من الصحف

قانون تعويضات الأسرى في خدمة "الدويلة"
الدولة تُموّل مقاتلي "حزب الله" وتساويهم بالجيش

الاحداث- كتب ألان سركيس في صحيفة نداء الوطن يقول:"استطاع "حزب اللّه" التحكّم بمفاصل الدولة اللبنانية، وكان مجلس النواب الذي يعمل تحت رعاية النظام السوري، يسنّ تشريعات وقوانين تتحمّل أعباءها الدولة اللبنانية، فيدفع قسم من الشعب الضرائب بينما يستفيد "حزب اللّه" من هذه الأموال لتأمين وسائل الراحة لمقاتليه. يظهر ذلك بوضوح من خلال إقرار البرلمان عام 2001 قانون التعويضات للأسرى والمعتقلين في السجون الإسرائيلية الذي لا يزال ساري المفعول.

بدأت سيطرة "حزب اللّه" الفعلية تتكشّف بعد انتخاب العماد إميل لحود رئيساً للجمهورية عام 1998. يومها، أحكم الاحتلال السوري قبضته على الحكم وبات يُشرّع ويستعمل المؤسسات اللبنانية كما يحلو له.

 

بعد الانسحاب الإسرائيلي الأول في 25 أيار 2000، ساهم لحود والسلطة في تسخير موارد الدولة لـ "حزب اللّه" وبيئته، إذ تمّ حسم جزء من رواتب العسكريين لتحويلها إلى الجنوب، وزيادة رسوم الميكانيك، وفرض ضرائب لتعود بطريقة غير مباشرة إلى "الحزب" تحت ذريعة دعم الجنوب.

 

الأخطر من كل هذه الرسوم والضرائب، هو القانون الذي أقرّه مجلس النواب عام 2001 بطلب من "حزب اللّه" ولحود والسوريين، الذي اعتبر كل أسير، إن كان في السجون الإسرائيلية أم حتى في سجون جيش لبنان الجنوبي، كالعسكري في الجيش اللبناني، وأقرّت له تعويضات ورواتب لا تزال سارية حتى اليوم.

 

تمّ التحايل على القانون عبر إعطاء كل أسير لدى جيش لبنان الجنوبي راتباً تقاعدياً أو تعويضاً على مدى الحياة ولعائلته، الأمر الذي سمح لـ "حزب اللّه" بالتلاعب بالداتا، لأن جيش لبنان الجنوبي تمّ حلّه، وكان هناك عدد كبير من المعتقلين بتهم جرمية وجزائية كتجارة المخدّرات والسرقة. 

 

فجيش لبنان الجنوبي كان ممسكاً بالأمن الداخلي في المناطق المتواجد فيها ولا علاقة لبعض المعتقلين بالسياسة أو ما يعتبرونه مقاومة احتلال.

 

لا تزال الدولة تسير وفق هذا القانون، وقد استغلّ "حزب اللّه" نفوذه ووسّع دائرة المستفيدين منه من دون حسيب أو رقيب، خصوصاً بعد تحرير أسرى عام 2008، من ثم السيطرة على وزارة المال، ما كلّف خزينة الدولة ويكلفها أموالاً طائلة، تذهب لتمويل مقاتلي "حزب اللّه" أسوةً بالجيش اللبناني.

 

في التفاصيل، أقرّ مجلس النواب قانون التعويضات للأسرى في 16 آب عام 2001 ونشر في الجريدة الرسمية في 18 من الشهر ذاته في عدد 41 وفي الصفحة 3564 -3565.

 

ونصّت المادة الأولى منه على منح الأسير المحرر الذي قضى في الأسر لدى العدو الإسرائيلي أو لدى الميليشيات المتعاملة معه فترة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، تعويضاً مقطوعاً مقداره خمسة ملايين ليرة لبنانية عن كل سنة. ويعطى تعويضاً مقطوعاً مقداره مليونان ونصف المليون ليرة لبنانية إذا كانت مدة الأسر أقل من سنة.

