من الصحف

مؤسسة الإسكان تنتظر إقرار خطتها لمعاودة التسليف لحود: لا داعي للتهافت على سداد القروض

الاحداث-  كتبت سلوى بعلبكي في صحيفة النهار تقول:"لم يتآكل رأسمال المصارف اللبنانية ومصرف لبنان نتيجة الانهيار النقدي فحسب، بل شمل مؤسسات على تماس مباشر مع مصالح اللبنانيين وحاجاتهم الإنسانية والاجتماعية. المؤسسة العامة للإسكان، إحدى مؤسسات الدولة التي شكلت مدى عقود من عملها في ميدان القروض والتسليفات الإسكانية، صمام أمان لذوي الدخل المحدود، وغالبيتهم من صغار الموظفين والعسكريين في مختلف الأسلاك.
بيد أن انهيار سعر صرف الليرة، معطوفا على ترهل الدولة والمؤسسات، ووقف التوظيف، وضمور مداخيل المواطنين، جعل من استمرار المؤسسة بوظيفتها من المستحيلات، ما لم يتم تعديل القوانين من جهة، ورفدها بتمويل "دولاري" يتيح لها العودة إلى سوق التسليف والإقراض من جهة أخرى.
وفي الانتظار، تعمد المؤسسة إلى بت طلبات تسديد القروض التي منحتها قبل الأزمة لنحو 85 ألف عائلة، وكان يفترض تسديدها على مدى 30 عاما. ولكن بعد الأزمة، أصبح بالإمكان التسديد بمبالغ تراوح بين 500 و1000 دولار. إلا أن المشكلة الحقيقية هي اندفاع الجميع إلى تسديد قروضهم في وقت واحد من دون انتظار دورهم، وهو ما تسبب بحال من الفوضى، مع الأخذ في الاعتبار أن جميعهم يلجأون إلى الوساطة، حتى أصبح الوضع صعبا للغاية. ومعلوم أن ثمة 15 ألف طلب على المنصة تنتظر إنجازها وبتها، و14 ألف مقترض لم يتقدموا بعد بطلب للتسديد.

لا يستغرب المدير العام للمؤسسة العامة للإسكان المهندس روني لحود تهافت المواطنين على تسديد قروضهم كاملة، للافادة من انهيار سعر الصرف، وتحديدا أولئك الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار محليا وخارجيا. إلى ذلك، ثمة من يدخرون دولارات في منازلهم، وتاليا يخشون سرقتها، عدا عن عوامل أخرى تتعلق بهجرة البعض، والأهم هو الخوف غير المبرر من تعديل الاتفاق مع المؤسسة ليصبح بالدولار بدل الليرة، أو زيادة قيمة الأقساط. وهذا لا يمكن أن يحصل نهائيا وفق لحود، لذا لا داعي للهلع. مع الإشارة إلى أن هذا الخوف حدا ببعض المقترضين على الاستدانة وتسديد المستحقات المتوجبة عليهم دفعة واحدة.
وكما غيرها من مؤسسات وإدارات الدولة، تعاني المؤسسة العامة للإسكان نقصا في عدد موظفيها، إذ تعمل حاليا بما نسبته 17% من الموظفين فقط، نظرا إلى أن غالبيتهم باتوا بحكم المتقاعدين. ومع إضافة عامل تهافت المواطنين لتسديد قروضهم، إذ ثمة نحو 55 ألف شخص تقدموا بطلبات لتسديد القروض السكنية، ليس مستغربا عدم إنجازها بالسرعة المطلوبة، خصوصا أن بعض المقترضين قرروا سداد قروضهم قبل 20 عاما من تاريخ استحقاقها.
ومع تعذر قيام المؤسسة بوظيفتها الاقراضية، أعد لحود خطة إسكانية شاملة تلحظ في قسم منها القروض السكنية والإيجارات والإيجار التملكي. هذه الخطة لم تبصر النور بعد، إذ إنها في انتظار إقرارها من مجلس الوزراء، وترجمتها بموجب مشاريع قوانين وإحالتها على مجلس النواب، وهو أمر قد يستغرق بعض الوقت.
فالدولة وفق لحود ملزمة تأمين حق السكن للمواطنين، سواء من خلال الإيجار أو التملك، وتاليا فإن الهدف هو أن يكون لكل عائلة سقف يحميها، علما أنه ليس بالضرورة أن يتم ذلك من خلال الشراء فقط. إذ وفق الخطة "ثمة خيارات أخرى مثل نظام التأجير التمويلي (Leasing)، حيث يتم تقسيط المبلغ بين البائع والمشتري على مدى 30 عاما، مع دعم الدولة لهذه العملية، ما يخفف حجم التمويل المطلوب. أما طريقة الدعم فستكون عبر وزارة المال من خلال تخفيف الأعباء على المالك أو صاحب المشروع العقاري كضريبة البناء أو التأجير وغيرها، لتحفيزه على المشاركة في مثل هذه المبادرات".
وإذ يرفض لحود الخوض في تفاصيل التمويل المنتظر قبل إقرار الخطة، يشير إلى تكبد المؤسسة خسائر ضخمة جراء انهيار سعر صرف الليرة، ففي حين بلغت قيمة القروض السارية بالليرة ألفا و600 مليار ليرة عند حصول الانهيار النقدي، أي ما يزيد قليلا على مليار دولار، تهاوت قيمتها لتبلغ ما يعادل 17 مليون دولار تقريبا، بما يعني أن خسائر المؤسسة تضاعفت 60 مرة.