
أبطال الفيلم جوليا يورغو مايا و… أمّه
سمير حبشي ينقل سيرة نهاد الشامي إلى الشاشة
الاحداث- كتبت جوزفين حبشي في صحيفة نداء الوطن تقول:"تمنّت أن تعيش حياة مار شربل، لا مال ولا قصور، فتحقّقت أمنيتها. مثله عاشت الفقر والتقشُّف، ومثله تحلّت بالصبر والقدرة على التحمّل. تحمّل ظلم وقسوة حماتها التي كانت تضربها وتعذّبها، وتنهكها بأشغال البيت والطبخ والخبز والحقل والزرع والتحطيب، وسلاحها جملة واحدة: "آلامي لا تُعَد نقطة في بحر أوجاعك على الصليب يا يسوع". إنها نهاد الشامي، أعجوبة شفاء من آلاف أعاجيب قديس لبنان شربل مخلوف، في لبنان وحول العالم. قصّتها صارت فيلماً سينمائياً عرضه بات قريباً.
نهاد الشامي تحوّلت أسطورة إيمان وملجأ كلّ طالب لشفاعة مار شربل، خصوصاً في الثاني والعشرين من كل شهر. إنه تاريخ شفائها من الفالج الذي أصيبت به في 9 كانون الثاني 1993، وسبّب لها نشافاً في شريان العنق بنسبة 80% من جهة اليسار و70% من جهة اليمين. طبيب الأرض قال "فالج لا تعالج"، فلا أمل بالشفاء، لكنّ طبيب السماء كان له رأي آخر. أجرى لها القديس عمليّة جراحيّة في غرفة نومها بمنزلها، وترك على عنقها علامة تظهر في 22 من كل شهر منذ 32 عاماً من دون انقطاع.
بداية المشروع
منذ سنة بالتمام والكمال، أي في آذار 2024، بدأ المخرج سمير حبشي العمل على سيرة ذاتية سينمائية لنهاد الشامي، بعدما جمعته الإعلامية رانيا زيادة أشقر بعائلة نهاد وابنها عصام المهتمّ بإنتاج فيلم يضيء كنور الإيمان، على رحلة والدته مع جلجلة الشقاء ومعمودية المعاناة والصبر، التي تكلّلت بشفاء للروح والجسد.
سمير حبشي عاشق السينما، وابن البيئة اللبنانية وتربة بلدة دير الأحمر التي تمتدّ جذورها كشرايين القلب نحو بشرّي وبقاعكفرا، اهتمّ فوراً . التقى نهاد الشامي والعائلة، وبدأ مع علي مطر كتابة سيناريو فيلم "نهاد الشامي - للإيمان علامة"، هو مزيج من الدراما مع خاتمة وثائقية. ثم جمع حبشي فريقه الذهبي المعتاد، من مدير التصوير والمنتج المنفّذ ميلاد طوق، والمدير الفني نصري طوق، إضافةً إلى جيش من طلابه هو وميلاد طوق من "معهد الفنون"، الذين عملوا يداً واحدة وروحاً واحدة ومن دون أي مقابل، سوى الخبرة والإيمان بالقديس وبالسينما، لإنجاز الفيلم.
فريق الممثلين
"فيلم سينما" جاذب كبير دائماً لكلّ ممثل، فكيف إذا كان يروي قصة واقعية وإيماناً لا يتزعزع، من توقيع سمير حبشي وصورة ميلاد طوق، صاحبي الرؤية السينمائية المختلفة؟
القديرة جوليا قصّار، المبدعة إلى درجة النفور منها بشخصية حماة نهاد الظالمة، والآسر بحضوره يورغو شلهوب بدور زوج نهاد، لم يتردّدا لحظة. المدهشة مايا يمين (بِدَور نهاد في المرحلة العمريّة الثالثة) كانت خيار حبشي الوحيد مذ شاهد أداءها الساحر قبل عام في مسرحية "بيك نيك عَ خطوط التماس" التي استعادتها إخراجاً الممثلة جوليا قصار على خشبة "مسرح مونو" كتحيّة للراحل الكبير ريمون جبارة. مايا زادت وزنها حوالى 7 كيلوغرامات بكلّ طيبة خاطر، لتلائم أكثر الشكل الخارجي لنهاد الشامي في مرحلة النضج. على كلّ حال وزنها الفني والأدائي أثقل بكثير من وزنها الجسدي، تماماً مثل شقيقها غابريال يميّن و … "شقيق البط عوّام".
نهاد وأم سمير
وإلى قصّار وشلهوب ويمين، يشارك في الفيلم ميليسا سلامة (نهاد في سنّ الصبا)، وتيريزيا طوق (نهاد الطفلة)، ومارينال سركيس (بِدور أم نهاد) وجورج حرّان (والد نهاد) وأكثر من 80 شخصية. الجميع وافقوا فوراً، تحمّسوا سريعاً، ولم تفرمل الميزانية المتواضعة اندفاعهم، فكلّهم كانوا جاهزين ومستعدين. ومن الشخصيات المشاركة، نهاد الشامي شخصياً في شهادات حيّة. لكن بسبب وضعها الصحي، لم يكن ممكناً أخذ لقطات لها وهي تسير على طريق محبسة مار شربل والمسبحة في يدها، فما كان من المخرج سمير حبشي سوى الاستعانة "بدوبلير" استثنائية ، هي… أمّه.
مشهديّة تشكيليّة
صيف 2024، انطلقت مغامرة التصوير الخلّاب الذي جاء شبيهاً بلوحات تشكيلية متحرّكة جوّاً وأرضاً، بقاعاً وساحلاً، امتزجت فيها ألوان طبيعة لبنان شجراً وماءً، جبالاً وتربة. رؤية ميلاد طوق التصويرية زادت الغنى والسحر والجمالية والرمزية، على تلك السيرة الذاتية المغلّفة بالبساطة في الحبكة والإيمان في المناخ.
بدورها أزياء شارلي الهاشم والديكورات التي بنتها حِرَفيّة نصري طوق، نجحت في استعادة حقبة الخمسينات والستينات من القرن الماضي بكامل تفاصيلها ومناخاتها، إن الخارجية أو الداخلية، والتي يصعب تصديق أنّ بعضها مسرحه "معهد الفنون" في فرن الشباك. ولمزيد من المصداقية، استُعين بسرير نهاد الشامي ومرآة غرفة نومها اللذين كانا شاهدين على معجزة شفائها على يد "ختيار عنّايا". موسيقى إيلي برّاك الممزوجة بالنَفَس الشرقي والإيقاع الدرامي ونفحة الترانيم الدينية، حرّكت بدورها الأحاسيس، وأضفت على المشهديّة البصريّة والأدائية أجواء خاصة.
الموعد في العيد
في موسم عيد القيامة لدى الطوائف المسيحية، وتحديداً منذ 27 آذار الجاري، سيكون فيلم "نهاد الشامي - للإيمان علامة"، على الشاشات الكبيرة في كافة الصالات اللبنانية. لكن، هل هو فيلم دينيّ لجمهور مسيحي فقط؟ لا، فالشريط الدراميّ محوره قوّة الإيمان والصبر والتحمّل، سوف يأتيكم مطرّزاً بتصوير ساحر وأداء تمثيليّ قويّ قدّمه الممثلون والممثلات المشاركون فيه، ومتوّجاً بأعجوبة اجترحها قديس، المؤمنون به من كافة الأديان ومن بقاع الأرض قاطبة