من الصحف

هل يكون موعد 18 شباط اول انجاز للحكومة الجديدة؟!

الأحداث  - كتب جورج شاهين في صحيفة الجمهورية يقول:"تلاحقت المواقف المرحّبة بالحكومة الجديدة، واعتبرتها إنجازاً يساوي استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية، إلى درجة نُقل عن أحد الموفدين الدوليين أنّه، وإن كان انتخاب العماد جوزاف عون البند الرابع عشر غير المعلن عنه من تفاهم 27 تشرين الثاني، فإنّ تشكيل الحكومة الجديدة قد يكون البند الخامس عشر. ذلك انّ اكتمال عقد المؤسسات الدستورية كان شرطاً ملزماً لتنفيذ هذا التفاهم بكل مواعيده، ومنها موعد 18 شباط الجاري. وعليه ما الذي يقود إلى هذه المعادلة؟
بعد أسبوع بالتمام والكمال يستحق موعد 18 شباط الجاري، ذلك انّ يوم الاثنين المقبل تحول منذ 27 كانون الثاني الماضي الموعد الجديد لانسحاب القوات الإسرائيلية من القرى الجنوبية المحتلة والموزعة بالمفرّق بين القطاعات الثلاثة من الغربي إلى الاوسط وصولاً إلى الشرقي، بحيث انّها ما زالت تحتفظ بالمواقع الاستراتيجية التي توازي في انتشارها، وخصوصاً في القطاع الشرقي مع تلك المناطق المحتلة في سوريا امتداداً من قمة جبل الشيخ إلى "بيت جن" بعمق يختلف ما بين 7 إلى 10 كيلومترات، ما عدا المنطقة العازلة التي تعهّد الجانبان السوري والإسرائيلي باحترامها منذ حرب العام 1973.
على هذه الخلفيات، قالت مصادر سياسية وديبلوماسية، انّ من بين المناقشات التي عززت القبول الأميركي بالتمديد لقوات الاحتلال بتأخير تنفيذ الخطة المرسومة للانسحاب الإسرائيلي الكامل حتى آخر شبر من الأراضي اللبنانية، غياب الحكومة الفاعلة التي يمكنها ان تقرّر ما يمكن اتخاذه من قرارات إلى جانب رئيس الجمهورية الذي انتُخب في 9 كانون الثاني الماضي. وكل ذلك من اجل عودة جيش الاحتلال إلى ما وراء الحدود الدولية المرسومة منذ العام 1923، بمعزل عن الخلافات القائمة حول النقاط الـ13 الجاري التدقيق فيها بالتنسيق والتعاون مع القوات الدولية المعززة (اليونيفيل) تمهيداً لعملية تحديد وتظهير الحدود بالصيغة النهائية، والاستغناء عمّا يُسمّى الخط الأزرق في اعتباره خطاً للانسحاب الإسرائيلي في 25 أيار العام 2000 عملاً بما قال به القرار 425 بعد 22 عاماً على صدوره.
وانطلاقاً من هذه المعطيات التي بقيت مغمورة في الكواليس السياسية والديبلوماسية، ومن السيناريوهات التي تمّ تداولها في مرحلة البحث في طلب إسرائيل تأخير الانسحاب وردّها من الجانب الإسرائيلي إلى عدم جهوزية الجيش اللبناني لملء الفراغ الذي يحدثه انسحابه من مواقعه الحدودية. وهي النظرية التي رفضها لبنان على رغم من قبوله تمديد مهلة الأيام الـ60 إلى 18 شباط الجاري بدلاً من اليوم الأخير منه. وهو تسلّح في حينه بالشهادة التي قدّمها رئيس اللجنة الخماسية المكلّفة الإشراف على تطبيق التفاهم ومعه شهادة نائبه الجنرال الفرنسي. كما لا يُخفى على المراجع المعنية طريقة تعاطي الجيش اللبناني مع الانسحاب الإسرائيلي من القطاع الغربي الذي أشرف عليه الموفد الرئاسي الأميركي السابق عاموس هوكشتاين قبل 4 أيام على جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني الماضي.
