أقلام حرة

رسالة عاجلة جدًّا إلى رئيس الجمهوريّة

الاحداث - كتب عقل العويط

يجب أنْ تنجح. وبعد،
ليس عندي أحدٌ ليحمل إليكَ هذه الرسالة شخصيًّا. لا أثق بأحد. الألغامُ في طريقكَ، بدءًا بالعدوّ، مرورًا بالأوصياء، والمحتلّين، والأخوة الأعداء، والحلفاء، وأكلة الجبنة، والنائمين على ضيم، والنائمين على حرير، والانتهازيّين، والحرس القديم، والحرس الجديد، والمستشارين، والطفيليّين، وغلاة القهوة، والطبّاخين، وفاركي الأيدي، وماسحي الجوخ، والمنبطحين، ونافشي الريش، ومَن يربّحونك الجميل، ومَن يمنّنونكَ، والطامعين، والمفخِّخين، والحاقدين، والمتشفّين، ومدّعي العفّة، وطالبي القربى، والأصهرة، وأصحاب الكلام المعسول، والمدّاحين، وحملة الشعارات، والأنفلونسر، والجيوش الألكترونيّة، والوزراء، والنوّاب، والرؤساء، والسابقين، واللّاحقين، والمستنوِبين، والمستوزِرين، والمتفلسفين، والمنظّرين، والجماهير، والمهرّبين، وغاسلي الأموال، وتجّار الجملة، وتجّار المفرّق، والذين انتخبوكَ، والذين لم، ومنتهِكي الدستور، والطوائف، والمذاهب، والرجعيّين، والطليعيّين، والثوريّين، والتقليديّين، والمودرن، والموشوِشين، والعسس، وزوّار الليل والفجر، وأصحاب الابتسامات الصفراء بالأسنان والنواجز والأضراس. وما أدهاهم.
إنْ لم يكونوا قد فازوا عليكَ، بدءًا من جلسة الانتخاب (أو قبلها) إلى وقت نشر هذا المقال، فلا محالة يتربّصون، ويتحيّنون. ولن يتورّعوا. وبالضربة القاضية. أو بالجرجرة. سيّان. المهمّ أنْ لا تزلّ بكَ القدم. أو اللسان. أو العقل. وأنْ لا تسقط في الجورة. فآنذاك، ما أكثر الذبّاحين.
أمّا مجلس الوزراء برئيس الحكومة والوزراء، فبابُ جهنّم. وهناك السمّ الزعاف. والسكاكين المشحوذة. ومقبرة العهد. أوعا الغلط!
إذا كنتَ لا تعرفهم جيّدًا، فبعضٌ قادمٌ إليكَ، لا مفرّ، وسيعرّفكَ بنفسه، وفي الاستشارات النيابيّة الملزمة، وله شروطٌ، وشروطٌ مضادّةٌ، ومعاييرُ، ومواصفاتٌ، ومطالبُ، وثلثٌ معطِّلٌ، وثلاثيّةٌ ذهبيّةٌ، ووزاراتُ كهرباءٍ ومالٍ وخدماتٍ وسوى، ومجالسُ إنماءٍ وجنوبٍ وإعمار. وبعضٌ مُحتَمٍ بميثاقيّاتٍ، وأعرافٍ، وسابقات. وبعضٌ مسترئسٌ. وبعضٌ سيحمل المنشفة. وبعضٌ يقدّم خدماته توريطًا، وتسهيلًا، وارتكابًا. وبعضٌ قبائلُ، وعصاباتٌ، ومافياتٌ، وذئابٌ كاسرةٌ. وبعضٌ ثيابُ حملان. وبعضٌ مستذئبٌ، وإذا كان لن يأتي الآن، فآجلًا. نَفَسُهُ طويلٌ. وينتظر على الكوع. وهذا أمكر الماكرين.
فكيف ستنجو؟!
***
أمّا كاسحاتُ الألغام فكثيرةٌ أيضًا، وكتاب الدستور يكفي، وصلوات المرحومة والدتكَ، والأطفال، والعشّاق، والجوعى، والفقراء، والأوادم، والمسروقون، والمقتولون، والمكسورون، والمحبطون، واليائسون، والوجدانيّون، والزاهدون، والمترفّعون، والنبلاء، والأحرار، ومَن لا يُباع ولا يُشترى، ومَن لا تعرف يساره ما صنعتْ يمينه، وغابةٌ تلو غابةٍ من الحالمين. 
فتِّشْ بالفتيلة والسراج. يسهرون على الجمهوريّة، ويصدقونكَ، وينبّهونكَ، ويلفتونكَ إلى الشطط، ويأخذون بيدكَ، وعقلكَ. ولا يريدون لأنفسهم شيئًا. فتِّشْ جيّدًا. لا بدّ أنْ تعثر على بعضٍ. انتبهْ منيح. وأيضًا، أوعا الغلط.
وإيّاكَ أنْ تيأس. وأنْ ترضخ. وإيّاكَ أنْ ترخي الحبل.
أمّا "المفتاح" فهو "المفتاح". أطلبْ فورًا أنْ يطبعوا نسخًا من كتاب الدستور. وزِّعْه على مدخل القصر، وليحملْه كلّ مَن يدخل عليكَ. اجعلْه تحت المخدّة. في الغرف والاجتماعات المغلقة والمفتوحة. فوق الطاولات. تحت الطاولات. 
"المفتاح" ثمّ "المفتاح". وإيّاكَ أنْ تخسر. ولن نغفر لكَ إذا لم تنجح. ويجب أنْ تنجح. والسلام.