من الصحف

"فطر الجنوب" تحت المسيرات وإصرار على الانتخابات البلدية

الاحداث- كتبت صحيفة النهار تقول:"قد يكون لزحمة السير الخيالية الخانقة أمس في ثاني أيام عيد الفطر والتي كشفت تكرارا القصور الدائم في اتخاذ الحد الأدنى من الإجراءات الممكنة لتخفيف حجم هذه الازمة المزمنة المتروكة التي تنهش الكثير من عافية البلد والناس، أن هذه الزحمة سجلت إيجابية واحدة هي أنها شكلت استطلاعاً لمستوى قابلية لبنان على تلقف الاستقرار وتفاعل الناس مع موسم سياحي واعد في الصيف إذا مرت الأمور بلا خضات. ولعل من موجبات ترسيخ الاستقرار أن الحكومة تشدد على إجراء الانتخابات البلدية في مواعيدها طوال شهر أيار المقبل ويعتزم وزير الداخلية توجيه الدعوة إلى الهيئات الناخبة الأربعاء او الخميس المقبلين. وفي هذا السياق نفى المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء نواف سلام كل الأخبار المتداولة عن تأييده فكرة تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية. وأكد أن الحكومة ملتزمة بإجراء الانتخابات في مواعيدها، وهي تعمل على هذا الأساس.

 

ومع ذلك فإن تنعم اللبنانيين بعطلة الفطر لم يحجب رصد معالم القلق المتواصل حيال الوضع في جنوب لبنان علماً أنه يفترض بعد العطلة ان تشهد الحركة الديبلوماسية تفعيلاً ناشطاً من خلال المهمة المرتقبة للموفدة الأميركية إلى لبنان وإسرائيل مورغان اورتاغوس. كما أن المشهد الداخلي سيشهد تحريكاً متجدداً لأجندة الإجراءات التي انطلقت مع تعيين حاكم مصرف لبنان الجديد وبعض التعيينات القضائية إذ من المتوقع المضي قدماً في ملء الشواغر تباعاً وفق الأولويات المتفق عليها بين رئيسي الجمهورية والحكومة وفق آلية التعيينات.     

 
ولكن أولوية رصد الوضع في الجنوب ظلت متقدمة أمس في ظل تقارير أمنية رسمية سلطت الضؤ على حجم كثيف لتحليق الطيران الحربي الإسرائيلي والمسيّرات في أجواء مناطق الجنوب امس، مشكّلاً إطباقاً جوياً كاملاً، وفسره مطلعون بأن الجيش الإسرائيلي يبحث حالياً عن أهداف عبر الذكاء الاصطناعي لبناء معلومات إستخباراتية عن طريق اللقاءات الحتمية التي ستحصل بين العائلات والأصدقاء والمعارف بفعل عيد الفطر، كما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.

 

وذكرت هذه المعلومات أن المديرية العامة للأمن العام تمكنت من كشف متورطين بعملية إطلاق الصواريخ من منطقتي كفرتبنيت- أرنون وقاقعية الجسر. وقد كثفت شعبة المعلومات في الأمن العام في الجنوب- فرع الأمن القومي، حجم الاجراءات التي اتخذتها ورفعت وتيرتها بدرجات عالية، بعدما تم إلغاء كل المأذونيات وخاصة خلال فترة عيد الفطر، في وقت انطلقت عملية مسح شاملة في كل مناطق الجنوب لكل المشتبه بهم من لبنانيين ونازحين سوريين واجانب وخاصة في البلدات المحيطة بمناطق إطلاق الصواريخ المشبوهة منذ أيام، والتي اسفرت عن توقيف متورطين اثنين بهذه العملية، وتتولى دائرة التحقيق في الأمن العام التحقيق معهما واستجوابهما.

 

وفي هذا الإطار، تؤكد المعلومات أن التحقيقات التي يجريها فرع الأمن القومي في الجنوب ودائرة التحقيق في الأمن العام توصلت إلى خيوط متعددة تكشف الجهات التي تقف وراء عمليتي إطلاق الصواريخ المشبوهة باتجاه إسرائيل، وهناك تكتم على إعطاء معلومات تفصيلية حفاظاً على سرية التحقيق، ومن هنا كان الكشف عن توقيف متورطين بعملية إطلاق الصواريخ لتبديد الهواجس والقلق. وتحدثت المعلومات عن ستة موقوفين سوريين وفلسطينيين ولبنانيين لدى مخابرات الجيش اطلق منهم اثنان من الجنسية السورية. 

