من الصحف

محاولات لخرقٍ حكومي قريب.. والمجلس يتجاوَز رسالة عون: تدقيق شامل

الاحداث- كتبت صحيفة الجمهورية تقول:"الحدث الداخلي الوحيد الذي سُجّل أمس، تجلّى في القرار الذي اتخذه مجلس النواب بشمول التدقيق الجنائي كل قطاعات الدولة ومؤسساتها من دون استثناء، متجاوزاً بذلك رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي ركّزت في مضمونها على التدقيق في حسابات مصرف لبنان.

وعلى الضفة الاخرى من المشهد الداخلي، يبقى الانسداد الكلّي حاكِماً مَسار تأليف الحكومة، والتواصل حوله مقطوع بين الشريكين فيه: رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف سعد الحريري. فيما فرضَ الحضور الفرنسي المتجدد نفسه بنداً أوّلاً على جدول المتابعات الداخلية، مَقروناً بسؤال: هل ستجد الدعوة المتجددة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، لسلوك خريطة الطريق التي رسَمها في مبادرته الإنقاذيّة للبنان، مَن يَستجيب لها؟

جلسة التدقيق

مجلسيّاً، بنى مجلس النواب على رسالة رئيس الجمهورية حول التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، ليُوَسّع نطاق هذا التدقيق ليشمل كل مؤسسات الدولة. واللافت في هذا السياق مُسارعة رئيس الجمهورية، الذي تسلّم قرار المجلس مساء أمس، الى الترحيب بقرار المجلس، فكتب في تغريدة له: "تَجاوب مجلس النواب مع رغبتنا في تحقيق التدقيق المالي الجنائي في مؤسسات الدولة وإداراتها، إنجاز للبنانيين الذين يريدون معرفة مَن هَدر مالهم واستباح رزقهم، كما هو إطلالة مضيئة على المجتمع الدولي المتضامِن معناً في معركتنا ضد الفساد والهدر".

على أنّ هذا الإنجاز على أهميّته، يفتح على أسئلة كثيرة: هل سيُطبَّق هذا التدقيق فعلاً، وكيف سيًطبَّق؟ وهل سيحقّق الغاية المرجوّة منه؟ والأهم متى سيبدأ؟ أم أنّ هذا القرار بالتدقيق الشامل سيوضَع في الادراج ويبقى مجرّد حبر على ورق؟

كما يُقال، العِبرة ليست في اتخاذ القرار، بل هي في حسن تطبيقه في الاتجاه الذي ينحى الى تحديد مكامن الخلل الاساسية، والمسؤول الحقيقي عن افلاس الدولة وهدر اموالها، واين ذهبت تلك الاموال، وما يستتبع ذلك من تنظيف الدولة ومؤسساتها من المرتكبين ومحاسبتهم. والأهم قبل كل شيء طَمأنة اللبنانيين الى ودائعهم ومدّخراتهم المُصادرة في المصارف.

وإذا كانت الرسالة الرئاسيّة قد توَخّت في مضمونها حصر "الاتهام" بـ"مصرف لبنان" وحصر التدقيق في حساباته، فإنّها لم تجد لها نصيراً في المجلس النيابي، سوى تكتل "لبنان القوي"، فيما سائر المكونات النيابية نَحَت في اتجاه التدقيق المُعمّم على كل قطاعات الدولة ومؤسساتها ووزاراتها من دون استثناء. ويسجّل في هذا السياق، دور "المايسترو" الذي أدّاه رئيس المجلس نبيه بري في إدارة الدفّة النيابية في هذا الاتجاه، وصولاً الى القرار النهائي الذي أصدره المجلس، وفيه: "جواباً على رسالة فخامة رئيس الجمهورية في ما يتعلق بالتدقيق الجنائي، وبعد مناقشة مضمون الرسالة، إتخذ المجلس النيابي القرار التالي: تخضع حسابات مصرف لبنان والوزارات والمصالح المستقلة والمجالس والصناديق والمؤسسات العامة، بالتوازي للتدقيق الجنائي من دون أيّ عائق او تَذرّع بسريّة مصرفيّة أو خِلافه".

وقبل ذلك، قال بري في مداخلة له: "نحن أمام جلسة مصيرية فعلاً، الى أين سيذهب البلد؟ وقد جاءت رسالة فخامة الرئيس في الزمان والمكان المناسبين، وقد لمسنا اليوم إجماعاً من كافة الكتَل بأن يكون التدقيق شاملاً وكاملاً. فلننتَهِز الفرصة، ولنبرهن للبنانيين ولكل العالم اننا جادّون فعلاً في مقاربة هذا الملف. لذلك، يجب ان يكون التدقيق شاملاً وكاملاً، وأن يكون الموقف موحّداً لإعطاء صورة ايجابية للداخل والخارج".

من جهة ثانية، أقرّ المجلس، في جلسته أمس، اقتراح قانون تقدّمَ به النائب علي حسن خليل باسم كتلة "التنمية والتحرير"، يَرمي الى اعتبار شهداء انفجار مرفأ بيروت بمثابة شهداء في الجيش اللبناني، واعتبار جرحى الانفجار مُستفيدين من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مدى الحياة.

وكانت الجلسة قد انعقدت وسط أجواء مُحتدمة سَبقَتها، وانقسام بين مَن يطالب بالتدقيق الجنائي الجزئي المَحصور بحسابات مصرف لبنان، ويتقدّم المطالبة هنا الفريق السياسي لرئيس الجمهورية، وبين مَن يطالب بالتدقيق الشامل الذي يتصدّره الرئيس بري، وكان مؤيّداً من مختلف الكتل النيابية. وكانت الخلاصة أن ذهب المجلس الى أبعد ما طالبت به الرسالة الرئاسية، وأيّد اقتراح بري بالاجماع.

الى ذلك، أكدت مصادر رئاسية لـ"الجمهورية" أنّ القرار، الصادر عن مجلس النواب، هو سابِقة في تاريخ مجلس النواب. واعتبرت تجاوب المجلس مع مضمون كتاب رئيس الجمهورية بالإجماع المحقّق بين الكتل النيابية لم يحصل من قبل، وهو أمر يقدّر للمجلس رئيساً وأعضاء.

=========