 

ومنحت المادة الثانية من القانون حقوقاً للأسير على غرار الجيش اللبناني، إذ يحق للأسير الذي قضى في الأسر فترة ثلاث سنوات وما فوق اختيار، إما تعويض مقطوع عن سنوات أسره وفقاً لأحكام المادة الأولى من هذا القانون، وإما معاش تقاعدي مقداره أربعمئة ألف ليرة لبنانية، يضاف إليه عن كل سنة في الأسر تزيد عن الثلاث سنوات، نصف قيمة الدرجة التي تعطى لعسكري درجة أولى.

وتسري أحكام هذا القانون على كل أسير توفّي أثناء الاعتقال وكذلك الأسير الذي أصيب بإعاقة وفقاً لقانون المعوقين، على ألا يزيد عددهم عن خمسة وعشرين شخصاً.

 

واللافت هو المادة 3 من القانون التي تعتبر المعاش التقاعدي المخصص للأسير المحرّر، حقاً شخصياً ولا ينتقل إلى أي فرد من أفراد أسرته سوى إلى زوجته وأولاده وفقاً لقانون موظفي القطاع الإداري العام.

لا يزال هذا القانون ساري المفعول مع توسيع دائرة المستفيدين منه، خصوصاً بعد تعديل الحدّ الأدنى للأجور، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب، في حين لم يعامل الأسير المحرر من سجون الاحتلال السوري بالطريقة نفسها.

يقف مجلس النواب اليوم أمام استحقاق جدّي، فهل سيستمر بتمويل مقاتلي "حزب اللّه" بطريقة ملتوية، أم سيوقف مفاعيل هذا القانون، لأن القانون لا يبطل بقرار وزير بل يحتاج إلى قانون مثله في المجلس لإيقافه؟ 

 

وكيف يمكن للسلطة اللبنانية التي تحاول استعادة السيادة، معاملة عناصر "حزب اللّه" مثل عناصر الجيش اللبناني، وهل سيقبل الشعب اللبناني باستمرار دفع الضرائب لتمويل مقاتلي "حزب اللّه" خصوصاً أن القسم الأكبر من الأسرى عاد إلى عمله تحت راية "الحزب"؟ والأكثر استنزافاً للخزينة، هو استفادة الزوجة والأبناء من المعاش بعد وفاة المقاتل. فهل يتجرأ مجلس النواب على إيقاف الهدر ووقف تمويل "الحزب"، أو سيصرف النظر عمّا يحصل؟

 

لا يمكن لسلطة أن تبدأ مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد، من دون أن توقف العمل بموجب قانون صادر عام 2001 تحت الاحتلال السوري.

 

إن إيقاف مفاعيل هذا القانون يندرج ضمن أطر الإصلاح لمخاطبة المجتمع الدولي وجذب المساعدات، كما أن الاستمرار في عدم تصحيح المسار، قد يُعرّض الدولة لعقوبات لأن القانون لم يعد يخصّ الأسرى، بل بات قانوناً لتمويل "حزب اللّه" وبيئته من دون وجه حقّ.

 

لا شكّ أن المبالغ التي دفعت كبيرة جداً، وقد أقرّ هذا القانون عندما كان الحدّ الأدنى للأجور 300 ألف ليرة، والدولار بـ 1500 ليرة لبنانية، ومع فذلكة الاستمرارية وتقاضي الزوجة أو الأولاد راتب الأسير المتوفي، فهذا الأمر يعني استمرار هدر أموال الدولة وتمويل "حزب اللّه" بأموال شرعية وطريقة غير شرعية.

 

كما لا توجد شفافية في هذا الملفّ، وسط تكتّم عن عدد الأسرى المستفيدين من هذا الملف، والذي يصل إلى الآلاف، يُضاف إليهم الأسرى الحاليون بعد أن يتمّ تحريرهم.