كتاب مفتوح الى البطريرك الراعي
الاحداث - كتب إيلي صعب:
صاحب الغبطة والنيافة، أوجه لغبطتكم هذا الكتاب المفتوح، بعدما وصل شعب لبنان الى مرحلة الذل غير المسبوق في تاريخ دولة ”لبنان الكبير“، وإن لي ملء الثقة، أنكم تعلمون بما يمر به لبنان واللبنانيين في هذه الاوقات العصيبة، إذ أنكم قد طرحتم تساؤلات عدة في خلال الايام الماضية تمثل حالنا اليوم: ”مذ متى تحوّلَ لبنانُ من منارةِ الشرق إلى عتمةَ الشرق؟ مُذ متى في لبنانَ يَموت الأطفالُ بسببِ تلوّثِ المياه؟ مذ متى في لبنانَ يبكي الآباءُ والأمّهاتُ لأنّهم لم يَتمكّنوا من توفيرِ الطعامِ والملبَسِ والدواءِ والمدرسةِ والجامعةِ لأولادِهم؟ مذ متى في لبنانَ يَملِكُ الناسُ أموالًا في المصارفِ ويُمنَعون من سحبِها لقضاءِ حاجاتِهم الأساسيّةِ والحياتية؟ مذ متى في لبنان يهاجرُ الأطبّاءُ والمهندِسون ورجال الأعمال ومعلّمو الجامعات وأصحابُ المهنِ الحرّةِ فيما كانوا يَدرسون في الخارجِ ويعودون؟ مذ متى تُخزَّنُ الموادُّ المختلِفةُ، ولا تُداهمُ الأجهزة ُكافةً المخازنَ، ويُحاكِمُ القضاءُ المحتكرِين؟“.
نيافة البطريرك، منذ بداية ”العهد القوي“ برئاسة ميشال عون”بي الكل“ كما يسمونه، لم أشهد كما الكثير من اللبنانيين على أي مؤشر قوة ولا أبوة. فبحسب ما يعلم الجميع: إن القوة الايجابية لا تكون هدامة بل بناءة، والابوة لا تكون بالتفرقة بين الابناء والحقد والانتقام من بعضهم، ولا لمصلحة فريق ضد آخر، وإنكم من موقعكم تعلمون خير المعرفة ما معنى الابوة، وتدركون جيدا أن ما حصل في خلال السنوات الماضية من العهد لم تكن مكونة الا من المحسوبيات، الانتقامات، الحقد، الكراهية، الاذلال، والاهم هو الانهيار الذي هدد وما يزال مستقبل البلاد والشباب اللبناني. وبعد كل ما ورد أعلاه من حقائق ملموسة، اسمح لي يا صاحب الغبطة، بمعرفتي المتواضعة وعن لسان غالبية الشعب اللبناني خصوصا بعد كل الذل الذي يمر به، أن أتوجه لكم بهذا الكتاب المفتوح لأنني أعتبر أن مرجعيتي هي بكركي، وأن لقب ”بي الكل“ في لبنان لا ينطبق إلا على من أعطي له مجد لبنان .
غبطة البطريرك، في بال كل مواطن لبناني حر سؤال واحد: بعد كل الذي مر به لبنان منذ بداية هذا العهد، لماذا هذا التمسك بالغطاء البطريركي على رئيس الجمهورية؟ هل لأنه ماروني؟ وهل سيبقى موارنة في لبنان ؟
الجميع يعلم أن ليس لكم علاقة بإنتخابه رئيسا للبلاد، وانكم لستم المسؤولون عن التسوية التي حصلت، وخصوصا أن هذه التسوية سقطت بعد أشهر قليلة على انطلاقها، ولبنان يسقط معها تدريجيا، ومن قام بالتسوية ندم عليها، ونحن نعلم علم اليقين أن دور البطريركية المارونية عبر التاريخ وحتى اليوم كان ولا يزال دورا محوريا في انقاذ لبنان من محنه، لذلك نناشدكم يا صاحب الغبطة أن تتدخلوا لانهاء ولاية رئيس الجمهورية وإنقاذ ما تبقى من لبنان، لاسيما أن القرار ليس بيد الرئيس بل هو بيد حليفه الموالي لايران الذي اعترف علنا بأن هدفه الاساسي هو جعل لبنان محافظة إيرانية.
وما شهدناه منذ بداية العهد وحتى اليوم أثبت أن السلطة الحالية عاجزة عن السيطرة على التهريب عبر الحدود وسيادة الدولة منتهكة وقرار الحرب والسلم ليس بيدها، ولاسيما أن اتفاق ”مار مخايل“قد أمن الغطاء المسيحي لسلاح“حزب الله“ غير الشرعي.
فبعد كل هذا الخداع على مدى سنوات، وبعد الفشل بتشكيل الحكومة لأكثر من سنة مع ٣ رؤساء مكلفين إثر انفجار العاصمة وسقوط مئات الضحايا والجرحى، ومن دون مزايدات سياسية فإنه واضح وضوح الشمس من كان يعلم بوجود النيترات وعلى من تقع المسؤولية.
اللبنانيون يسألون يا صاحب الغبطة، لماذا تبقون هذا الغطاء المسيحي والالاف من اللبنانيين وخصوصا المسيحيين هاجروا؟ لماذا التستر واللبنانيون يجوعون ويذلون على محطات المحروقات وفي الصيدليات وامام الافران؟ دائما يتحججون بعدم وجود ”الصلاحيات“ و“ما خلونا“، فالعناد و“النكايات“ والبقاء طمعا بالمركز لا يخدم البلد بل يدمره أكثر فأكثر، ولو أراد فخامة الرئيس مصلحة البلد لما كان سمح أن تصل الامور الى ما وصلت اليه٫ ولكان استقال طوعا، ولكن للاسف التمسك بالكرسي هو الذي أدى بالبلد الى الانهيار لا بل الى ”جهنم“.
سيدي البطريرك، لبنان وطني ولا أريد أن أهاجر، أستحلفك باسمي وباسم الكثيرين من الشباب اللبناني، أن تتحرك فورا، لإن ميشال عون لم يعد يمثل اللبنانيين وخصوصا المسيحيين المتحررين، ولا يمكننا الاستمرار بهذا الذل القائم، … مستقبل لبنان بين أيديكم.
======