من الصحف

البرنامج مع صندوق النقد: عودة إلى النقطة الصفر

الاحداث- كتبت سابين عويس في صحيفة النهار تقول:"لحظ البيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام عزمها على التفاوض على برنامج جديد مع صندوق النقد الدولي، في التزام منها للجوء إلى الصندوق، من دون تحديد الأهداف التي تسعى إليها من خلاله، وهل سيكون برنامجاً للدعم الاقتصادي والمالي، أو لطلب الدعم الدولي من خلال بصمة الصندوق لإطلاق مشروع إعادة الإعمار، أو للأمرين معاً؟
كان واضحاً من الفقرة المقتضبة التي أدرجتها الحكومة في هذا الشأن رغبتها في عدم القيام بأي تعهد قبل أن تبلور رؤيتها للمقاربة التي ستعتمدها إزاء معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية، ولا سيما في شقها المتصل بأزمة الودائع. لذلك اختصرت التزاماتها بـ"إعادة هيكلة القطاع المصرفي ليتمكن من تسيير العجلة الاقتصادية"، مع إشارة مقتضبة جداً إلى أموال المودعين، وفيها أن "الودائع ستحظى بالأولوية من حيث الاهتمام من خلال وضع خطة متكاملة وفق أفضل المعايير الدولية للحفاظ على حقوق المودعين".
غابت الالتزامات عن البيان الوزاري وظلت تدور في فلك الغموض في انتظار الثقة البرلمانية، ما أثار خشية حيال النيات الحكومية في شأن مقاربة ملف الودائع، وخصوصاً أنه لم يرد أي التزام لرد الودائع أو إصدار تشريع يؤكد حق الناس في أموالهم. وهذا يقود إلى الاستنتاج أن المقاربة الاقتصادية الجديدة للحكومة ستنطلق من الصفر، مع إسقاط خطة التعافي التي أقرتها حكومة نجيب ميقاتي عام 2022، والاتفاق الأولي على مستوى الخبراء مع الصندوق النقد، والموقع في نيسان/أبريل من العام نفسه.
وبحسب معلومات "النهار"، لم يعد الاتفاق الموقّع مع حكومة ميقاتي صالحاً للاستمرار فيه، بعدما انقضت على توقيعه 3 أعوام، ولم تنفذ إجراءاته المسبقة، كما سجلت تطورات كبيرة استدعت إعادة مراجعته.
وفي أول موقف بعد تأليف حكومة سلام، عبّر الصندوق عن "تطلعه إلى العمل في شكل وثيق مع الحكومة الجديدة في إطار تعزيز الجهود المبذولة لتحقيق الإصلاحات الاقتصادية والمالية". ولهذه الغاية، يزور رئيس بعثة الصندوق إلى لبنان إرنستو راميريز ريغو بيروت مطلع آذار المقبل للتعبير عن دعم الصندوق واستعداده للتعاون مع السلطات المالية والنقدية الجديدة، والاطلاع على الخطوات التي تعتزم الحكومة القيام بها في ما يتعلق بالبرنامج مع الصندوق. وتلي زيارة ريغو زيارة بعثة من الصندوق لبيروت من أجل وضع تقرير جديد من خارج مهمة المادة الرابعة التي تأتي في مرحلة لاحقة، بهدف تحديث المعطيات والمؤشرات الاقتصادية والمالية، ولا سيما بعد الحرب التي تركت أضرارا وخسائر فادحة على الاقتصاد، وتستدعي عملية تقييم.
وفي حين كان نائب رئيس الحكومة السابقة سعادة الشامي يتولى رئاسة لبنان المفاوض مع الصندوق، ينتظر أن يتولى وزير المال ياسين جابر هذه المسؤولية الآن، فيما يترقب الصندوق تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي يتولى التفاوض المتصل بالسياسة النقدية، وخصوصاً أن للمركزي دورا أساسيا في أي خطة تعاف مالي وإعادة هيكلة للقطاع المصرفي تشكل أساس أي برنامج مستقبلي مع الصندوق.
للتذكير، فإن الاتفاق السابق شمل السياسات الاقتصادية التي يمكن أن يدعمها اتفاق للاستفادة من "تسهيل الصندوق الممدد"، مع طلب إتاحة موارد من الصندوق بقيمة تعادل 3 مليارات دولار بعد تنفيذ كل الإجراءات المسبقة المطلوبة في حينه، وتأكيد الدعم المالي من الشركاء الدوليين. وهدف "تسهيل الصندوق الممدّد" إلى دعم استراتيجية الإصلاح لاستعادة النمو والاستدامة المالية، وتعزيز الحوكمة والشفافية، وزيادة الإنفاق الاجتماعي والإنفاق على إعادة الإعمار. ويستكمل بإعادة هيكلة الدين العام الخارجي التي ستؤدي إلى مشاركة كافية من الدائنين لإعادة الدين إلى حدود مستدامة وسد فجوات التمويل.