجلِ أن تتحقَّقَ في القريبِ العاجلِ قيامةُ لبنان.