«فيتو» أميركي على مشاركة «الحزب».. والحكومة من «الحقائب» إلى الأسماء
الاحداث- كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول:"يجد الرئيس المكلّف نواف سلام أنّه مطوق بين مطالب القوى السياسية وشروطها التقليدية، وبين الضغط الأميركي والعربي، في مساعيه المضنية لتأليف حكومة تواكب زخم الاهتمام الخارجي بلبنان لإعادة بناء الدولة وإنجاز الإصلاحات، ومسار التحول الاستراتيجي في المنطقة. وكلما حلّ عقدة رُفعت في وجهه عِقد، وكلما شارف على إنجاز مسودة وصلته بطاقة صفراء، واضطر الى إعادة الحسابات وخلط الأوراق.
ولكن هذه المعطيات المتشائمة بددتها أجواء متفائلة بحذر بقرب ولادة الحكومة شاعت مساء امس، حيث تتّجه الأنظار إلى زيارة سيقوم بها سلام إلى قصر بعبدا خلال الساعات الـ24 المقبلة حاملاً مسودة تشكيلة حكومية شبه مكتملة، للتشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون.
في وقت ذكرت قناة «الجديد» ان سلام زار عون مساء امس بعيدا عن الاضواء وعقدا لقاء تشاوريا حول التشكيلة الوزارية. لكن المصادر الرسمية المعنية لم تؤكد لـ«الجمهورية» حصول هذا اللقاء او تنفيه.
وقالت مصادر «الثنائي الشيعي» إنّ العقدة الأساس أي وزارة المال، قد حُلّت بالتوافق على شخص ياسين جابر تحديداً. وكان لافتاً أنّ القوى التي سمّت سلام، والتي تعترض على تمثيل «الثنائي» في الحكومة قد أطلقت مواقف مرنة في ما خصّ جابر. كما أنّ بعض الذين التقوا سلام أكّدوا أنّ اقتناعه بتسليم جابر وزارة المال بات راسخاً.
وتوقّع بعض المصادر أن يزور سلام قصر بعبدا مجددا في الساعات الـ24 المقبلة لعرض ما لديه على عون، مع تأكيد التزامه مبادئ التأليف التي أعلنها قبل أيام، من دون أي تجاوز، لتسهيل انطلاق العهد بحكومة قوية ومنسجمة.
لا «فيتو» على جابر
وعلمت «الجمهورية» من مصادر الثنائي ان الاجتماع الثالث الذي عقد امس بين سلام و«الخليلين» كان ايجابياً مثل سابقاته وقد احرز تقدما كبيرا على صعيد جوجلة الأسماء للحقائب الأربعة الأخرى كون المالية تجاوزت النقاش تمثيلا واسما. واكدت المصادر «ان الثنائي لم يسمع من سلام اي كلام عن «فيتو» على النائب السابق ياسين جابر بعكس كل مايتم تناقله في وسائل الإعلام، وقالت ان الرئيس المكلف لم يتراجع عن الاتفاق السابق او يغير فيه بعكس كل ما قيل، علما انه كان منذ البداية يميل إلى مواصفات ومعايير معينة في المرشحين، بعيدا عن الصبغة الحزبية.
وعلمت «الجمهورية» ان سلام يفاوض كل فريق بكتمان من دون ان يطلعه على باقي التشكيلة او يفصح له عن عقبات مع فريق آخر.
غير انّ مصادر مواكبة لعملية التأليف قالت إنّ الرئيس المكلّف متمسك بالمبادئ الأربعة التي أعلنها، ولا سيما عدم وجود تمثيل حزبي في الحكومة العتيدة. ويقول إنّه معروف في كل مسار حياته بأنّه لا يخرج عن المبادئ ولا يتراجع عن الالتزامات التي يتعهد بها أمام الجميع. ولذلك، هو لن يسمّي وزيراً للمال محسوباً على «ثنائي» أمل و»حزب الله»، لكنه يبحث عن المخارج الواقعية التي تسمح في النهاية بإزالة اعتراضاتهما، من دون أن تثير غضب خصومهما السياسيين.
