
"الممانعة" تدقُ إسفين "التطبيع" لتوريط العهد
الاحداث- كتبت صحيفة "نداء الوطن": بعد حصول حكومة «الإصلاح والإنقاذ» برئاسة الرئيس نواف سلام على ثقة المجلس النيابي بـ 95 صوتاً، وانصرافها إلى وضع آلية تنفيذية للبيان الوزاري الذي يتماهى بالكامل مع خطاب القسم، والذي يشكل العمود الفقري لبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وتحريرها من الوجود الإسرائيلي ووقف خروقاتها، وإعادة الإعمار من خلال صندوق خاص ووضع برنامج الإصلاحات وإقرار آلية التعيينات على المستويات كافة، وعشية زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى المملكة العربية السعودية، لإعادة تمتين العلاقة معها وشكرها على مواقفها الأخيرة تجاه لبنان، لا ينفك إعلام الممانعة عن إثارة الفتن الداخلية، من خلال الترويج لسيناريوات، هدفها ضرب انطلاقة العهد ووضع عصي العرقلة في عجلة الحكومة الجديدة.
يهوّل إعلام الممانعة على الشعب اللبناني الذي سئم توريطه في حروب عبثية لا يزال يدفع ثمنها، بالحرب الأهلية مستنداً إلى تصريح المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي أعرب عن اعتقاده بإمكانية أن يلحق لبنان وسوريا بقطار التطبيع من خلال انضمامهما إلى اتفاقيات السلام الإبراهيمية، كما أعرب عن تفاؤله بشأن الجهود المبذولة راهناً لإقناع السعودية بالانضمام إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل.
سيناريو الممانعة «الجهنّمي»
رسم إعلام الممانعة سيناريو «جهنمياً» يجافي الواقع، ويتعارض مع مواقف وثوابت الرئيس جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام. يخلص هذا السيناريو، إلى تحول الولايات المتحدة الأميركية إلى خطة بديلة، بعد فشل إسرائيل في الإجهاز على «المقاومة»، تقوم على فرض واشنطن سياسات أكثر حدة في مواجهة «حزب الله»، وتسهيلها وصول الرئيس عون والرئيس سلام لدفعهما إلى خطة عمل تستهدف إزالة العوائق من أمام مشروع التسوية مع إسرائيل.
تحاول الممانعة من خلال إعلامها، التصويب في اتجاه ملف «التطبيع» الذي يعتبر في الوقت الراهن ملفاً حساساً للغاية، بهدف توريط العهد الجديد في دهاليزه ووضعه في مواجهة مع الموقف الأميركي الذي كان الراعي الرسمي مع الجانب الفرنسي لاتفاق وقف إطلاق النار الذي منح ضوءاً أخضر للإبقاء على الوجود الإسرائيلي في التلال الخمس الاستراتيجية وخلق منطقة عازلة، الموقف الذي ترجمه وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بقوله أمس، «تلقّينا الضوء الأخضر من واشنطن لبقاء قواتنا في المنطقة العازلة في جنوب لبنان ولا سقف زمنيّاً لبقائنا في المنطقة العازلة»، بالإضافة إلى خرق الجانب الإسرائيلي السيادة اللبنانية، في كل مرة يحاول فيها «الحزب» إعادة تموضعه وبناء بنيته العسكرية.
«التطبيع المقنّع»
ألا يعتبر التوقيع على هذا الاتفاق نوعاً من الإذعان والاستسلام والتطبيع المقنّع مع الجانب الإسرائيلي، على غرار مع حصل في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، والتي خرج منها لبنان خاسراً وطنياً وسياسياً واقتصادياً بعدما تنازلت السلطة اللبنانية بما فيها «حزب الله» عن الخط 29 الذي يشطر «حقل كاريش» إلى قسمين، الأمر الذي جعل هذا الحقل يخرج من حصة الإسرائيلي.
إن هذا السيناريو الذي يروج له «الحزب»، يتعارض بالكامل مع مشاركته في الحكومة، ومنحها الثقة على لسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في جلسة مناقشة البيان الوزراي، والذي أسهب في تعميم مبدأ الشراكة.
