أقلام حرة

الوباء والتفجير ورجلا العام 2020

الاحداث- كتب رشيد قيامي 

ساعات قليلة وتطوي السنة الحاليّة آخر فصولها، معلنة ً انتقالها إلى كتب التاريخ. 

ساعات ويتحوّل العالم إلى فسحة أمل جديدة بأن تحمل الأيام المقبلة بصيص نور بغدٍ أفضل، لا سيّما بعد ما شهده الكوكب من كوارث. 

أزمات وأحداثٌ كثيرة طبعت عام ألفين وعشرين، على الصعيدين العالمي والمحلّي. كانت في العديد منها أحداثاً مفصليّة بين ما قبلها وما بعدها. ووجوه مختلفة برزت إلى واجهة تلك الأزمات والأحداث. 

توقيع اتفاقيات سلام بين عدد من الدول العربيّة وإسرائيل، تفجيرات، إغتيالات ، إنهيارات في البورصات، وغيرها الكثير من الأحداث ميّزت العام المحتضر. إلّا أنّ وباء كورونا بقي السمة الأبرز على الصعيد العالمي، مع تسجيل أكثر من 82 مليون إصابة وأكثر من مليون و800 ألف وفاة. أرقام مخيفة وصادمة ، جعلت البشر يهلعون ويرتعدون ويخضعون لنمط حياة جديد لم يعهدوه من قبل . هلعٌ وإن لم يتبدّد تماماً، إلّا أنّه بدأ يتلاشى بعض الشيء مع ظهور اللقاحات المضادة للفيروس الذي انطلق من الصين. 

أمّا على الصعيد المحلّي، فكان الإنفجار الذي وقع في الرابع من شهر آب في مرفأ بيروت هو الحدث الأبرز، لا بل الفاجعة الأكبر التي ضربت لبنان وصبغت بلونها الأسود عاماً بكامله. 

الانفجار الذي صنّف بالثالث عالميّاً من حيث القوّة بعد انفجاري القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناكازاكي خلال الحرب العالميّة الثانية عام ١٩٤٥، أوقع آلاف القتلى والجرحى ودمّر جزءاً كبيراً من العاصمة اللبنانيّة، وخلّف أضراراً فاقت بكثير حجم ما لحق ببيروت خلال سنوات الحرب. 

 إختيار أبرز وجهين لهذا العام على الصعيد العالمي والمحلّي لم يكن بالأمر الصعب أبداً. فالرئيس الأميركي دونالد ترامب تصدّر المشهد العالمي من  دون أيّ منافس يضاهيه حضوراً على الإطلاق. ولا سيّما أنّ السنة الحاليّة كانت سنة انتخابات رئاسيّة في الولايات المتحدة. أمرٌ دفع بترامب إلى السعي بقوّة لتعزيز حضوره على ساحة المنافسة بهدف حسم معركةٍ لم تنتهِ كما يشتهي سيّد البيت الأبيض. 

تعاطي ترامب المشاكس مع العديد من القضايا  الداخليّة والخارجيّة وشخصيّته التي تتميّز بحبّ المناكفة ، عزّزت أيضاً بروزه إلى الواجهة في كثير من الأوقات. كذلك فإن طريقة تعامله مع خسارته للإنتخابات والإتهامات التي ساقها في وجه خصومه ومعارضيه والدعاوى التي ساقها أمام القضاء في هذا المجال، كما إطلالته المستمرة والمتلاحقة عبر موقع " تويتر "، جعلت منه الشخصيّة التي دمغت العام بحضورها.

أمّا على الصعيد المحلّي، فإنّ الوزير السابق جبران باسيل يبرز كرجل العام. بصماتُ الرجل واضحة ٌ في تدخّله في أدّق تفاصيل الحركة السياسيّة  القريبة من رئيس الجمهورية ميشال عون. تدخّلٌ يصفه العديد من رجال السياسة في لبنان بالمعرقل والمُعطّل، إلّا أنّه يبقيه عاملاً مؤثراً وبارزاً على الساحة السياسية وإن بشكل سلبي.

العقوبات الأميركيّة غير المسبوقة على باسيل والتي هشّمت صورته بشكل كبير وقيّدت حركته الماليّة وقضت على طموحاته الرئاسيّة، جعلت من صهر الرئيس اللبناني، رجل العام، وإن المتهالك والمتهاوي، الذي لن يستلزم أفول نجمه سوى السنتين المتبقيتين من عُمر العهد. 

يتسمّر العالم بعد ساعات أمام عقارب الوقت، ويرقُب الناس فَرَجاً لضيق يعانونه ، يأملون أن يلوح في الأفق، مستذكرين ذلك البيت الشهير من شِعر الطغرائي: 

أُعلّلُ النفسَ بالآمالِ أرقبُها          
                          ما أضيقَ العيشَ لولا فسحة ُ الأملِ.