تقدّم في المفاوضات حول الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل
الاحداث- كتبت ماريان صوان
مع اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية والمشاكل التي تواجهها أوروبا لناحية تامين الغاز بعد وقف روسيا إمدادهم بالغاز الطبيعي، عاد ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل الى الواجهة من جديد. وطبعاً وكما درجت العادة في لبنان أمام أي أزمة تواجهها الدولة اللبنانية يتبيّن لنا مدى هشاشة سياستها وأجهزتها الحكومية والرسمية في مقاربة كل الملفات الداخلية والخارجية حتى تلك التي تتعلّق بمصالحها الحيوية ومواردها الطبيعية. فبعد تراجع الدولة اللبنانية عن الخط 29 وعدم توقيع المرسوم 6433 وفي ظلّ الاختلاف الحاصل حول صحة الخطوط المحددة للحدود البحرية اللبنانية، يقابل هذا الموقف اللبناني الهجين وحدة وصلابة الموقف الإسرائيلي وتمسكه بحقل كاريش سواءً أكان محقاً أم لا مدعوماً من حليفته صاحبة الوساطة.
على خلفية المناقشات التي جرت بين الوسيط الأميركي والدولة اللبنانية، فقد أفادت مصادر مطّلعة بأن المحادثات التي قام بها مستشار أمن الطاقة آموس هوكشتاين الأسبوع الماضي مع الجانب الإسرائيلي حول حدودهم البحرية كانت مثمرة ودفعت نحو تضييق الخلافات بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي.
ومن المفترض أن الولايات المتحدة الأميركية سوف تبقى منخرطة مع الأطراف المتنازعة في الأيام والأسابيع المقبلة.
فبعد تخبّط الدولة اللبنانية واختلاف وحدة المعايير في تحديد صحة الخط الفاصل للحدود البحرية وعدم توقيع المرسوم2011/6433 يبقى السؤال الأهم هل سيسمح للبنان باستخراج غازه وينعم اللبنانيون بخيراته، هذا الشعب الذي لطالما وقف في طوابير الذلّ كي يتمكن من الحصول على البنزين والمازوت وهو الذي يملك ثروة نفطية تقدّر بملايين الدولارات.
أمام هذا المشهد الحاصل يواجه لبنان سيناريوهات عدة، الأول يتعلّق بأمن الطاقة الدولي لإسرائيل وحاجة أوروبا للغاز في الخرف المقبل وبخاصة بعد إقفال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنابيب الغاز عن أوروبا وإجبار الدول الأوروبية بشراء الغاز بالروبل الروسي هذا من شأنه أن يشكّل عامل ضغط على الولايات المتحدة الأميركية فتجد نفسها أمام دبلوماسية ناعمة لا محالة، ويكون لبنان قد ضمن وجوده على خط الغاز العربي.
أما السيناريو الثاني، فينطلق من الواقعية السياسية المعتمدة من قبل إسرائيل وأميركا في مقاربة الأمور الشرق أوسطية حيث أن ملكية السفينة اليونانية "إنرجان باور" تعود الى بريطانيا، وتفيد مصادر أخرى أن شركة أميركية قد حصلت على امتياز التنقيب بجنوب حقل كاريش. ومع تأمين خطوط أنابيب الغاز ترانسميد الذي ينقل الغاز الطبيعي من الجزائر الى إيطاليا عبر تونس وصقلية، واتفاق شركة الطاقة الإيطالية "إيني" وشركة النفط الجزائرية "سوناطراك" وغيرها من أنابيب الغاز الإفريقية لن تواجه أميركا ضغوطات وستتمكن من فرض شروطها وشروط إسرائيل على الجانب اللبناني.
أمام هذه السيناريوهات المحتملة والمعلومات التي تفيد بأنه وحتى اليوم لم نحصل على معلومات دقيقة حول كمية الغاز الموجودة في حقل قانا، ووجود السفينة اليونانية في حقل كاريش وغياب أي معلومات عن أعمالها الحالية، لا يزال لبنان غائبًا عن خريطة الدول النفطية، والأيام المقبلة كفيلة بتأكيد صحة أي من هذه السيناريوهات.