من الصحف

بكركي تطلق النفير
انخراط المسيحيين في الإدارة مسألة وجوديّة

الاحداث- كتبت كارين قسيس في صحيفة نداء الوطن تقول:"منذ بداية تشكيل الدولة اللبنانية الحديثة، كان للمسيحيين دور رئيسي في تأسيس النظام السياسي. تراجع هذا الدور بشكل ملحوظ، حيثُ بات يشعر العديد من المسيحيين بالإحباط نتيجةً لغياب تأثيرهم الفعلي وتهميشهم المقصود في العديد من مؤسسات الدولة.

يبدو أن هذه المرحلة قد تشهد تغييراً في مسار الأحداث، مع وصول الرئيس جوزاف عون إلى سدة الرئاسة، لتُؤكّد العودة القويّة للكتل المسيحية إلى قلب السياسة اللبنانية، لتفعيل دورها الحقيقي داخل المؤسسات.

الأب طوني خضرا رفع صوته، ولكن هل من يسمع؟

لفت رئيس جمعيّة "لابورا"، الأب طوني خضرا مراراً إلى خطورة غياب المسيحيين عن مؤسسات الدولة، وحذّر من أنّ هذا الغياب قد يؤدي إلى تهديد التوازن الذي يعتبر أساساً لاستقرار لبنان.

كما شدّد على أنّ التهميش أو غياب المسيحيين عن المؤسسات الحكومية والإدارية، يمكن أن يؤثر بشكل مباشر في هوية لبنان، التي تتميّز بتعدّديتها الثقافية والدينية، وبالتالي قد يعمّق الأزمة السياسية والاجتماعية في البلد.

 

إذاً، لا يوجد أي مبرر حقيقي لعدم انخراط المسيحيين في الإدارات العامة أو التأثير بشكل أكبر في مؤسسات الدولة، الأمر الذي سيسهم في استعادة الثقة بين المواطنين وتجديد الأمل بأن لبنان قادر على التعافي من أزماته الحالية.

 

لا يمكن الحديث عن الوجود المسيحي في لبنان من دون ذكر دور بكركي في الحفاظ على الكيان اللبناني خلال الأزمات العميقة التي مرّ بها لبنان. فقد كانت بكركي على الدوام صمام أمان، مرشدة السياسات الداخلية التي تحمي التوازن الطائفي وتمنع الانزلاق نحو الفوضى.

 

في هذا السياق، قال المطران بولس صيّاح لـ "نداء الوطن"، ثمة إقبال متزايد على انخراط المسيحيين في مؤسسات الدولة، لكنه لم يصل بعد إلى المستوى الذي نسعى إليه، خصوصاً أنّ العديد من المسيحيين يرغبون في الوصول إلى مناصب إدارية بشكل سريع.

 

أضاف، "يصرّون على انخراط الشباب في العمل الحكومي، والأحزاب المسيحية تشجّع مناصريها على ذلك، ولكن الواقع هو أن الكثير منهم يواجهون صعوبة في العيش بالراتب الذي يتقاضونه. ومع ذلك، فإنّ الوضع لن يستمرّ على هذا النحو".

 

ورأى صيّاح أنّ المشاركة في المؤسسات الحكومية تُعتبر مسألة وجودية، إذ إن الهدف ليس فقط الحصول على وظيفة، بل الحفاظ على الحضور المسيحي والمشاركة الفعّالة في بناء مستقبل البلاد.

 

صحيح أنّ بكركي، ومن خلالها الكنيسة المارونية، تعد مرجعيّة روحيّة هامّة ولها دور كبير في توجيه الشباب وتعليمهم القيم الوطنية والدينية. إلا أنها لا تتحمل العبء بمفردها لذلك، يجب على جميع الطوائف مساندة هذا الصرح في هذا الملف بهدف إنقاذ الوضع.

 

مطران أبرشيّة صيدا لطائفة الروم الكاثوليك، إيلي حدّاد، أوضح لـ "نداء الوطن"، أنّ الكنيسة تحاول دائماً تنظيم حملات في الرعايا لتوظيف المسيحيين في الإدارات العامة والسلكين العسكري والأمني، لكنّها كانت تواجه سابقاً تحديّات كبيرة بسبب الرواتب الزهيدة التي لا تشجّع على الالتحاق بهذه الوظائف، أما اليوم، فبات الوضع أفضل ممّا كان عليه في السابق.

 

ولفت المطران حدّاد إلى أنّهم على تنسيق وتعاون دائم مع "لابورا"، للتمكّن من تحفيز الأمور بشكل أكبر وتخصصي وهذا التعاون مفيد للغاية.

 

ورأى حدّاد أنّ هناك تجاوباً أكبر من قبل، خصوصاً لدى الإناث، وهو أمر لم يكن ملحوظاً في السابق، وتحديداً في الأمن العام والأمن الداخلي، كاشفاً أنّ الرواتب بدأت تتحسّن شيئاً فشيئاً.

 

وفي ما يتعلّق بدور الأحزاب في هذا الملف، اعتبر المطران حدّاد أنّ الأحزاب منشغلة بقضايا أخرى وبالشعارات، تركز على الشعبويات أكثر من مصالح المسيحيين، ونريد منها أن تعير هذا الملف اهتماماً أكبر لأنّ وجودها في الحكومة يعزّز تشجيع المحازبين على الالتحاق بوظائف الدولة.

 

لبنان اليوم بحاجة ماسة إلى استعادة توازنه السياسي والاجتماعي والاقتصادي، عودة المسيحيين إلى مراكز القرار في الدولة ليست مجرد مطلب سياسي، بل هي ضرورة وطنية تهدف إلى بناء دولة أكثر عدالة وفاعلية.