من الصحف

جدل نيابي وقانوني حيال موازنة 2025: عتب على إصدارها بمرسوم وطعن في الأفق!

الاحداث- كتبت سلوى بعلبكي في صحيفة النهار تقول:"مع  بدء الجد الحكومي، وإنطلاق العمل المباشر على الملفات ذات الأولوية والضرورية لإنتظام عمل الدولة والمؤسسات، أقر مجلس الوزراء، موازنة 2025 بمرسوم، مشعلاً بذلك سجالاً دستورياً وقانونياً، لا يرغبه ولن يسر به حتماً الرئيسان جوزف عون ونواف سلام، خصوصاً أنه طليعة قرارات حكومتهما الجديدة.

في الشكل، استند قرار مجلس الوزراء إلى المادة 86 من الدستور (المعدلة عام 1990) التي تنص أنه "اذا لم يبت مجلس النواب نهائياً في شأن مشروع الموازنة قبل الانتهاء من العقد المعين لدرسه، فرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة يدعو المجلس فورا الى عقد استثنائي يستمر لغاية نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة. واذا انقضى العقد الاستثنائي هذا، ولم يبت نهائياً في مشروع الموازنة، فلمجلس الوزراء ان يتخذ قراراً، يصدر بناء عليه عن رئيس الجمهورية، مرسوم يجعل بموجبه المشروع بالشكل الذي تقدم به الى المجلس مرعياً ومعمولاً به".

 

بيد أن ما أشعل السجال ودفع بعض النواب وخبراء في القانون الدستوري إلى المطالبة بالطعن بالمرسوم الحكومي، والدعوة الى التحضير له، هو "إستغياب" الحكومة لبقية المادة 86 التي تنص صراحة على أنه "لا يجوز لمجلس الوزراء ان يستعمل هذا الحق، الا اذا كان مشروع الموازنة قد طرح على المجلس قبل بداية عقده بـ 15 يوماً على الأقل". وإستنادا الى هذه الفقرة، يمكن الطعن بمرسوم الموازنة وإبطاله، وفق تفسير المعترضين، على إعتبار أن مهلة الخمسة عشر يوماً لم تحترم حسابياً، وان الموازنة لم تعرض على المجلس النيابي، ولم توزع على النواب لمناقشتها.

 

أمام "يجوز، أو لا يجوز"، هل أصابت حكومة الرئيس سلام بإصدار الموازنة بمرسوم؟ وحصل ذلك تحت ضغط الوضعين المالي والنقدي المتردي للدولة، والحاجة ليست إلى إطلاق "الشغل" فحسب، بل إلى إطلاق العهد الذي ينتظره كثر"عا الكوع" ويؤمل الكثير منه. وهل كان الحل بإسترداد الموازنة، لتعديلها بما يتلاءم مع طموحات العهد والحكومة؟ أو أن ما حصل من إصدارها بمرسوم هو إنقاذ لها؟

 

التحضير للطعن!

بعض النواب يعد العدة للطعن بمشروع قانون موازنة 2025 إن كان حيال طريقة اقرارها أو حيال مضمونها، فيما لا يزال البعض الآخر يدرس صحة هذا القرار وقانونيته، ومنهم النائبة حليمة قعقور التي قالت لـ"النهار": "لسنا في وارد المزايدة والشعبوية، لذا سندرس خيارنا جيداً قبل قرار الطعن". وكذلك النائبة غادة ايوب التي أكدت لـ"النهار" أن الامور"ليست واضحة بعد". وإذ سألت عن المسوغ القانوني الذي يفترض الاستناد اليه للطعن، قالت" "المفارقة التي لم يلحظها أحد، أن مصدر التقصير هو مجلس النواب.

 

فالحكومة السابقة أنجزت الموازنة بتاريخ 4/10 وأحالتها على مجلس النواب، بغض النظر عن مضمونها سلبياً كان أم إيجابياً، لكن النواب لم يطلعوا عليها لمناقشتها، رغم إدراك الجميع أن مضمونها لم يعد يجاري الواقع، خصوصاً بعد الحرب، حيث الايرادات ستكون حتماً أقل في مقابل النفقات التي ستزداد حتماً. وتالياً أصبحت الحكومة الحالية أمام معضلة: إما أن تصدرها بمرسوم وفقا للمادة 86، وإما إعادة إرسالها إلى المجلس النيابي، لتكون النتيجة أن نبقى 6 أشهر على الأقل من دون موازنة، وعندها سنشهد التهافت على سلفات الخزينة. فيما "الانفاق على القاعدة الاثنتي عشرية، ففي رأيها هذا سيعيدنا إلى سيناريو 2006، ولن نستطيع الصمود أكثر من 3 أشهر."
وجزمت أنه "في حال أعيدت الموازنة إلى مجلس النواب، سنصوت ضدها لأنها لا تتضمن قطع حساب، وهذا أمر مخالف للدستور".

 

أما الوكيل القانوني للنائبة بولا يعقوبيان، المحامي نجيب فرحات، فأكد "أن المادة 86 من الدستور اجازت لمجلس الوزراء استثنائياً ان يصدر هذه الموازنة بمرسوم من ضمن شروط محددة ودقيقة لم تتوافر في حالتنا الحاضرة. سنطعن بطريقة اصدار الموازنة وبمضمونها لناحية المواد غير الدستورية منها".

 

وأمام التباينات حيال المرجع الصالح للطعن، يصر فرحات على "أن المجلس الدستوري هو المرجع الصالح بحسب المادة 18 من قانون انشائه. أما الاراء التي ترى أن مجلس شورى الدولة هو المرجع الصالح للطعن، فتستند وفق فرحات، الى قرارات للمجلس سابقة لانشاء المجلس الدستوري حيث كان النظر في هذا النوع من المراسيم فعلاً من صلاحية مجلس شورى الدولة، أما بعد انشاء المجلس الدستوري فقد اختلف الامر.

إذاً، النقطة الأولية في الموضوع تدور حول المرجع الصالح للنظر في الطعن، هل هو المجلس الدستوري ام مجلس شورى الدولة؟ هنا يجزم مرجع دستوري اننا في صدد الطعن بمرسوم، وهذا من صلاحية مجلس شورى الدولة، مستنداً بموقفه الى سلسلة من المبررات القانونية.