أقلام حرة

12/11/10 دقت الساعة...
الياس الرحباني لن يقول وداعا

الاحداث- كتبت جوزفين حبشي

عشرة، حدعش، تنعش، دقت الساعة بالليل وانا وحدي... 
قبل عشر سنوات، كنت في طريقي  الى عملي في  شركة الاعلانات، عندما سمعت عبر اثير احدى الاذاعات اغنية" عشرة، حدعش، تنعش" للموسيقار الياس الرحباني. يومها كنت بصدد الاعداد لاعلان تجاري لشركة ماكدونالدز ، وما ان سمعت الاغنية حتى قررت استخدام اللحن الشهير، مع وضع كلمات جديدة لتناسب العرض الاعلاني. وهكذا كان، اتصلت  بالمبدع اللبناني وحصلت منه على حق استخدام اللحن. 
هذا كان اول اتصال لي بالموسيقار الياس الرحباني، واستعنا يومها بابنه جاد الذي قام بتسجيل كلمات الاعلان بصوته وفي الاستديو الخاص به.
اما ثاني اتصال لي بالرحباني الثالث، فكان قبل عام، من خلال الصديق الفنان غسان سالم الذي كان يستعد  مع الاستاذ الياس للعمل على الالبوم الثالث ضمن سلسلة: الياس الرحباني يقدّم غسان سالم.  يومها اتصل بي غسان وطلب مني محاولة وضع كلمات على لحن" لا تقولي وداعا" ليتم ضم الاغنية الى الالبوم.  للوهلة الاولى اصابتني الرهبة، وللمرة الثانية سأضع كلمات للحن  وضعه الياس الرحباني، ولكن شتان بين إعلان تجاري وأغنية فنية. الرهبة ازدادت فليس حدثا عاديا ان تقوم كاتبة عاشقة للكلمة ،  ولكن بعيدة جداً عن  أجواء الشعر الغنائي مثلي، بكتابة كلمات، ستتحوّل اغنية، وسترافق لحنا رائعا محفوراً في ذاكرة عشّاق مسلسل " لا تقولي وداعاً"  الذي قدمه تلفزيون لبنان في ثمانينات القرن الماضي، من بطولة الثنائي هند ابي اللمع وعبد المجيد مجذوب. لحن آسر من تأليف موسيقار كبير من صلب العائلة الرحبانية العظيمة، رسم بصمته الفريدة   على أعماله الخالدة، وتحوّل الى أبد الابدين رمزا للبنان الجمال والفرح والازدهار والحياة والثقافة .
طبعا كتبت ، ورافقت كلماتي بصوت  غسان سالم وبتوزيع جاد الرحباني، سحر لحن " لا تقولي وداعا" الذي تحوّل اغنية تحمل عنوان” مجروح". واصبحت الاغنية جزءا من الالبوم الثالث الذي حالت الظروف ان يبصر النور بحياة الفنان الكبير قبل ان يودعنا اليوم، تاركا جرحا اضافيا في قلب لبنان المجروح الى درجة الانكسار.
الياس الرحباني  ، ملحّن " لا تقولي وداعا" لم يقل لنا وداعا اليوم... المبدع الذي وصل الشرق بالغرب، وحصد جوائز عالمية ولحّن أكثر من 2500 أغنية ومعزوفة، منها اغنيات يا طير الوروار  والاوضة المنسية وحنا السكران للسيدة فيروز، وألّف موسيقى تصويرية ل25 فيلم مثل " دمي دموعي وابتسامتي" و" اجمل ايام حياتي" و" حبيبتي" ، ومسلسلات مثل " عازف الليل” و" الو حياتي" و " لا تقولي وداعا" ومعزوفات كلاسيكية على البيانو، لم ولن يودعنا. 
الياس الرحباني الطريف، الضاحك و السكران الابدي( مثل حنا) بحب لبنان، الذي يذكرنا دائما باجمل ايام حياة الفن اللبناني ، رحل بهدوء لا يشبه صخب ضحكته وحبه للحياة. 
عشرة حدعش تنعش، دقت ساعته، ولكنه لن يقول وداعا،  فمن كان بمثل ابداعه، لا تليق به سوى اللقاءات.

==========