من الصحف

المفاوضات أو التصعيد… في الأيام الآتية؟ زيارة سلام تظهر عمق الرعاية السعودية لبنانياً

الاحداث- كتبت صحيفة النهار تقول:"ترصد الأوساط السياسية والديبلوماسية ما ستفضي إليه الأيام القليلة المقبلة بعد عطلة عيد الفطر لجهة التحرك الأميركي المرتقب مع عودة الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس الى لبنان وإسرائيل في تحرك يهدف الى انتزاع موافقة الفريقين بانتهاج طريق المفاوضات لإعادة تثبيت وقف النار والشروع في التفاوض حول الترسيم البري للحدود الجنوبية بين لبنان وإسرائيل. 

وتتحدث المعلومات التي تستبق مهمة اورتاغوس عن ضغوط تصاعدية متوقعة على لبنان للقبول بمسارات التفاوض المقترحة بوساطة أميركية علماً أن الجانب اللبناني لا يزال يلتزم الموقف المبدئي الذي يحصر أي احتمالات للتفاوض غير المباشر بالجانب الأمني حصراً أي إنهاء احتلال إسرائيل للنقاط الخمس في الجنوب وتثبيت وقف النار، إما التفاوض حول ترسيم الحدود البرية، فليس واضحاً بعد أي افق محدد يقترحه الجانب الأميركي لكي يعلن لبنان موقفه منه.

واستكمالاً للمواقف التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الى باريس قبل أيام، دعا ماكرون أمس إلى احترام وقف إطلاق النار في لبنان لضمان الأمن على جانبي الحدود، مشدداً على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. وأضاف: "أكدتُ لنتنياهو ضرورة الانسحاب من لبنان لاستعادة سيادته. على إسرائيل أن تنسحب بشكل كامل من لبنان".

 

أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقال: "فيما يتعلق بحزب الله في لبنان فهناك تطبيق صارم للغاية للاتفاق من دون أي تنازلات. هذه هي التوجيهات التي أصدرتها أنا ووزير الدفاع والحكومة للجيش الإسرائيلي، والجيش الإسرائيلي يقوم بذلك بأفضل طريقة ممكنة. نحن لا نسمح بالرشقات ولن نقدم تنازلات ولن نضع أي اعتبار"، وفق نتنياهو. كما حمّل الحكومة اللبنانية "مسؤولية عما يخرج من أراضيها، وعليها أن تتأكد من عدم خروجه من أراضيها. لن تكون هناك هجمات ضد إسرائيل من أراضيها. نحن نحترم دولة لبنان وجيشه، لذلك نطالبهم بأشياء تطالب بها ممن تحترمه".

 

وفي المقابل، أعلن الأمن العام توقيف مشتبهين بهم، و"بدأت الجهات المعنية التحقيقات معهم لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة". وكشف مصدر أمني لقناة "الحدث" بأن الجيش اللبناني أوقف بعض المشتبه بهم بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل. وأشار المصدر الأمني الى أن الجيش اللبناني وصل إلى خيوط قد تدلّ على الجهة التي تقف خلف إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، وبأنه أوقف سوريين وفلسطينيين مشتبه بهم بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على إسرائيل. وشدد المصدر الأمني على أن "الجيش اللبناني لن يتهاون مع أي جهة تحاول خرق وقف النار وهو مستمرّ بتطبيق الـ1701 ودورياته تقوم بعملها بعيدا عن الإعلام".

 

سلام وولي العهد السعودي 

 

وعلى أهمية هذا الملف المتصل بالواقع الساخن غير المستقر على الحدود الجنوبية بما يعرض الوضع للتدهور في أي لحظة، تركزت الاهتمامات أمس على تقصي أجواء ونتائج الزيارة التي قام بها رئيس مجلس الوزراء نواف سلام للمملكة العربية السعودية ولقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بما تركته الزيارة من دلالات بارزة إن لجهة اتساع الدور السعودي المتجدد حيال الواقع اللبناني وملفاته ومساراته الأساسية وإن لجهة إظهار الدعم القوي لكل من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام في مسار نهوض الدولة. 

 

وذهب بعض المعنيين برصد الدور السعودي الى الاعتقاد أن الرياض أظهرت من خلال زيارتي عون وسلام ورعايتها للمحادثات الأمنية بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري قبل أيام انخراطاً قوياً وعميقاً في الشأن اللبناني بات يشكل علامة فارقة لافتة يمكن الاستناد إليها في استقراء تطور مسارات نهوض الدولة في لبنان. ورأى هؤلاء المعنيون أن الرسالة الواضحة الأخرى التي برزت من خلال زيارة سلام للسعودية في عيد الفطر هي رسالة الدعم لموقع رئيس الحكومة والدفع الواضح نحو تمتين التنسيق المشترك بينه وبين رئيس الجمهورية، وهذا ما يتعين على الجميع فهم دلالاته في العمق.