وكل ذلك، تضيف المصادر عينها، انّ الجيش اللبناني لم يتخلّف يوماً عن ملء أي فراغ انتهى اليه الانسحاب في ساعات محدودة. فهو على أهبة الاستعداد للانتشار إلى جانب القوات الدولية. ولذلك إن قيل إنّ الأمر يجب ان يكون منفّذاً في عهدة حكومة كاملة الأوصاف الدستورية، فإنّ ذلك لا يصح. ذلك انّ الكلمة الفصل في أي تفاهم خارجي ودولي منوط بوجود رئيس للجمهورية، فهي من الصلاحيات الرئيسة بوجوده، ولا يمكن تجييرها إلى أي شخصية أو أي حكومة اياً كان شكلها، سواء كانت بكامل مواصفاتها او في حال تصريف الأعمال، وهو أمر بات متوافراً منذ فتح القصر الجمهوري ابوابه أمام الرئيس الجديد للجمهورية، في مرحلة سبقت الطلب الإسرائيلي بتمديد الاحتلال لأيام معدودة.
وانطلاقاً مما تقدّم، كشفت مراجع  ديبلوماسية، انّ زيارة نائبة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الاوسط مورغان اورتاغوس ومَن رافقها، مساعدة نائب وزير الخارجية لبلاد الشام ولبنان ناتاشا فرنشيسي بمشاركة السفيرة الأميركية ليزا جونسون، قد شكّلت مناسبة لتأكيد أهمية وجود حكومة بكل المواصفات الدستورية تواكب جهود رئيس الجمهورية في تنفيذ الإتفاق، من دون تناسي ضرورة ان يلتزم لبنان بما طُلب منه على مستوى جمع سلاح "حزب الله"، ليس على مستوى جنوب الليطاني وحسب إنما من كل مخازنه على الأراضي اللبنانية، ووقف العمل في مصانعه كشرط أساسي لوقف الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع مماثلة لم تقاربها بعد وحدات الجيش اللبناني. لكن ما شهدته بلدة الوردانية من مصادرة شاحنة أسلحة وذخائر كانت قد جُمعت من أحد مخازن البلدة، شكّلت اشارة إلى انّ لبنان جاهز لهذه المهمّة، ولكنها مهمّة تحتاج إلى وقت طويل يخرج عن مسار الأيام المحدّدة بمهلة الـ60 يوماً وتلك التي تمّ تمديدها حتى الأسبوع المقبل.
ولا تُخفى على المراجع عينها أهمية ترتيب الوضع على الحدود اللبنانية ـ السورية الشمالية والشمالية الشرقية بالتعاون والتنسيق مع وزارة الدفاع السورية الجديدة، كخطوة لا بدّ منها ليس لوقف التهريب وأعمال الإتجار بالبشر والمخدرات، بل من أجل حصر الحركة بالمعابر الشرعية المضبوطة من الجانبين، في انتظار التثبت من وجود أنفاق تمتد بين الأراضي اللبنانية والسورية والتي استهدفها الطيران الاسرائيلي في الساعات الماضية، كذلك استهدف المجموعات اللبنانية المسلحة التي كانت في مواجهة مع القوات السورية طوال ايام الأسبوع الماضي، وعُدّت خرقاً للتفاهم المحكي عنه.
واستناداً إلى كل ما تقدّم، تنتهي المصادر عينها لتقول انّ البحث في تمديد مهلة 18 شباط لن يكون نزهة بالنسبة إلى إسرائيل. فالإجراءات اللبنانية هي التي قادت في نهاية زيارة اورتاغوس لبيروت إلى اعلان أميركا بالتزامها بالمهلة الجديدة، وانّ لا تمديد لها، وهو ما عكسته الأجواء الإسرائيلية التي قالت انّه بعد تشكيل الحكومة اللبنانية ‏صدرت الأوامر بالانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان في 18 شباط المقبل. فمهمّة اورتاغوس ومواقفها الحادة من مشاركة "حزب الله" في الحكومة لم يكن لها هدف يتصل بما أُنجز من التشكيلة الحكومية، وهي كانت على قاب قوسين أو أدنى من الإعلان عنها، بل كانت حضّاً على تسمية الوزير الشيعي الخامس ورسالة مبكرة لمراقبة الأداء الحكومي في المرحلة المقبلة ودعوة ملحّة ليكون 18 شباط أول إنجاز حكومي، فينسحب الجيش الإسرائيلي من كل الأراضي اللبنانية، وهو يوم ليس ببعيد حيث سيثبت ذلك من عدمه.