من الصحف

استمرار توقيف رياض سلامة: ضغوط سياسية أكثر منها مبررات قانونية!

الاحداث- كتبت سلوى بعلبكي في صحيفة النهار تقول:"أعاد قرار محكمة تمييز فرنسية إلغاء الحجوزات التي فرضها القضاء الفرنسي على ممتلكات الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة في فرنسا وبلجيكا وبريطانيا، قضية استمرار توقيفه في لبنان إلى واجهة الحدث الإعلامي والشعبي.
وفاض التساؤل عن حجم انعكاس قرار القضاء الفرنسي على ملف سلامة أمام القضاء اللبناني، ومدى تأثيره في مجريات التحقيق من جهة، وإمكان إطلاقه المشروط من جهة أخرى.
سلامة الموقوف منذ 7 أشهر، بين سجن المقر العام لقوى الأمن الداخلي والمستشفى، بعدما أصيب بأعراض صحية، يحاول الحصول على إطلاق سراح عبر محاميه الذين يرون أن توقيفه بات يعتريه شائبة قانونية، بعدما تجاوز مدة الستة أشهر التي ينص عليها القانون.
فهل يُطلق سلامة قريبا بتأثير من قرار المحكمة الفرنسية، أو يبقى حبيس زنزانته ويراوح التحقيق مكانه، أسوة بمئات الملفات ذات الطابع المالي العام؟ ربما على سلامة الانتظار إلى حين يتبدل المزاج السياسي والشعبي، أو تقرر الأقدار مصيره.
الرجل سجين "إكسترا"، والاتهامات المبرمة في حقه سبقت الأحكام القضائية، على خلفية ضخامة الانهيار المصرفي والنقدي، و"شطارة" السياسيين اللبنانيين في التنصل من مسؤولية الشراكة في صناعة الإفلاس الجماعي الذي أصاب البلاد، ورمي المسؤولية على فريق واحد.
يؤكد وكيل الحاكم السابق لمصرف لبنان المحامي مارك حبقة لـ"النهار" أن توقيف موكله حتى هذا التاريخ غير قانوني، "إذ تنص المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أن مدة التوقيف الاحتياطي لا يجوز أن تتجاوز الستة أشهر. ومع ذلك، فإن توقيف سلامة قد تجاوز هذه المدة، وأي تمديد إضافي كان يجب أن يكون بقرار معلل، وهو ما لم يحدث في حالته. فإذا كان هذا الشخص مذنبًا، يجب أن يحاكم وفق معايير قضائية وموضوعية. أما إذا كان بريئا، فيجب أن نتحلى بالشجاعة لإعلان براءته من التهم الموجهة إليه".
وإذ يجزم بأن "القضية لها أبعاد سياسية"، يقول إن "سلامة موقوف احتياطيا على نحو مخالف للقانون، وعندما تحدث مخالفات قانونية، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو وجود تعامل شعبوي مع هذا الملف"، لافتا الى أن "الملف لا يزال قيد التحقيق حتى صدور القرار الظني".
إلى ذلك، أفادت مصارد قانونية أن مدة التوقيف الاحتياطي للحاكم السابق لمصرف لبنان يحب ألا تتجاوز الـ4 أشهر حدا أقصى في حالات الجنح. إنما هناك محاولات مستمرة لتمديدها من خلال تصنيف الحالة جناية، لتصبح مدة الحجز 6 أشهر قابلة للتجديد. ووفقا للمادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يخضع التوقيف الاحتياطي لشروط دقيقة ومحددة، إذ لا يصدر أمر توقيف إلا بقرار معلل.
 إذا، على عكس ما يشاع، تؤكد المصادر أنه "لا يمكن اعتبار التوقيف دليلا على الإدانة، كما أن التخلية لا تُعدّ دليلا على البراءة. فمن الناحية القانونية، يتطلب تبرير التوقيف الاحتياطي توافر أسباب واضحة، مثل احتمال هروب المتهم أو قيامه بالتواصل مع الشهود أو التأثير عليهم، أو محاولته إخفاء الأدلة المرتبطة بالقضية. إنما في حالة رياض سلامة، لا يبدو خطر الهروب واردا بسبب ظروفه الشخصية، كما أن الاتهامات الموجهة إليه موثقة من خلال حسابات مصرف لبنان، ولم يتم إنكارها، غير أن الشهود الآخرين أو الموظفين المعنيين قدموا إفاداتهم، بما يقلل من احتمال أي تدخل مباشر قد يؤثر في التحقيق".
وإذ تخلص المصادر إلى أن توقيف سلامة "لم يعد مبررا"، تذكر أن "للقضاء اللبناني تاريخا طويلا في هذا المجال، كسائر دول العالم الثالث، فنحن نمتلك نصوصا قانونية ممتازة، بيد أن تطبيقها يخضع لأهواء شخصية أو سياسية أو لتعليمات معينة. وأبرز الأمثلة التي تشير إليها المصادر هي قضية الضباط الأربعة الذين استمر توقيفهم من دون محاكمة من 2005 إلى 2009، حيث تم تصحيح المسار من خلال تدخل محكمة دولية".
ومع ذلك، ترى أنه "لا يمكن اعتبار توقيف سلامة قرارا سياسيا، لكنه يعكس استجابة دقيقة لضغط الرأي العام. كما أن الطبقة السياسية ليست متضررة من توقيفه، لأنه يخفف وطأة الإدانة الشعبية عنها، إذ ينظر إليه الرأي العام على أنه المسؤول عن اختلاس مبلغ 80 مليار دولار". 
وتختم: "يبدو أن القضاء يواجه ضغوطا لإبقاء سلامة قيد الاحتجاز، بدليل أن توقيفه لم يعد مبررا تقنيا وقانونا".