 

وعلى الصعيد الميداني رصد دخول آليات إسرائيلية إلى موقع بلاط المشرف على بلدتي مروحين وراميا داخل الأراضي اللبنانية التي تحتلها إسرائيل من بين النقاط الخمس، وبالتالي تمركُز الجيش الإسرائيلي في موقع بلاط يقطع الطريق العام الذي يربط منطقتي صور وبنت جبيل عند بلدة مروحين الحدودية، فيما لوحظت حركة لجرافات إسرائيلية تقوم بعملية حفر ورفع سواتر ترابية وأعمدة ثبتت عليها كاميرات مراقبة واجهزة تجسس، كما وضع الجيش الإسرائيلي جداراً إسمنتياً حول الموقع لتحصينه.
في غضون ذلك بدا لافتاً التقرير الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية وقالت فيه إنّ هناك "فرصة نادرة" للبدء في حوار سري مع الرئيس اللبناني جوزف عون قبل فوات الأوان، معتبرة أنه "رغم أن عون ليس صديقاً لإسرائيل، إلا أنه في الوقت نفسه ليس حليفًا لأعدائها". وأضافت الصحيفة "أن لبنان يعاني من أزمة اقتصادية خانقة، في وقت يسيطر فيه "حزب الله" على البلاد، وهو ما يجعل من تصريحات الرئيس عون فرصة نادرة للدبلوماسية الحقيقية، في ظل انهيار وقف إطلاق النار". ولفتت الصحيفة إلى "أن الرئيس اللبناني أبدى مواقف صعبة خلال زيارته الأخيرة إلى باريس نهاية الأسبوع الماضي، حيث كان عالقاً بين المبادرات الدبلوماسية والتوترات الإقليمية المتصاعدة".

 

وفي المواقف من التطورات الراهنة أعتبر امس المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في خطبة عيد الفطر،  أنّ "هناك من يحاول معاقبتنا لأننا مقاومة، ويصرّ على تركعينا لأننا في مواجهة الصهاينة، ويُجلب علينا لأننا أسيادٌ بوطننا، ويعمل على خنقنا لأن مشروعنا السيادي لا يقبل بتطويب البلد للصهاينة وحلفائهم". ولفت إلى أنّ "هناك من يصرّ على تركنا فوق الرُكام، كل هذا فقط لأننا يوماً حرّرنا لبنان، وهزمنا إسرائيل، وما زلنا ضمانة هذا البلد المظلوم؛ ولكنّ الخطير أن هناك من يريد أن يثأر لهزيمة إسرائيل عند تخوم الخيام. واللحظة مُرّة، وواقع البلد كارثي، والمشكلة بالنوايا، وفتيل الفتنة عند من يصرّ على محاصرتنا ومعاقبتنا". وقال: "هناك من يريد إذلالنا وتدفيعنا ثمن تحرير لبنان وقتال أسوأ كيان إرهابي في المنطقة والعالم، ولكننا أمةٌ لا تركع، وطائفة لا تعرف الذل"، مضيفاً: "لسنا ممن يخون لبنان، ولا ممن يقبل بمذلة أو حصار أو عقاب أو خرائط إنهاك وانقضاض، ولذلك أقول للقوى السياسية ومن يعنيه أمر هذا البلد: قوة لبنان من قوة شعبه وتضامن طوائفه وقدرة هذه الطوائف على ضمان مصالحها المشتركة بعيداً عن النزق السياسي، والدولة دستورية بمقدار دستورية مكوّناتها ووظيفتها الوطنية، لا خنق بعضها ونصب الكمائن للنيل من صميم مكوّناتها".

 

وقال: "نحن جماعة هيهات منا الذلة، ولا نصبر على المزيد من مشاريع الإذلال والإنهاك. ولمن يهمه الأمر: فليعرف أننا لن نكون صهيونيين، ولبنان لن يكون مُطبّعاً، ولن نسمح بتطويب لبنان لأي أحد لا لأميركا ولا لغيرها؛ وخياراتنا مدروسة، ونحن طائفة قدّمت كل ما لديها وما زالت تقدم أجيالها الأكابر، فيما البعض الآخر يتصيّدها ويدوس على صبرها وآلامها أمام أعين الخلائق. ولكن للصبر في النهاية حدود، واللعب بالنار يضع مصير كل لبنان بالنار". وقال: "إنّ السلاح الذي استعاد لبنان هو أقدس سلاح على الاطلاق، وشطبُه سيضعنا في مواجهة أخطر حدث يطال لبنان وصيغته السياسية ووجوده"، وتابع: "حذار اللعب بالنار، فالخطأ بموضوع سلاح المقاومة أكبر من لبنان والمنطقة، لأننا لم يعد لدينا شيء نخسره".