ترامب: السقوط المأساوي ووهم الأسطورة
الاحداث- واشنطن - كتب رشيد قيامي (الصور بعدسة جورج شواح )
بعد المشهد المريع واليوم الأسود الذي سجّله أنصار الرئيس دونالد ترامب في تاريخ الديمقراطية الأميركيّة مع اقتحامهم لمبنى الكونغرس، ما أسفر عن سقوط أربعة قتلى، أنهى المشرّعون الأميركيون عند الرابعة من فجر اليوم الخميس عمليّة المصادقة على انتخاب جو بايدن رئيساً للبلاد.
إقتحام مبنى الكابيتول الذي يعتبر قُدسَ أقداسِ التشريع الأميركي، وبتحريض مباشر وتوعّد متواصل من قبل ترامب على مدى أسابيع، أطاح وبشكلٍ كامل بكلّ ما يمكن أن يكون الرجل قد حقّقه من إنجازات على مدى السنوات الأربع من ولايته.
وهمُ الرجلِ الأسطورة بالنسبة الى مناصريه، تهاوى سريعاً، نتيجة المشاهد الصادمة للغضب المشحون والمغامرة المجنونة لرئيسٍ يرفض التسليم بالخسارة والمغادرة بشكلٍ تقليدي.
الشغب الترامبي داخل الكونغرس يوم السادس من كانون الثاني ٢٠٢١ إنعكس سلباً على ساكن البيت الأبيض، وأعطى خصومه ومعارضيه الكُثر، ذرائع كافية للإنقضاض عليه، بعد ما عانوه من غطرسته وغروره وتماديه في تدمير الجانب المشرق من صورة أميركا.
طرحُ الديمقراطيين لإمكان تفعيل التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأميركي والذي يتيح لنائب الرئيس وغالبيّة أعضاء الحكومة إقالة ترامب قبل نحو أسبوعين من انتهاء ولايته، إذا ما وجدوا أنّه غير قادر على تحمّل أعباء منصبه، كان أبرز المسائل المتداولة في أروقة مبنى الكابيتول الرابض على إحدى تلال عاصمة القرار.
إستقالات عدّة في صفوف موظفي البيت الأبيض ، منها لنائب مستشار الأمن القومي وكبيرة موظفي السيّدة الأولى، جاءت للتعبير عن الاستنكار والتنديد بما حصل في الكونغرس، وتخطّي كلّ الخطوط الحمر، وتعريض سلامة من في الداخل للخطر.إضافةً إلى الدفع باتّجاه وقوع صدامات لا تحمد عُقباها.
خطوة الإستقالات هذه، دفعت برئيس الأغلبيّة في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل للتدخّل، سعياً لتأجيلها.
مواقع التواصل الاجتماعي بدورها، سجّلت موقفاً إعتراضياً على ما وصفه البعض بالجنون الترامبي. فأقدم كل من تويتر وفايسبوك وإنستغرام على حجب حسابات الرئيس المنخرط في التغريد حتّى نهاية ولايته.
الشغب الترامبي دفع أيضاً باتجاه إرسال أكثر من ستة آلاف عنصر من الحرس الوطني إلى العاصمة واشنطن وإبقائهم هناك حتّى يوم التنصيب.
التصرّفات الرعناء والمتمادية للرئيس الأصهب سحبت الجمهوريين معه إلى ميادين الخسارة ، وكرّست سيطرة الديمقراطيين على مجلسي الكونغرس الأميركي، ومنعته من الاستمرار في ولاية ثانية يأملها كغيره من الرؤساء.
سيسجّل التاريخ الأميركي يوم السادس من كانون الثاني ٢٠٢١ كواحد من أسوأ أيّام البلاد ظلاميّةً، وسيدخل سجلّ دونالد ترامب الرئاسي تحت هذه الخانة.
بعد كلّ هذا المشهد الحافل بالتطوّرات الدراماتيكيّة ، سيكون حفل التنصيب الرئاسي في العشرين من الشهر الحالي غير عادي في كثير من جوانبه، حيث سيقتصر الحضور على أعضاء مجلسي الشيوخ والنوّاب مع السماح لكلّ منهم بدعوة شخص فقط، في ظلّ تفشّي وباء كورونا ، حسب ما ذكرت صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز.إلّا أنّ العيون ستبقى شاخصة على الطريقة التي سيختارها دونالد ترامب لمغادرة البيت الأبيض، في ذلك اليوم " المجيد " بالنسبه لخصومه. فالرئيس الذي فضّل لعب الغولف صبيحة يوم ظهور نتائج الانتخابات في السابع من تشرين الثاني من العام الماضي، كان يحلم بجولة غولف أخرى خارج البلاد يوم التنصيب، إلّا أنّ الأمور جرت عكس ما يشتهي، ما قد يدفعه إلى تحويلها إلى جولة غولف داخليّة.
===========