أقلام حرة

خطة باسيل … لإصلاح التاريخ أو للسيطرة على مساره؟

الاحداث - كتب إيلي صعب:

منذ بداية عهد ”الجنرال“ ميشال عون وتسلمه الرئاسة الثالثة "الحكومة الانتقالية " في خلال الحرب الأهلية،  والمسيحيون ينتظرون الانتصار المستخلص من خطاباته الواعدة، أما النتيجة فكانت ايصال البلاد الى الانتحار تماما كما حذره رئيس حزب الكتائب اللبنانية في حينها الدكتور جورج سعادة. فعلى الرغم من تنبيه الأخير لعون، وتحذيره من أنه لا يمكنه الانتحار بعدما استلم قيادة السفينة، إلا أن الجنرال عون كان مصراً على مواقفه، وهنا لا يمكننا إلا أن نسأل عن سبب  عناد  العماد واصراره  على الحرب على الرغم من أنه كان يدرك تماما ان الفشل سيكون حليفه .

وبعد إعلانه حرب التحرير ضد الجيش السوري في آذار ١٩٨٩، الذي كان يسيطر على لبنان كانت عبارته الشهيرة وهي "هزّ المسمار"، بمعنى أن حربه شارفت على اقتلاع مسمار الهيمنة السورية الذي كان قد دق إلى الأعماق٫ علما أن المسمار السوري لم يهتز عملياً في ذلك الحين، بل تمكن من اقتلاع عون من بعبدا كرئيس للحكومة العسكرية، بعد الهجوم العسكري وبالطيران، الذي استهدف قصر بعبدا في 13 تشرين الأول من عام 1990 وكان الهروب الى فرنسا٫ بعد فشله بأن يفرض نفسه رئيسًا للجمهورية بسبب اختلاط الاوراق الاقليمية والتدخلات الدولية. 
وبين حرب التحرير و١٣ تشرين كانت حرب الالغاء التي شنها الجيش اللبناني بقيادة الجنرال عون على القوات اللبنانية في كانون الثاني عام ١٩٩٠وتسببت بسقوط الآلاف من المسيحيين،  من داخل البيت الواحد حتى انها سميت ”حرب الاخوة“.
ومنذ ذلك الحين، كان التغيير الحتمي، فبعدما بنى الجنرال عون شعبيته على ركيزة مُعارِضة لأي سلاح غير شرعي، ومعارِضة لأي تدخلات خصوصًا السورية. عاد عون الى لبنان باتفاق دولي وبرضىً سوري، وشكل حلفًا مع السلاح غير الشرعي: ”اتفاق مار مخايل“، ورفع شعار ”استعادة حقوق المسيحيين“، وكان اولى ضحاياه، المسيحيون أنفسهم، بعدما تحورت حقوقهم الى مكاسب سياسية للتيار الوطني الحر. وبدأ حلم جبران باسيل السياسي، وتعطلت البلاد بهدف تسليمه وزارة الطاقة، وبدأت الوعود بالكهرباء التي لم تتحقق حتى الساعة. 

وفي العام ٢٠١٤، وقع الفراغ الرئاسي وبدأ الصراع بين الاطراف السياسية على رئاسة الجمهورية وانتهى باتفاق ”اوعى خيك“ في معراب، الذي اوصل العماد عون الى قصر بعبدا، بعد وضع شروط وتقاسم الحصص في المراكز الادارية، حتى ان البعض انتقدهم بأنهم تناسوا شهداء الجيش اللبناني والقوات اللبنانية، وبأن القوات لم تتعلم من عِبَر الماضي المرير، في حين ان القوات بررت اتفاقها مع التيار بأنها لا تريد العودة الى زمن الحرب مجددًا.
ولاحقًا، تم تفصيل قانون انتخابي على قياس“ الصهر الساقط" مرتين في الانتخابات السابقة٫ وحصل على رئاسة أكبر تكتل نيابي، وعندما بدأت عملية تقسيم الادارات حسب الاتفاقات السياسية، كانت الخيانة بالمرصاد، وفرط اتفاق معراب.
وفي ١٧ تشرين الاول ٢٠١٩، بدأت الاحتجاجات على  العهد وصهره، وكان لها الاثر السلبي الكبير على باسيل خصوصا بعد السعي للسيطرة على  كل مقدرات الدولة من خلال التعيينات الادارية والاقالات التعسفية في ادارات الدولة لحسابات سياسية ، فلم يعد عارفًا كيفية تعويم نفسه، بعدما اطلق الثوار اغنية  ”الهيلا هيلا هو“ وبما أن الوضع كان يتدهور يوما بعد يوم وأكثر فأكثر، عمل باسيل مع مستشاريه (حسبما قال النائب ايلي الفرزلي) على خطة ممنهجة تهدف الى تدمير مؤسسات الدولة، كمصرف لبنان وغيره. والدليل على ذلك الاحتجاجات الحزبية الخاصة بالتيار ضد حاكم مصرف لبنان وبخاصة بعد انتهاء المصالح مع الاخير، علما ً إن التجديد له تم باقتراح من رئيس الجمهورية ميشال عون. فكل ما نراه اليوم، من انهيارات اقتصادية حتما ليست صدفة، وكل هذه الخطة الممنهجة تهدف بالوصول إلى تغيير النظام اللبناني كي يكون الوزير باسيل قادرًا على الحصول على سلطة أوسع تضمن له سيطرة أكبر، مبرراً ذلك في تصريح له في خلال زيارته الى روسيا أنه عاجز عن الإصلاح من خلال الاكثرية النيابية فقط. فنرى أن باسيل يسعى للحصول على الصلاحيات نفسها التي حصل عليها عمه في خلال حرب لبنان الأهلية.
وهنا نسأل هل ستصلح خطة باسيل التاريخ؟ أم سيعيد التاريخ نفسه٫ ويقع اللبنانيون مرة أخرى في الفخ نفسه ويسلمون السفينة لصهر الانتحاري الذي سبق ودمر البلد … وهرب؟

========