وفي هذا الشأن، تقول المصادر إنّ فكرة تسمية النائب السابق ياسين جابر للوزارة أو الدكتور وسيم منصوري قابلة للبحث بالنسبة إليه. فهما يمتازان بالمواصفات المطلوبة في حكومته، وغير مصنّفين في الإطار الحزبي الضيّق، كما انّهما يحظيان بدعم قوى عربية وغربية، ومنها الولايات المتحدة التي يحمل جابر جنسيتها. ويتردّد أنّ من الأفكار المتداولة تسمية جابر او منصوري في المالية، مقابل شخصية محسوبة على القوى المقابلة بالأصالة في حاكمية مصرف لبنان، من أجل ضمان التوازن.
ضغط أميركي
وفي السياق، كشفت وكالة «رويترز» امس أنّ واشنطن تضغط على كبار المسؤولين اللبنانيين لمنع تسمية وزير مالية من «حزب الله» أو حلفائه، في محاولة للحدّ من نفوذ الحزب.
وقالت إنّ المسؤولين الأميركيين نقلوا رسائل إلى سلام والرئيس جوزاف عون مفادها أنّ «حزب الله» لا ينبغي أن يشارك في الحكومة المقبلة.
وقالت إنّ مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط مسعد بولس كان أحد الأشخاص الذين نقلوا هذه الرسالة إلى لبنان. ونقلت عن مسؤول أميركي أنّ السماح لـ«حزب الله» أو حركة «أمل» بترشيح وزير المال من شأنه أن يضرّ بفرص لبنان في الحصول على أموال أجنبية للمساعدة في تلبية فاتورة إعادة الإعمار الضخمة الناجمة عن حرب العام الماضي.
وأوضح أنّ الولايات المتحدة ليس لديها اعتراضات على تولّي شيعي المنصب لكنها لا تريد أن ترى «أمل» أو «حزب الله» يختاران الوزير مباشرة.
الموقف الفرنسي
غير أنّ مسؤولين فرنسيين اعتبروا أنّه «على الرغم من إضعاف «حزب الله»، فلا يجب تجاهل مطالب الطائفة الشيعية في لبنان، وإن لـ«حزب الله» دوراً في المشهد السياسي».
دعم مصري
إلى ذلك، اكّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في رسالة إلى الرئيس جوزاف عون، دعم مصر الكامل للبنان واستعدادها التام لمساندته في تخطّي تبعات الحرب الإسرائيلية الأخيرة عليه والمشاركة في عملية إعادة الاعمار، فضلاً عن التزامها دعم مؤسسات الدولة اللبنانية والجيش اللبناني لضمان انتشاره في كافة الأراضي اللبنانية بما في ذلك مناطق الجنوب.
نقل الرسالة، وفيها أيضاً دعوة رسمية للرئيس عون لزيارة القاهرة، وزير الخارجية المصري بدر احمد عبد العاطي الذي أكّد «الأهمية البالغة لتنفيذ القرار 1701 بكل بنوده ونصوصه وروحه من دون انتقاص».
وأكّد الرئيس عون للوزير المصري أنّ «لبنان متمسك بانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها خلال الحرب الأخيرة ضمن المهلة المحددة في 18 شباط المقبل»، معتبراً أنّ لبنان «يرفض المماطلة في الانسحاب تحت أي ذريعة كانت»، مشدّداً على «إعادة الأسرى اللبنانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل خلال حربها على لبنان».
ولفت إلى أنّ «المنطقة العربية تشكّل جسماً واحداً متكاملاً والتحدّيات تحيط بالجسم ككل»، مشدّداً على «أهمية التعاون المشترك للتمكن من اجتياز المرحلة الراهنة في المنطقة والمخاطر التي تحيط بها».
جولة على المسؤولين
وزار الوزير المصري ايضاً الرئيسين نجيب ميقاتي ونواف سلام، وقال: «نأمل بتشكيل الحكومة قريباً كي تستطيع بالتعاون مع الرئيس جوزاف عون والتفرّغ لإعادة الإعمار وفرض الأمن والاستقرار».
ومن عين التينة، حيث اجتمع مع الرئيس نبيه بري قال عبد العاطي: «أكّدنا على الأهمية البالغة لسرعة تكليف الحكومة وتشكيلها حتى تتولّى مواجهة التحدّيات التي يواجهها الشعب اللبناني، بخاصة ونحن نعيش في هذا الوضع الإقليمي المضطرب للغاية، وبالتالي لا بدّ أن تكون هناك حكومة لبنانية بتوافق لبناني، حكومة توافقية تعكس التوافق بين كل الشعب اللبناني الشقيق بكل طوائفه ومناحله وتوجّهاته».