يخلص هذا التناقض بحسب مصادر، إلى تصاعد وتيرة صراع الأجنحة داخل الحزب الواحد، بين من يريد حقيقة الانخراط في العمل السياسي، وبين من يصر على العرقلة ورفض تسليم السلاح والتملص من اتفاق الهدنة الممهور بموافقة «الحزب» ورمي كرة إعادة الإعمار في ملعب الدولة اللبنانية.
هذا السيناريو غير الموفق لإعلام الممانعة، يصوب بالمباشر على رئيس الجمهورية الذي عُرف طيلة قيادته المؤسسة العسكرية، بمناقبيته ومواقفه الوطنية الصارمة في وجه الإسرائيلي، وعلى رئيس الحكومة الذي حقق من خلال توقيعه على قرار محكمة العدل الدولية التي كان يرأسها، إصدار مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، ما عجز عنه محور المقاومة وتحديداً سلاح «الحزب».
جنبلاط إلى جانب الرئيس
كل هذه الوقائع التي تطول، وتظهر زيف ادعاءات المحور وإفلاسه على المستويات كافة، تصطدم بالزخم الدولي الذي يحيط بقصر بعبدا، ومساعي الرئيس عون في المضي قدماً في عملية الإصلاح، منوهاً في الأمس بالمواقف الوطنية الجامعة لجهة الانفتاح على مبدأ الحوار، كما على التسليم بسقف الدولة اللبنانية في القضايا الوطنية الكبرى، والتي ظهرت في سلسلة مواقف بارزة في الأيام الماضية، مما يشكل أساساً يبنى عليه في ورشة الإنقاذ الوطني المطلوب.
كما لفتت زيارة الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، إلى القصر، وإعلانه الوقوف إلى جانب الرئيس ومواجهة التحديات وفي مقدمها بقاء الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب. ورداً على سؤال عن المطلوب من لبنان لترجمة الدعم العربي والدولي له، أجاب جنبلاط: «هناك جدول أعمال مقرون بإصلاح لنيل المساعدات التي اعتدنا الحصول عليها في مرحلة معينة من التاريخ. وبالتالي، لا أعتقد أننا سنحصل عليها من دون إصلاح لا بد منه، وقد أتى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بفريق عمل، أعتقد أنه يستطيع القيام بهذه الأمور».
زيارة سريعة إلى السعودية
وعشية زيارة الرئيس عون إلى المملكة العربية السعودية التي باتت مؤكدة الإثنين المقبل، علمت «نداء الوطن» أن الزيارة ستكون سريعة لشكر المملكة على مواقفها الأخيرة تجاه لبنان والرئيس، وستليها زيارات لاحقة لمناقشة مواضيع وملفات تهم البلدين.
الزيارة التي سيرافقه فيها وزير الخارجية يوسف رجي، لن تشمل توقيع اتفاقيات على عكس ما يشاع، لأن الحكومة اللبنانية شُكلت حديثاً، والبحث في الاتفاقيات يحتاج إلى دراسة بين الوزراء المعنيين في كلا البلدين وهذا ما يستلزم مزيداً الوقت.
وعن إمكانية إقرار دعم سعودي للدولة والأجهزة الأمنية، فالأمر لا يزال غير واضح ويتعلق بالقيادة السعودية.
وفي ما خص ملف التعيينات الإدارية علمت «نداء الوطن» أن الرئيس عون، يصر على اعتماد آلية شفافة واضحة، يتم الاتفاق عليها في مجلس النواب والإعلان عنها لاحقاً، انطلاقاً من أن العهد يتجنب أي «دعسة ناقصة» ويصر على إجراء «نفضة» إدارية شاملة.
أما بالنسبة إلى تعيين قائد جديد للمؤسسة العسكرية، فستكون الكلمة الفصل للرئيس عون ابن هذه المؤسسة، إيماناً منه بأن المرحلة المقبلة أمنية بامتياز، تحتاج إلى جدية في تطبيق القرارات الدولية، وفرض سلطة الدولة، إذ لا يجوز التلاعب بمصير ودور المؤسسة العسكرية، ومن هذا المبدأ يُفترض اختيار قائد على قدر المرحلة.
وختمت المصادر بالإشارة إلى إصرار الرئيس عون والرئيس سلام ووزير الداخلية أحمد الحجار على إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في موعدها، لاعتبارها استحقاقاً وامتحاناً مفصلياً للعهد والحكومة لا يجوز الرسوب فيه.