 

وقد اختتم سلام أمس الزيارة التي قام بها إلى المملكة العربية السعودية، حيث أدى صلاة عيد الفطر في الديوان الملكي بقصر الصفا في مكة المكرمة، إلى جانب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الذي استضافه بعدها على مائدة فطور، تلاها اجتماع مغلق جرى خلاله البحث في مختلف الملفات ذات الاهتمام المشترك، وفي سُبُلِ تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وشكر الرئيس سلام ولي العهد السعودي "على حفاوة الاستقبال والاستضافة الكريمة، كما ثمّن احتضان المملكة العربية السعودية لمئات آلاف اللبنانيين العاملين على أراضيها" وأكد "ضرورة المضي قدما في تعزيز الشراكة بين البلدين، لا سيما ما يتعلق بمشاريع الاتفاقيات المعدة بينهما، منوهاً بالجهد المبذول من الطرفين للوصول إلى رفع الحظر على الصادرات من لبنان، والسماح بسفر الأشقاء السعوديين إليه، لافتاً إلى مضي لبنان بسياسة الاصلاحات، لا سيما المالية والمؤسساتية، من أجل تفعيل الاستثمارات والنهوض باقتصاد البلاد". كما أكد سلام "أن الحكومة اللبنانية ماضية أيضاً في بسط سلطتها على كامل أراضيها، بقواها الذاتية، وفق ما جاء في اتفاق الطائف، بما يحقق سلامة البلاد واستقرارها، ويوفر بيئة آمنة للمستثمرين والسياح، داعياً المملكة العربية السعودية إلى دعم لبنان في هذا المسار، ليستعيد ثقة أبنائه، وكذلك أشقائه العرب وأصدقائه في العالم.

 

من جانبه أكد ولي العهد السعودي "أن المملكة تقف دائماً إلى جانب لبنان، وهي حريصة على استعادة ازدهاره في المجالات المختلفة، وذلك من خلال إرساء الأمن والاستقرار، وإجراء الاصلاحات الضرورية، داعياً إلى وجوب الاستفادة من كل الفرص المتوفرة اليوم لتحقيق ذلك وللخروج من الأزمات المستمرة.  وشدد الجانبان اللبناني والسعودي على ضرورة عودة الأمن والاستقرار في سوريا، خصوصاً أن أي اهتزاز أمني تشهده سوريا سينعكس سلباً على لبنان والمنطقة. وقد شكر رئيس الحكومة اللبنانية ولي العهد السعودي على المساعي التي بذلتها المملكة لإطلاق مسار ضبط الحدود اللبنانية السورية وترسيمها، ومعالجة سائر النقاط العالقة بين البلدين.

 

وفي المواقف، من الوضع الداخلي قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة "أحد المخلع": "إذا تطلّعنا نحو لبنان، ونظرنا كيف تصرّفنا بعد كلّ أزمة ومحنة وحرب واحتلال، لتعرّض إيماننا بوحدتنا الوطنيّة. وبدا لنا أنّ صراعاتنا تنافس إرادة العيش معًا وتعطبها، وأنّ ذهنيّة الكسب تتفوّق على ذهنيّة التضامن، كأنّ لبنان مشروع مناصب لا مشروع دولة. نحن نأمل بعد كلّ المستجدّات في المنطقة ولبنان، وفي خضمّ اهتمام الدول الإيجابيّ بلبنان، وفي وجود رئيس للبلاد يصون الدستور ويحمي الوحدة الداخليّة ويحظى بالثقة الداخليّة والخارجيّة، أن يتحصّن الشعب اللبنانيّ والأحزاب بفلسفة إيجابيّة، وبنفسيّة متوقّدة وبشخصيّات ذات صدقيّة، وبتتويج لبنان بنظام الحياد الإيجابيّ، الذي يمكّنه من إداء دوره في رسالة السلام والحوار وحماية حقوق الشعوب والحريّات العامّة واحترام كرامة الشخص البشريّ والعيش المشترك المثاليّ بين المسيحيّين والمسلمين".

 

بدوره ميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة قال في عظة الأحد: "كم من شياطين تتلاعب بأبناء هذا البلد وقادتهم ويجب طردها بالصوم والصلاة، والتصميم والجهاد والإرادة الحسنة، وحفظ وصايا الله وتطبيقها. شياطين الكبرياء، والحسد، والمصلحة، والكراهية، والإستغلال، ورفض التغيير، والإستنفاع، والإستزلام، وغيرها من الشياطين التي أفسدت النفوس وخربت البلد، والمؤسف أنها ما زالت متغلغلة وتحول دون الإصلاح والتقدم في عملية إعادة بناء هذا البلد بإدارته ومؤسساته والمجتمع. كيف يبنى بلد وبعض أبنائه لا يؤمنون به؟ كيف يصلح مجتمع وبعض أفراده متمسكون بمصالحهم؟ وكيف يجتث الفساد من إدارة ما زال الفاسدون والمفسدون يحاصرونها ولا يرتدعون؟".