ثم زار الوزير المصري البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، وأثنى على «الدور القيم الذي قام به البطريرك الراعي لناحية إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان وخطابه الداعي دائماً إلى وجوب احترام لغة الحوار والتعايش بين مختلف مكونات النسيج اللبناني»، لافتاً إلى التحيّات التي حمّله إياها كل من البابا تاوضرس والشيخ احمد الطيب إلى البطريرك الماروني وتقديره للقيادة الروحية في لبنان ولدورها الفعّال في نبذ العنف والإقتتال».
جعجع
وزار عبد العاطي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي أكّد أنّ «حزب «القوات» و«تكتل الجمهورية القوية» سيشاركان في الحكومة، من خلال اختيارهما شخصيات حزبية أو أكاديمية أو اختصاصيين». وشدد على «وجوب أن تعيد هذه الحكومة العتيدة القرار الوطني إلى داخلها، لا سيما الاستراتيجي والعسكري والأمني، وأن تكون فاعلة لا مجرد ملخص عن مجلس النواب كي تتمكن من القيام بدورها التنفيذي، وهذه مطالب طبيعية بديهية».
وعن حقيبة وزارة المال، قال جعجع: «من غير المقبول على الإطلاق تخصيص أي حقيبة لطائفة معينة». ورأى أنّ «هذه المرحلة الجديدة لا تحتمل وضع أي عقبة أو عرقلة أمام الحكومة»، وقال: «شئنا أم أبينا، سنتعاطى مع دول كثيرة، ويجب ألّا نختار أسماء قد تسبب أي إشكالية».
باسيل
وزار عبد العاطي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي أكّد «ثوابت «التيار» في التعاطي مع المرحلة الجديدة في لبنان، وضرورة المضي قدماً بإعادة بناء الدولة وفق التطلعات الإصلاحية المطلوبة».
حضور إيراني
من جهته، حضر إلى بيروت ايضاً نائب وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحيد جلال زاده، الذي زار وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، متمنياً «على الحكومة اللبنانية الشقيقة أن تبدي الاحتضان والرعاية للأخوة السوريين الذين نزحوا نتيجة المستجدات إلى لبنان من سوريا. علماً انّ عدداً منهم هم من أصول إيرانية ايضاً... وطلبنا منهم ان يكون هناك تعاون وثيق وبنّاء في تقديم أفضل العناية اللازمة التي يحتاجون اليها». وزار الموفد الإيراني رئيس مجلس النواب نبيه بري في حضور سفير إيران مجتبى اماني.
الجنوب
ميدانياً، اطّلع الرئيس عون من قائد الجيش بالإنابة اللواء الركن حسان عودة، على التقارير المتعلقة بالوضع في الجنوب، وطلب منه تفقّده والإطلاع على الوضع ميدانياً فيه، لاسيما بعد انتشار وحدات الجيش. كما بحث رئيس الجمهورية ومدير المخابرات العميد الركن طوني قهوجي الوضع في الجنوب.
اما ميدانياً، فتواصلت الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، وحرق جيش العدو ما تبقّى من منازل في بلدة كفركلا. وللمرّة الأولى منذ اتفاق وقف النار، شنّت طائرات إسرائيلية، فجر امس، غارات على مواقع بين منطقتي جنتا والشعرة عند الحدود اللبنانية-السورية، أدّت إلى سقوط ضحيتين هما: عباس الموسوي من بلدة النبي شيت، ووسام البرجي من بلدة علي النهري، وإصابة 10 أشخاص بجروح. ولاحقاً، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ الغارات استهدفت عدة أهدافٍ تابعة لـ«حزب الله» في منطقة البقاع، تضمّ بنى تحتية تحت الأرض لتطوير وإنتاج وسائل قتالية بالإضافة إلى بنى تحتية للعبور على الحدود السورية-اللبنانية، تستخدمها منظمة «حزب الله» لمحاولة تهريب الأسلحة إليها». وأضاف: «يُعتبر إطلاق مسيّرة الاستطلاع التابعة لـ«حزب الله»، التي كانت في طريقها إلى المجال الجوي الإسرائيلي أمس (الخميس) وتمّ اعتراضها من قبل سلاح الجو انتهاكًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان».
وتابع: «جيش الدفاع يظل ملتزمًا بالتفاهمات التي تمّ التوصل إليها بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، ولن يسمح بتنفيذ مخططات إرهابية من هذا النوع».